دور التنمية الإدارية في التنمية الشاملة

mainThumb

16-03-2014 09:06 PM

تشكل التنمية الإدارية عنصرا مهما وفاعلا من عناصر التنمية الشاملة نظرا للدور الذي تلعبه المؤسسات الإدارية ذات الفاعلية العالية والقدرات المتميزة في وضع وتنفيذ خطط واهداف وبرامج التنمية، ولا يتأتى ذلك إلا إذا كان الجهاز الإداري ديناميكياً وقابلاً لاستيعاب المفاهيم والممارسات والأساليب والوسائل الحديثة في الإدارة وتوظيفها لخدمة أهداف التنمية، ونظرا لأهمية المؤسسات أصبحت السمة المميزة للدول العصرية التي تسعى دائماً لاستخدام افضل السبل المؤدية إلى التنمية الشاملة، وهذا بالطبع يتطلب تعزيز ورفع القدرات المؤسسية لدرجة تستطيع معها أن تضع أهدافها وتحدد وسائلها التنموية التي تسهم برفد وتعزيز مسيرة التنمية الشاملة بالإضافة إلى تنمية قدرات الإداريين العاملين للقيام بمهام التنمية بكفاءة عالية.

وفي حالة وضع خطط للتنمية الإدارية لا بد من الانطلاق من أوضاع إدارية مستقرة تحتاج إلى المزيد من التطوير، أي إحداث تغييرات مستمرة في هيكل تنظيم الدولة والأساليب الإدارية المستخدمة كلما استدعى الأمر لسد جوانب النقص الموجودة من اجل ملائمة التنظيمات والأساليب الإدارية القائمة (المستخدمة) للأهداف والسياسات العامة للدولة وبرامجها وخططها.

ولضمان درجة مناسبة من النجاح في إحداث التنمية لا بد من التوازن بين الأهداف العامة التي تسعى الدولة الى تحقيقها والوسائل المتاحة والتي من ضمنها الأجهزة الإدارية بكل ما تحتويه من مكونات ومفردات، فاذا حصل خلل في أي من طرفي المعادلة فان النتيجة ستكون الفشل الذي يعني ضياع الجهد والمال الذي يؤدي الى خلق وتعميق السمات الأزموية المتنوعة وعلى مستويات عدة في حال القبول والاستمرار بالوضع الراهن، وقد يكون ذلك من ضمن أسباب رئيسية أخرى في تعثر الخطط التنموية الشاملة للعديد من الدول النامية، اذ تشير نتائج العديد من تجارب الدول النامية الى ان مستوى الأجهزة الإدارية عند تبني خطط التنمية كان قاصرا عن إدارة التنمية بسبب الفرق الواسع بين طموحات وبرامج التنمية والقدرة على القيام بأعباء التنمية، ما يشير بشكل واضح إلى ضعف الجهاز الإداري للدولة، لذلك لا بد من سد هذه الفجوة إذا ما أردنا النجاح بتطوير الجهاز الإداري بكافة محتوياته ومفرداته بشكل مستمر، وتزويده بالكفاءات البشرية المؤهلة على كافة المستويات لكي يتمكن من القيام بأعباء التنمية.

ويتوازى مع ذلك أهمية التركيز على اختيار النموذج الإداري المناسب نظرا لدوره الفعال في الوصول إلى الأهداف المنشودة، فلا بد من اختيار النموذج  الأنسب الذي يتلاءم بشكل اكبر مع خطط واهداف وبرامج التنمية، إذ انه لا توجد طريقة واحدة مثلى لإدارة وتنظيم المنظمة، وقد يكون ذلك سببا آخر لتعثر الخطط التنموية في العديد من الدول النامية خاصة التي ركزت على النموذج البيروقراطي في إدارة أجهزتها على افتراض انه يصلح لكل زمان ومكان، وقد يكون تطبيق النماذج الغربية من باب التقليد في العديد من الدول النامية سببا آخر من أسباب التعثر بسبب الاختلافات الثقافية والبيئية .

لذلك لا بد أولا من إحداث التنمية الإدارية بالشكل المطلوب والانطلاق إلى الجوانب التنموية الأخرى الشاملة، أو الانطلاق المتوازن بين طموحات التنمية الشاملة وبين تطوير القدرات الإدارية، على افتراض ان التطوير في جانب لا بد ان يؤثر على جوانب أخرى فمثلا التنمية الاقتصادية تؤثر على التنمية الإدارية اذ تمدها بالموارد المالية اللازمة لشراء ألالآت المساعدة في تحسين وتسريع إنجاز العديد من الأعمال، هذا بالإضافة الى ضرورة أن تكون الخطط التنموية نابعة من البيئة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ومعبرة عن حاجة المجتمع الفعلية، وضمن القدرات والإمكانات المتاحة والتدرج للوصول إلى أعلى المستويات التنموية المرغوبة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد