فك الإرتباط بين الضفتين .. تمهيد لـ التسوية مع إسرائيل

mainThumb

16-11-2014 11:15 AM

كثيرة هي الحقائق التي تصدم الواقع وتضعنا في دجى التفكير وظلامية التصور ، بسبب إنعدام الشفافية والمعلومات ، والتصريح الصريح للأسباب والدواعي التي اظهرتها  على ساحة الأحداث المتسارعة ، كل ذلك  أيضا سببه إنعدام القيادة المؤسسية في الوطن العربي ، وإحتكار الحكم من قبل فرد واحد أحد ، وإن  رأينا العديد من الأشخاص المحيطين به ، وتندرج أسماؤهم في سلم الوظائف القيادية بدءا من رئيس الوزراء  ومن هم دونه،إذ يشي الواقع أنهم جميعا ليسوا صناع قرار ، وإنما هم منفذون لقرار الزعيم الأوحد.


من هذه الحقائق التي غيبت عنا  جميعا ، وبدت لنا الصورة  ظلا غير الحقيقة ،  تلك الخطوة المفاجئة التي إتخذها الراحل الحسين  في العام 1988 ،ومثلت ضربة قاصمة للشعور القومي والوطني الأردني والفلسطيني على حد سواء ، وإن وجدنا من يؤيدها ويقف معها  بل وتطوع لتسويقها، لكن أحدا  لم يتجرأ على كشف سرها ، وأعني من الجانب الأردني.


العارفون ببواطن الأمور يقولون أن الأمر نجم عن ضغوط أمريكية هائلة على الأردن الرسمي وعلى الراحل الحسين على وجه الخصوص، من أجل عزل الوضع الفلسطيني ، والإنفراد به ، كي يكون عامل إنفراط السبحة .
تمنع الراحل الحسين فيالبداية ،وكان كما  عرف عنه بارعا في المناورة ، ولكن راعي البقر الأمريكي"الكاوبوي"، يعرف جيدا ماذا يريد وماذا عليه فعله  ، وأي الأسلحة يستخدم كي يحقق أهدافه في هذا المسار،وجرى الضغط على الراحل الحسين  في القمة العربية في الرباط التي  قالت أن منظمة التحرير هي الممثل  الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، تلتها خطوة لم تكن مفهومة في قمة الجزائر حيث أعلن عن قيام الدولة الفلسطينية ،وعندها فرح من فرح وشكك من شكك وغضب من غضب ، وما تزال الحقيقة مغيبة عن الجميع.


ومن قبيل المناورة  ألمح الراحل الحسين في قمة العرب أنه يوافق على  أن تمثل منظمة التحرير الفلسطينية الشعب الفلسطيني، لكن وزير خارجية رونالد ريغان ، جورج شولتز زار المنطقةوشدد من ضغوطه على عمان ، كي تعجل  في فك افرتباط ،وأيقن الراحل الحسين أنه لا محالة   من الرضوخ للضغوط المريكية ، فأرسل رسالة إلى كل من الرئيس الأمريكي آنذاك رونالد ريغان، والمرأة الحديدية رئيسة الوزراء البريطانية مارغريت هيلدا تاتشر ، يعلن فيها عزمه على إجراء فك الإرتباط مع الفلسطينيين ، من أجل مصلحة الشعب الفلسطيني. وهذا يعني أن أمريكا كانت قد توصلت  إلى ما نشهده منذ عشرين عاما وإتسم بالعقم الشديد منذ تلك الأيام ،ولم يدر بخلد أحد أن هذه الخطوة كانت لتوريط الفلسطينيين ودفعهم إلى  توقيع إتفاق مع إسرائيل ، وأن يكون الأردن هو الثاني في عملية التوريط.


القصة بدات عندما سربت بعض الجهات المعنيةمعلومات  تفيد أن الراحل الحسين  بات جاهزا لحسم العلاقة مع إسرائيل بتوقيع إتفاق سلام معها ، وأن القيادة الفلسطينية ستخرج من المولد بدون حمص ،لا بطحينية ولا بغيرها ، ناهيك عن إحكام الهارب بزي منقبة  بن علي  ،الطوق على القيادة الفلسطينية بعدم رغبته في تجديد العقد العشري الموقع مع منظمة التحرير والقاضي بإستضافة قوات المنظمة في تونس ، وعدم رد العرب على رسائل الراحل عرفات بهذا الخصوص سوى  المخلوع حسني مبارك الذي رد برسالةمقتضبة قال فيها مخاطبا الراحل عرفات بالقول :إن القاهرة على إستعداد لإستقبالك أنت وأعضاء مكتبك فقط، دون التطرق للجحافل  الفلسطينية التي  خرجت من لبنان وإستقرت في تونس ، بعد أنأفلح وكلاء أمريكا في المنطقة بإقناع الراحل عرفات بالرحيل عن لبنان على إثر مواجهة شارون وجيشه صيف العام 1982 وحصار بيروت  لمدة 88 يوما ، وسط مرآى ومسمع القريب والبعيد، رغم التلوث الأثيري الذي كانت تطلقه تلك الأنظمة القومجية الكذابة المرتبطة اصلا بإسرائيل  حتى قبل قيامها.
رافق ذلك دخول  محمود عباس على الراحل عرفات وهو غارق في همومه  بعد رسالة بن علي ، وخاطبه بالقول أنه بات  ضروريا  الدخول في  حديث المحرمات ، فسأله الراحل :محرمات إيه يا عباس ؟فرد عليه :التفاوض مع إسرائيل ، وعندها أجاب الراحل عرفات :  الله يبقى إنت شريك معاهم ، إعملوا ما بدا لكم.


الغريب في الأمر أن  المخططين أبقوا على القوانين الأردنية سارية المفعول في الضفة الفلسطينية  ، وهذا ما ظهر في إتفاقيات أوسلو،وأن الكونغرس الأمريكي  والإتحاد الأوروبي أعلنا موافقتهما الفورية على قرار فك الإرتباط الذي أعلنه الراحل الجسين وأشادا به، وتفسير ذلك أنه جاء إستجابة لطلبهم، وهو توريط الفلسطينيين اولا مع إسرائيل ، بعد أن نجحوا في عهد المقبور السادات في عزل مصر ، وترك العرب مكشوفين بلا غطاء.


بعد توقيع  أوسلو  جاء رسول إلى الراحل الحسين وأبلغه أن الراحل عرفات أنجز ماعليه وسوف يشطب الدور الأردني ، وأن الحل الذي يفشل ذلك هو أن يوقع الأردن معاهدة سلام مع إسرائيل ، فكانت  معاهدة وادي عربة التي لم تثمر لا هي ولا أوسلو  ولا معاهدة كامب ديفيد سلاما مع مصر ، بل أينعت  مستعمرات في الضفة الفلسطينية والقدس وتعميق الحفريات تحت المسجد الأقصى ، وآخر ما تفتق عنه تفكير قادة إسرائيل  هو إعتراف الفلسطينيين بالدولة اليهودية في إسرائيل.
كان يجب توريط الفلسطينيين  مع الإسرائيليين  قبل الأردن ،ليقال هاهم الفلسطينيون أصحاب القضية فعلوها فلا تلومونا، وهذا ما جرى إذ أصبحنا نسمع كلما دق الكوز في الجرة أن أصحاب القضية وقعوا مع إسرائيل فلماذا لا تفعل ال

دول العربية الشيء ذاته؟
ما يجب أن يقال في هذا المقام أنه لا أمان لأمريكا أو بريطانيا  أو أي قوة عظمى في العالم ، وأن الإستسلام لرغباتها إنما يعد تفريطا بالمصالح وتضييعا للجهود ، فإسرائيل هي سيدة القوى العظمى لمهارتها في التعامل مع هذه القوى من منطلق الند للند ، والتكشير عن الأنياب المسمومة والمماطلة وإختلاق الأعذار والتهديد باللجوء للكنيست ، عكس الحكام العرب الذين يتخذون أعتى القرارات المصيرية  من بنات أفكارهم ، وبعد ذلك تقوم برلماناتهم الصورية بإقرارها، وهذا لا يخفى على القوى الكبرى.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد