مساعدات مغمّسة بالدم والإرهاب

mainThumb
مشاهد مروعة

01-06-2025 04:17 PM

في زمن يتهاوى فيه ميزان العدالة الدولية، تتحول إسرائيل من كيان سياسي إلى نموذج فجّ لدولة تمارس الإرهاب المنظم تحت مظلة الصمت الدولي والدعم الأميركي. ما يجري في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 لا يمكن وصفه إلا بأنه إبادة جماعية ممنهجة، تستهدف المدنيين من نساء وأطفال بشكل رئيسي، ويقودها رئيس وزراء مطلوب للعدالة الدولية، بنيامين نتنياهو، الذي بات اسمه مرتبطًا بالمجازر والدمار والتجويع.

استخدام إسرائيل لآلية جديدة لتوزيع المساعدات في غزة، ليس بدافع إنساني كما تحاول تصويره، بل كأداة قذرة للقتل الجماعي والتهجير القسري. وزارة الصحة في غزة أكدت بوضوح أن هذه "المساعدات" ليست سوى مصائد موت. إنها تكتيك مدروس لتحويل المناطق الآمنة إلى مساحات قتل مفتوحة، حيث يصطف الجوعى في طوابير طويلة على أمل الحصول على ما يسد رمقهم، لكنهم يعودون إما جثثًا أو مصابين. المجزرة التي وقعت في رفح، وأسفرت عن استشهاد 32 مدنيًا وإصابة أكثر من 200 آخرين، تؤكد هذا التوصيف، خاصة بعد توثيق مشاركة شركة أمنية أميركية خاصة في إطلاق النار على المدنيين، ما يعني أن الجرائم أصبحت مشتركة، أميركية إسرائيلية.

المأساة لا تقتصر على القتل المباشر، بل تتعداه إلى القتل البطيء بالتجويع والمرض. إسرائيل تمنع مرور 3000 شاحنة مساعدات طبية تقف حبيسة في مدينة العريش، وتفرض حصارًا خانقًا على قطاع الصحة في غزة. المشافي في حالة انهيار تام، والماء غير صالح للشرب لـ90% من السكان، والأدوية ممنوعة، والأمراض المعدية تنتشر بلا مقاومة. إنها حرب من نوع آخر، تُشنّ على الأطفال والمرضى والعجزة.

ما يزيد المشهد مأساوية هو أن توزيع المساعدات يتم خارج إشراف الأمم المتحدة، وبآلية إسرائيلية بحتة تنقل المساعدات إلى ما تُسمى "المناطق العازلة"، وهي في الحقيقة مناطق يتم تجميع الجوعى فيها قبل إطلاق النار عليهم، كما حصل في أكثر من موقع. هذه المناطق تشهد حالات تدافع، إطلاق نار، طائرات مسيرة، مرتزقة بزي أمني يطلقون النار، كل ذلك بحجة تأمين المساعدات. أي عبث هذا؟!

منظمة "أطباء بلا حدود" لم تصمت، وأكدت أن الخطة الأميركية الإسرائيلية لتوزيع الغذاء فاشلة وخطيرة، بل قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية، لأنها تستخدم الجوع كأداة تهجير. وحتى الآن، أكثر من 178 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، وأكثر من 11 ألف مفقود، و300 ألف نازح يعيشون بلا مأوى، وكل ذلك يتم بدعم أميركي عسكري وسياسي، بل وبمشاركة على الأرض من شركات أميركية أمنية.

رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يتحمل كامل المسؤولية عن هذه الجرائم، ويجب أن يُحاكم أمام المحكمة الجنائية الدولية. ليس فقط بوصفه القائد السياسي والعسكري، بل بوصفه الشخص الذي أمر وغطى وشرّع هذه المجازر. ما يحدث في غزة لا يقل وحشية عن أي جريمة تطهير عرقي شهدها التاريخ، لكنه هذه المرة يُنفذ أمام عدسات الكاميرا وبتواطؤ دول تدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان.

السكوت الدولي على هذا الإجرام ليس موقفًا حياديًا، بل هو مشاركة ضمنية. العالم اليوم على مفترق طرق: إما أن يتخذ موقفًا حاسمًا ضد إرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل، أو أن يعترف بأنه تخلّى تمامًا عن القيم الإنسانية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد