شعارات الإصلاح بعثرة كلام

mainThumb

08-01-2014 08:06 PM

كثيرة هي المصطلحات التي تحتاج من الناطقين بها والمرددين لها ,والرافعين لشعاراتهم المتضمنة لها إلى إعادة المفاهيم التي تحملها تلك المصطلحات إلى مرجعياتها الأولية.وهذه المرجعيات الأولية ليست معنية بالمعنى الذي يحمله لفظ المصطلح اللغوي,فهذه صفة تكوينية للمصطلح,وإنما ما يعنينا في هذا المقام هوالمعنى السياسي, الذي يشير المصطلح إليه,والمضمون الاجتماعي والمحتوى الفكري له في مطابقته على أرض الواقع.

وفي واقع الحال الثقافي في العمل السياسي,لم نسمع بمصطلح الإصلاح سوى في المجتمعات التي ما زالت تعاني من رهاب العولمة,والانغلاق الفكري على ما تعتقد إنه يمثل  ما درجت عليه تسمية – خارطة الطريق-,والتي تتحدث عن الديمقراطية وفي ظنها أن الديمقراطية شبح يمكن تصويره بصورة رجل وقور,ولكنه مجرد صورة بلا نفع وبلا فاعلية.


الإصلاح لم يعد من المصطلحات السياسية السائدة والمعبرة عن حالة ما أو حاجة إلى شيء ما,وذلك ربما يرجع إلى بداية ثمانينيات القرن الماضي,عندما أيقنت المجتمعات الإنسانية أن عليها إن أرادت اللحاق بركب التقدم الحضاري بالتحول (وليس الإصلاح) إلى النمط الديمقراطي الذي تختاره بعناية وبما ينسجم مع تراث المحتمع الفكري,وسعة أفق مثقفيه,ومعاصرة علمائه لمتطلبات العصرنة ومواكبة مستجداتها ومخرجاتها.

نحن في عصر التغيير التغير بالتحول من حالة إلى حالة أخرى ربما تكون حالة نقيضة لها .وتمثل نقلة واسعة من مجال إلى مجال مختلف  من وضع نشكو من منجزاته ومن انعكاس نتائجه السلبية على الأوضاع السياسية والاقتصادية للمواطنين,إلى وضع يرتبط بخطة واضحة المعالم على طريق التغيير الذي تجني فيه المجتمعات ثمار منجزات تصبو إليها.

والفرق بين التغيير والإصلاح لا يكمن في وسائله التي تقتصر في حالة الإصلاح على تغيرات جزئية,أو تبديلات ظرفية على منهج العمل والأداء للمهمات والمشاريع التي تهم المواطن,وإنما جوهر الفرق في النوايا التي تكمن وراء دعوات الإصلاح التي لا ترى في التغير الحقيقي وإحلال الوسائل الحديثة بالفكر المتجدد يخدم أغراضها السياسية وأهدافها الفئوية,مثل المناداة بالديمقراطية والاستعداد العقلي والعلمي والسياسي والمبدئي كوسيلة عصرية ناجعة للبدء في عملية التحول نحو النمط الديمقراطي الذي تقره فئات المجتمع ومكوناته بالتوافق والتفاهم,أي عملية  المقرطة.

الإصلاح دعوة تقليدية أخذت موقعها في تراث المساعي الإنسانية الأولية القديمة التي تجاوز الزمن بمنجزاته التقنية والعلمية معظم معانيه,,ولم تعد تحمل مقاصده ما يستحق عناء التعاطي بها ومعها.والإصلاح ودعواته وقد أدركتها الشيخوخة لما تتضمنه تلك المعاني من محدودية التأثير في مجريات التغيير الفعلية وما تحمله معها من تبدلات هامشية على مسار عمل أو إدارة مشروع أو أداء مهات في المجتمع تتأثر العامة به.

التجارب العالمية التي يتولى الإنسان وضع مفرداتها الفكرية,والتي تخدم قضاياه المعاشية والنفسية لا خصوصية لها كما يتوهم أصحاب النظرة الواحدية إلى ىوضع الإنسان وإلى مستقبله.

والناس في كل مكان فوق هذه الأرض وإن أخذ يسبح في الفضاء,أو يقيم فوق السحاب ويسكن الكواكب والنجوم,هو ذلك البشر الذي خلقه الله بطبائعه وغرائزه البشرية والحيوانية وسلوكه السيكولوجي إزاء غيره من البشر أو ما يحيط به من عناصر البيئة وعواملها.وكن العقل في الإنسان أينما كان الأداة التي تفوقت على كل أداة,بل وضعت تصاميم كل أداة من الأدوات التي سخرها العقل البشري للإنسان  لخدمة أغراضه في الحياة الحرة الكريمة المتطورة والمتحررة من القيود التي تتجرأ على حرية العقل وما ينتجه من أفكار ويدلي به من آراء,ويبدع من مكتشفات ومبتكرات,تقف عيون البلهاء مبهورة منها.

ما يبدعه عقل إنسان بإمكان كل إنسان أن يستثمره, وتظل قيمة العقل الحقيقة متجسدة في احترام مخرجاته والعمل بما يفرزه من فكر وما يبينه من مناهج وما يكشفه عن مخبوءات تبدد وهم الجهل وجمود التفكير والتعلق بالأوهام والجري وراء الأشباح وتحطم الأسطورة التي تدب الرعب في نفوس لم تمتهن الاستحابة العقلية لكل ما تعتقد به وما تميزه بالعقل الذي أوصانا الخالق برعايته.وهنا يمكن لنا أن نضع مفهوم الإصلاح في وضع ما قبل إدراك دور العقل المتنور,وأن نضع التغيير في صف العقل وتوابعه الفكرية والتقدمية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد