فتاوى مفبركة كاذبة

mainThumb

10-04-2013 11:57 AM

من أغرب الغرائب وأعجب العجائب ما تم تداوله خلال الأيام السابقة عن فتوى سخيفة مخجلة، جرى تداولها عبر أجهزة اعلام مغرضة تجيد التشوية وحرب الإشاعات، وتقوم على الكذب وتتبع استراتيجية معروفة لدى تلاميذ ميكافيليّ عنوانها : اكذب ثم اكذب، واستمر في الكذب حتى يصدقك البسطاء و السفهاء والجهلة وأصحاب الأجندات الخاصة.

هذه الفتوى لا أصل لها ولا فرع، ولم تصدر عن أحد العلماء المعروفين ولا المغمورين، ولم تصدر عن أية جهة محترمة تحظى بحد أدنى من العلم الشرعي أو ممن يحظى بتمثيل رسمي أو غير رسمي، ولم تصدر عن أية جهة إسلامية متطرفة أو غير متطرفة، سلفيّة أو غير سلفيّة، جهادية أو غير جهادية.

الفتوى تدل على ثقافة فكرية مذهبية محددة ومعروفة تسمى "بزواج المتعة" وهذا الزواج مرفوض عند جميع مذاهب المسلمين القديمة والحديثة، سوى مذهب واحد، يجاهر بحلّها ولا ينكرها سرّا أو علانية، وأتباع هذا المذهب هم من مؤيدي النظام السوري، وهي لا تمت الى ثقافة الأمة بصلة، بل هناك استهجان ورفض عميق لهذا النوع من النكاح الذي يمارس الآن من قبل فئات معروفة، وليست فتوى عابرة لديهم أو هامشية أو صادرة من مرجعية غير معروفة، بل هي أصل من أصول مذهبهم الفقهية.

ينبغي عدم تداول مثل هذه الإشاعات من دون تحقق من المصدر، ومن دون تحقق من الثقافة الدينية لأصحاب المذهب والأديان، ومن دون المام بالحد الأدنى بإلاختلافات التاريخية التي لا يجهلها العارفون، كما ينبغي عدم التحول بالخصومة السياسية الى درك الفتنة غير المقبول ولا يليق بمستوى الحوار بين المتخاصمين ولا تنتمي لشرف الخصومة.

هناك اختلاف معروف مع بعض الفئات السلفيّة والجهادية خاصة ببعض الفتاوى المتعلقة بتكفير بعض فئات المسلمين واستحلال قتالهم وبعض الفتاوى التي تجيز قتل غير المحاربين من نساء وأطفال غير مقصودين لذواتهم، وربما يكون هناك خلاف تاريخي في مسألة الخروح على الحاكم الظالم بالقوّة، وجواز استخدام العنف ضد رجالهم وأوليائهم، لكن لم يعرف التاريخ خلافاً صغيراً أو كبيراً بين جميع مذاهب أهل السنة على الإطلاق في مسألة "نكاح المتعة".

هذه الفرية ينطبق عليها قول العرب المأثور: "رمتني بدائها وانسلّت".

كنت أود تجاهل ما أطلق عليها "فتوى جهاد النكاح" وعدم الخوض فيها، لانها لا تستحق الإلتفات، لولا تكرار تناولها من عدد لا بأس به من الصحافين والكتاب على صفحات الجرائد الأردنية، ما اقتضى اطلاع عامة الناس على فتاوى المذاهب الثمانية المعروفة والمعتبرة لدى عامة المسلمين وهم: الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية والزيدية والإباضية والجعفرية الإثنا عشرية، أجمعت المذاهب السبعة الأولى على تحريم ما يسمى "نكاح المتعة" وهو الزواج المؤقت لمدة محددة صغيرة أو كبيرة ربما تكون ساعات أو أياما بأجر محدد، وحلله مذهب واحد فقط وهم الجعفرية الإثنا عشرية.

لم يتناول هذا الخبر سوى قنوات معروفة واذاعات معروفة وجهات وأطراف محددة معروفة بتأييدها للنظام السوري في حربه ضد شعبه الثائر، ولقد تم تصوير بعض الفتيات المتبرعات عبر هذه القنوات لتنفيذ هذه الفتوى، ولكن تبين بالوثائق عدم صحة هذه الصورة، وعدم صحة هذا الخبر، وهي مفبركة وليس لها أصل.

إن إتباع هذا الأسلوب في الحرب الإعلامية ضرب من ضروب الفتنة، وإستثمار واستغلال بشع للمسألة الدينية بطريقة غير مقبولة، لان تلحق الضرر بالأمة كلها بجميع مذاهبها وتدخل في باب التشويه العالمي للإسلام كله وللأمة العربية والإسلامية بكل مكوناتها واتجاهاتها.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد