النشامى يصنعون المجد والعراق يبارك الطريق

mainThumb
من الاحتفالات

11-06-2025 02:26 AM

في ليلةٍ تلوّن فيها ستاد عمان بألوان الفخر والإنجاز، لم تكن مباراة الأردن والعراق مجرّد مواجهة رياضية، بل كانت مناسبة وطنية تجلّت فيها معاني الاحترام، والأخوة، والانتماء. فما بين صفير الجماهير وأضواء الدرون التي حلّقت في سماء العاصمة، تنفّس الأردنيون الحلم الذي بات حقيقة، واحتفلوا بتأهل منتخبهم الوطني إلى نهائيات كأس العالم 2026، للمرة الأولى في تاريخهم، وكأن الكرة الأردنية قد أعلنت أخيرًا نضجها الكامل على المسرح العالمي.

ولأن التأهل قد حُسم مبكرًا، كان اللقاء مع العراق مساحة للتعبير عن الروح الرياضية في أبهى صورها. لعب العراقيون بروحٍ نقية، كأنهم يشاركون الأردنيين احتفالهم أكثر من سعيهم للفوز. هدفٌ جاء في مرمى النشامى لم يُخمد وهج الإنجاز، بل زاد من دفء اللحظة، حين امتزجت النتيجة بأجواء الود بين لاعبي المنتخبين، والمشجعين في المدرجات. وكانت اللمسة العراقية في الأداء شاهدة على نبل الخصومة، حيث الاحترام يسمو فوق التنافس.

لم تكن المدرجات عادية تلك الليلة، فقد كان الوطن حاضرًا بكامل هيبته. الملك والملكة وولي العهد والأمراء شاركوا الجماهير شغف اللحظة، فتجلّت صورة الأردن كما لم تُرَ من قبل: قيادة قريبة من شعبها، تحتفل معهم وتؤازر أبناءها. ارتفعت الهتافات لسماء عمان، "الشعب يريد سيدنا أبو حسين"، وانصهرت فرحة التأهل في وجدان كل من كان حاضرًا، أو تابع من بعيد.

وفي ختام التصفيات، لم تكن النتيجة هي ما شغل البال، بل الحدث نفسه، الذي فاض بالرمزية، وأعلن ولادة جيل جديد من "النشامى"، جيل عرف طريقه للعالمية، وترك بصمة تليق بطموحات هذا الوطن. تأهلٌ لم يكن وليد الحظ، بل ثمرة لتخطيطٍ، وعزيمة، ودعمٍ ملكي، وتلاحم شعبٍ بأكمله مع حلمٍ كان يبدو بعيدًا، فإذا به يتحقق في ستاد عمان، وتحت أنظار من كانوا في القلب، قبل أن يكونوا في المدرجات.

إنه يومٌ سيبقى عالقًا في الذاكرة، لا لأنه شهد هدفًا أو خسارة، بل لأنه مثّل القفزة التي طال انتظارها، وكان العراق شاهدًا نبيلًا على فرحة أردنية مستحقة، وجارًا شاركنا العُرس كما لو كان عرسه.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد