الصفقة الصفعة؟!

mainThumb

03-12-2013 05:53 PM

هي بحق صفعة لرئيس الوزراء الإسرائيلي المتغطرس بيبي نتياهو، الذي إنتقل من المال والأعمال والتجارة في أمريكا، إلى السياسة في مستعمرة إسرائيل ،لكنه لم يتقن فن دراسة الجدوى السياسية من أي حركة يتوجب عليه القيام بها.ولذلك رأيناه وقد نجح في ذلك بسبب تأييد قطعان المستوطنين اليهود له ،يتمترس خلف تعنته ظنا منه ان ما يقوم به ما هو إلا دهاء السياسيين المحترفين،دون علم منه أنه وشارون على وجه الخصوص دقا عدة مسامير في نعش مستعمرة إسرائيل.

أحسنت إيران صنعا مزدوجا وجهه الأول ، الإتيان وعبر صناديق الإقتراع برجل إصلاح يقود السفينة وهو السيد حسن روحاني ، فيما كان الوجه الثاني يتمثل بالإتفاق مع الغرب الذي تقوده أمريكا في جنيف حول برنامجها النووي السلمي ،ولا داعي للغوص في تفاصيل هذا الإتفاق .

لقد سجلت إيران أنها لا عب قوي وماهر ،يستطيع اللعب بحبال السفينة بكل مهارة اللاعب الذي تدرب جيدا على لعبته ، وبات يتحرك بحرية ومهارة حتى لو أجبر على السير في حقل ألغام.ولست مبالغا أن هذا الإتفاق المفاجيء قد أذهل العالم وغير وجه التاريخ،وشطب رئيس الوزراء الإسرائيلي من خارطة الشرق الأوسط،بعد أن قالت إيران كلمتها الفصل للعالم وأظهرت أنها تمارس السياسة ليس وفق فن الممكن بل وفق الحضور وتأكيد الحضور على الساحة.

كما أن إيران بهذه الصفقة قد ثبتت موقفها وسياستها المتبعة في المنطقة ،وفتحت أمامها الآفاق لتمارس قناعاتها وفق ما تراه على انه مصالحها ،بمعنى أنها نجحت في سياستها التي إتبعتها في سوريا ،وكذلك في العراق رغم المآخذ على هذه السياسة،وبمعنى آخر لن تغيب إيران عن أي فعالية مفصل في المنطقة على الأقل.وسيضطر الجميع للإصغاء لها والإقتناع بأن الحكمة باتت إيرانية بعد أن ضاع صوت العرب.

كم كنت أتمنى لو ان العرب أبدعوا في فرض الأمر الواقع على الآخر بغض النظر عن ماهية هذا الآخر لكن بني قومي ضاعوا وأضاعوا ولم يعد أحد يحسب لهم حسابا ،رغم أنهخم يمتلكون الكثير الكثير من الإمكانيات والفضاء المتعدد الواسع ،فما فائدة المليار دولار في البنك على سبيل المثال لمن تم الحجر عليه بحجة السفه؟؟!!!

نجحت إيران بحكمتها في تسديد صفعة قوية مذهلة لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو ،بهذه الصفقة ولذلك نراه يتخبط يمنة ويسرة ،ويحاول قدر الإمكان لخبطة الأمور كي يعرقل الإتفاق لكنه وعلى ما يبدو لن يحقق مأربه لأن الحكمة الإيرا –امريكية ألجمته ولن يجعل التاريخ يعود إلى الوراء.

سيبقى يحاول ولن يألو جهدا لإعادة تلويث العلاقات الغربية –الإيرانية وخاصة امريكا التي يواصل الهجوم على ريسها باراك أوباما،وهو الآن يعقد صفقة مع عرابه في الكونغرس رون دروما الذي يعمل على تأليب الجمهوريين في الكونغرس ضد الرئيس أوباما الذي أبرم الإتفاق مع طهران،ويعمل أيضا على مواصلة ضخ المعلومات المضللة المناهضة لإتفاق جنيف مع إيران.

كما أصدر نتنياهو توجيهاته لعناصر مخابراته في العالم كي يختلقوا ويفبركوا إختراقات مفترضة من قبل إيران لإتفاق جنيف ،وبذلك يكون قد فضح نفسه وأظن أن هذه الضربة ستكون حسب المثل الدارج "ضربة مقفي"،لأن هذا الرجل ما يزال على وهمه بأن العالم يتنفس وفق الرئة الإسرائيلية.لكن ما يلوح في الأفق أن إسرائيل الغد لن تكون إسرائيل اليوم والأمس فقد إستفاق الغرب من غفلته وبات يدرك الحقيقة.

الشك وعدم الثقة هي مقوات وصورة أجواء العلاقات الأمريكية –الإسرائيلية وعلينا إن كنا معنيين بتغيير الواقع أن نغذي هذه الظاهرة التي نمت وترعرعت منذ مجيء الرئيس أوباما إلى الحكم قبل نحو خمس سنوات ،لأن أوباما الذي بدا لنا ضعيفا ،أظهر انه قوي المراس ولم يتنازل لنتنياهو.

المطلوب منا جميعا تقديم الدعم للرئيس الأمريكي أوباما حتى نبقي على نتيناهو يتقلى في المقلاة مثل حبة الفوشار،وها هو يتملق للكاثوليك مع أن البروتستانت بزعامة المصلح مارتن لوثر كينغ هو الذي أعاد افعتبار ليهود كونهم أهل السيد المسيح ويتوجب إحترامهم كرمى للسيد المسيح بعد أن كانت نظرة الغرب المسيحي لهم كما يعرفها الجميع ولم يجدوا سوى العرب والمسلمين لإنقاذهم من محاكم التفتيش. كما أن علينا العمل الجاد مع افدارة المريكية حتى لا يبقى المسؤولون الأمريكيون يعيشون في إطار التشكي من ممارسات نتيناهو ومراكز ضغطه في واشنطن مثل الإيباك وميمري وإجبارها على الحسم معه والعودة إلى ماقاله الرئيس المغدور جون كينيدي :إلى متى ستبقى إسرائيل فوق القانون؟

صحيح أننها فرحنا وتحمسنا لهذه الصفقة ،لكننا ملزمون بتثبيت مطالبنا من إيران ولعلها بدأت بأول مطلب وهو تطمين الدول العربية وخاصة الخليجية بعدم إستهدافها ،وان هذا الإتفاق لن يكون سيفا مسلطا عليها ،كما ان عليها حسم الأمور بالنسبة لقضية التشيع كما فعلت في موضوع تصدير الثورة .وعليها التفاهم مع دولة الإمارات العربية المتحدة حول الجزر الثلاث حتى لا تبقى هذه الجزر مثل قميص عثمان ،إضافة إلى حسم الموقف في العراق بعدم التدخل في شئونه الداخلية والسماح للعراقيين بتصحيح مسارهم حتى لا ينقرض العراق .

العرب هم أيضا مطالبون بما هو أبعد من ذلك،وهو عدم التذرع بمواقف إيران للإرتماء أكثر فأكثر في أحضان إسرائيل ،وموافقة نتنياهو على ما يدعيه بأن غالبية الدول لعربية تتحالف مع إسرائيل ضد طهران.

آن الأوان أن نسد هذه الثغرة التي تمدد الإسرائيليون فينا منها ،وها هو الثعلب الماكر رئيس مستعمرة إسرائيل شيمون بيريز سيلقي خطابا في الأيام القليلة المقبلة في دبي أمام 29 وزير خارجية عربي وإسلامي ،ولعل هذه الخطوة تمثل من الخطورة بمكان أنهم باتوا يتحدثون إلينا في بيوتنا بحجة أن في بيتنا "لص".



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد