مناقشة ساخنة لتجربة الإسلاميين في الأردن

mainThumb

30-12-2014 09:23 AM

 إختتم المؤتمر الإقليمي الذي نظمه مركز القدس للدراسات السياسية بعنوان "الإسلاميون  والحكم ...قراءات في خمس تجارب"، وهي بطبيعة الحال تونس ومصر والمغرب والعراق وتركيا ، وخصص في اليوم الثالث حلقة خاصة ختامية  إستغرقت نحو ثلاث ساعات ، لمناقشة تجربة الإسلاميين الأردنيين في الحكم.


تصدر المنصة كل  من دولة رئيس الوزراء الأسبق  د.معروف البخيت ، ومعالي وزير الخارجية الأسبق المعارض الجديد الجدي  د.مروان المعشر ، والقيادي في حزب جبهة العمل الإسلامي م.مراد العضايلة ، وترأس الجولة  صاحب المبادرة النائب د.مصطفى الحمارنة.


حضر الجلسة الساخنة  جمع غفير من كافة الأطياف السياسية الأردنية ، بالإضافة إلى من تبقى من الضيوف الذين شاركوا في المؤتمر الإقليمي من البلدان العربية ، وأدلى الغالبية برأيهم إن سلبا أو إيجابا في أداء الإسلاميين في الأردن .


إتسم النقاش بالتشنج والثارات وبالإتهامات المتبادلة بين  ممثلي الإخوان المسلمين ومن يمثل الدولة بغض النظر عن الصفة التي حضر بها ، حتى أن إسلاميين من خارج إطار جماعة الإخوان أسهموا بنقد أداء الجماعة.


تحدث د.البخيت عن نشأة الإخوان المسلمين  بطريقة شفافة  إلى حد ما، وقال أن الطرفين :النظام والإخوان وجدوا أنفسهم مضطرين للتعايش معا ، لكن  مستشار  الملك السابق عدنان أبو عودة  أكد أن العلاقة بينهما كانت تحالفا وليس تعايشا، ورد عليه  م.العضايلة عليه في  فسحة لاحقة  ،بأنه كان يعمل مع المخابرات الأردنية.


ما ألهب النقاش  إلتقاط القوميين واليساريين  لإشارة الهجوم على الإخوان، وقاموا بفتح ملفات الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي ، وأكدوا أن الإخوان  إنبثقوا من رحم النظام ،وأنهم كانوا رافعته الأساسية حتى توقيع معاهدة وادي عربة  مع إسرائيل ، حيث إنقلب عليهم، لأنه لم يعد بحاجة إليهم .


آخرون  إتهموا الإخوان المسلمين بأنهم أفسدوا العملية التعليمية  بعد تسلمهم في مرحلة سابقة ملف التعليم ، بمعنى أن إنحدار مستوى التعليم هذه الأيام  إنما سببه الإخوان المسلمون،وكان الإخوان المسلمون الذين يقدمون مداخلاتهم دفاعيين أحيانا وهجوميين في بعض الأحيان.


معظم المتدخلين  طالبوا الإخوان المسلمين بمراجعة مواقفهم وأدائهم، وقاد هذا التيار م.مروان الفاعوري أمين عام حزب الوسط الإسلامي السابق ، وإنزلق آخر بإتهامه للإخوان بأنهم  إقصائيون، وفي الخضم سمعنا صوتا مغربيا يسأل الإخوان :هل راجعتم مواقفكم؟


جرى الحديث الإتهامي  عن علاقات الإخوان بالتنظيم الدولي وحركة حماس وحزب جبهة العمل الإسلامي ، ولا  أدري ما مدى مشروعية  ومنطقية  هذا الطلب ، إذ كيفيمكن  مطالبة الإخوان في الأردن  بقطع علاقاتهم مع التنظيم الدولي الذيهو بمثابة الأم ، أو مع حركة حماس  الإسلامية ذاتالطبعة الإخوانية ، بغض النظر عن أمور أخرى تتعلق بحماس وظروف إنشائها في وقت متاخر جدا  من النضال الفلسطيني، وكذلك حزب جبهة العمل الذي هو الذراع السياسي للجماعة.


الحديث  المضحك أن هناك من إتهم الإخوان بالتبعية للخارج وتنفيذ أجندة خارجية ، والسؤال هل النظام العربي الرسمي برمته  يتصل بجبرائيل عليه السلام أوبالملك  "بفتح الميم واللام"رضوان حامل مفاتيح الجنة؟


الحقيقة أن الطلاق البائن  بينونة كبرى بين الدولة الأردنية وجماعة الإخوان ،  بدأ بعد توقيع إتفاقيات اوسلو عام 1993،  وتعمق شرعيا  بتوقيع معاهدة وادي عربة عام 1994،علما أن الأخيرة  جرى تمريرها في البرلمان الذي كان يضم 17 نائبا من الإخوان وعدد من النواب الإسلاميين من خارج  إطار الإخوان ، إذ إكتفى نواب الإخوان آنذاك بالإنسحاب من الجلسة ، ولو أنهم قدموا إستقالاتهم لسجل الأمر لصالحهم .


ممثل حزب الوفد المصري في المؤتمر عصام شيحا   أسهم بدوره في الهجوم على جماعة الإخوان  بدءا من مؤسسهم  حين البنا  الذي رغب بالعمل الدعوي والعمل السياسي معا  واصفا إياه بالشاطر حسن  ، ودعاهم  للسير ضمن فكرة المواطنة وقطع العلاقات مع التنظيم الدولي.
وضمن قفشاته المعروفة  إتهم د.معروف البخيت كلا من  د.مروان المعشر ود. مصطفى الحمارنة  بالسطوة الإعلامية  فيما يتعلق بالأجندة الوطنية ، وكان ذلك كما قلت من قبيل المداعبة ، لكن السؤال هو :هل يداعب السياسيون؟


تحدث د.البخيت عن إشكالية جمعية المركز الإسلامي الخيرية التابعة للإخوان المسلمين والتي وضعت الحكومة يدها عليها قبل سنوات  ،وقال أن الإخوان أنفسهم حاكموا القيادي محمد أبو فارس  ، كما طالب بتوحيد مرجعية الإخوان  المسلمين،وعدم اللجوء للخارج والفصل بين الجماعة وحزب جبهة العمل لفصل العمل الدعوي عن العكمل السياسي ، مبينا أن هناك إتصالات بين الإخوان وأمريكا.


د.المعشر صب مداخلته لأخيرة على موضوع واحد هو العلاقة المستقبلية  بين كل مكونات المجتمع الأردني السياسية والثقافية .


وقال أن الخطاب القومي فشل عام 1967 بعد "النكسة " وفقدان   الضفة الفلسطينية، وكذلك فشل الأيديولوجي ومعه الخطاب الإسلامي الذي كان شعاره "الإسلام هو الحل  "، الذي إفتقد ترجمته على أرض الواقع.


تساءل د.المعشر بأريحية  ملحوظة ، عن قدرتنا في الأردن على تبادل السلطة ، كما جرى في تونس ، وقال أن الدولة الأردنية "مثل الفريك لا تريد شريك"، وأنوه أن  هذا المثل من عندي ، وأن ما ورد على لسان المعشر هو أن الدولة لا تريد المشاركة مع أحد  ،لأن المشاركة تعني حرية الإعلام والمأسسة .


قال أيضا - وهو بالمناسبة  يعد قائد عملية الإصلاح العميق في الأردن لما يتمتع به من إنفتاح وغير ذلك- كونه ليس محسوبا على تيار سياسي  محدد في البلد ، أنه لا إكراه في السياسية بمعنى أن التداول السلمي  أمر محتوم ، لكنه أوضح أن الطرفين يرفضان ذلك ، كما أكد  ظاهرة حميدة في الأردن وهي أنه لا رفع للسلاح عندنا عكس ما يحصل في دول الجوار العربية.


وتساءل :هل نحن مستعدون لكتابة عقد إجتماعي جديد جيد من أجل الحياة السياسية في الأردن؟وطالب الجماعة بالإجابة على  الأسئلة المطروحة وعدم تأجيلها للمصارحة والوصول إلى حياة سياسية طبيعية.


العضايلة بدوره  تهكم على واقعالحال في الأردن  بعد الربيع العربي ، وأكد أن الوضع  مقلق في الأردن ، وأنه لا أمل لدى الأردنيين بسبب العنف المجتمعي والعشائري وعدم حل مشكلات الشعب الأردني الحياتية.


وقال أن الإخوان معروفون عند الدولة  بكل تفاصيل حياتهم  في إشارة صريحة لتسليط الجهزة الضوء عليهم ومتابعتهم ، حتى أن شيخ العشيرة الذي ينجح ببناء قاعدة عشائرية  عريضة  معه يتم  إستبعاده من الشيخة .


دعا العضايلة إلى المشاركة السياسية  حتى يقدم الإخوان على مراجعة لها ثمن ،مؤكدا أن هناك مراجعات داخلية مستمرة ،وأن الإخوان أنجزوا مراجعة إقتصادية شاملة وقدموها للقصر،وغمز العضايلة  من قناة بعض النواب في الأردن بأنهم تجار مخدرات .


كشف العضايلة أن  القيادي في حركة حماس خالد مشعل   إلتقى الملك عام 2012  ،وطلب منه الإتصال بالإخوان  لحثهم على المشاركة في الإنتخابات ، لكن مجلس شورى الإخوان  الذي يضم الحمائم كما يحلو للبعض أن يصفهم ، رفضوا ذلك الإقتراح ، وقد إتسمت مداخلته بالهجوم الصريح تارة وبالغمز واللمز تارة اخرى.


وأوجز د.الحمارنة بالحديث عن الإصلاح "التحتناي والفوقاني " من خلال إيراده أمثلة غربية على ذلك.


وختم  مدير مركز القدس للدراسات السياسية  عريب الرنتاوي الجلسة  بالقول ،أن هناك من يوفر الظروف للإستعصاء السياسي أن  يبقى حيا في الأردن، لغياب الإرادة السياسية للدولة في إختراقات حقيقية في هذا المجال ، وأنهناك حوارا ولا حوار في نفس الوقت  ،واصفا ما يسمى بالحوار الذييتحدثون عنه بالفلكلور والصفقات من تحت الطاولة ، وأن المطلوب هو حوار الأفكار والنخبة.
 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد