مذكرات معلم ـ لازمني سيارة !
الراتب : مسمى بطلق على المكافأة أو الأجرة التي يتقاضاها الموظف مع نهاية كل شهر ؛ نظير التزامه بعمله المتفق عليه مع القطاع العام أو الخاص ،
ولكن وكما يعلم الكثيرون ؛ فإن غالبية رواتب الموظفين لا تعمر طويلا” ولا تقاوم لمنتصف الشهر ؛ فهي أشبه بالطيور المهاجرة والتي تحوم فوق رأسك لفترة وجيزة ، وما إن تراها عيناك حتى تمضي بعيدا” وترتحل ؛ أو مثل أمواج البحر الخادعة والتي يركبها الكثيرون بفرح„ غامر ؛ وما أن تحملهم حتى تتلاشى من تحت أقدامهم بسرعو ؛ فسيقطوا في عرض البحر وهم يصارعون الحياة وينادون بلوعة شديدة : النجدة ؛ النجدة ...
الشهر لم يزل في بدايته ، والمبلغ المتبقي في جيبي هو : خمس وثمانون دينارا” فقط ، وهي تمثل البقية الباقية من راتبي بعد شرآئي للحاجيات الملحة للبيت ؛ وبعد تسديدي جزء” من ديوني ؛ وبعد دفع الفواتير والإشتراكات المطلوبة مع نهاية كل شهر والتي لا تقبل التأجيل ...
في تلك اللحظات الصعبة ؛ خاطبت الزوجة قائلا” لها : أتمنى بأن يمر هذا الشهر بخير ؛ وأتمنى بأن لا نضطر للكشف على الراتب قبل نهاية هذا الشهر ؛ وأن لا نضطر للإقتراض من أحد ... وقلت في نفسي إن أعسرت علينا الدنيا ؛ فهذا فصل الربيع كله خير ؛ ووجيات من قبيل : الخبيزة أو العكوب ... الخ ستساعد على إكمال الشهر بستر وستيرة وأمان ...
خطة مرسومة في الخيال وغير مضمونة النجاح أبدا” ؛ فهي خطة للعيش ولا تحتمل المؤثرات وتتأثر بالصدمات مهما صغرت ؛ خطة قد ينسفها هبة من الهواء تسببت بمرض وأحد من أفراد الأسرة ... وهذا الذي حصل ...
ففي إحدى الليالي المعتمة إرتفعت حرارة طفلي الصغير : محمد ؛ واجهش في البكاء ، وتلوى كثيرا” من الآم بطنه الشديدة ... وهي الأعراض التي لا تحتمل التأجيل ؛ لذا فقد لزم الإسراع بنقله إلى المستشفى الفريب دون تلكؤ ؛ ولا سيما بعد الأنباء المخيفة عن إنتشار داء ( الخنازير ) ببن الناس في هذه الأيام ....
في تلك الليلة الصعبة فمت بأحضار إحدى سيارات الأجرة الخاصة ، ثم نقلت الولد الى المستشفى الجامعي القريب ، وبعد يومين من المتابعات الحثيثة والعلاجات والتصوير ، أكد الأطباء بأنه مرضه : التهابات حادة باللوزتين وفي الأمعاء ...
وبعد اتمام العلاج قمت بدفع ستين دينارا اردنيا” ، وهي تمثل نسبة 20 % من تكاليف العلاج المقررة في المستشفى الجامعي ؛ وإذا أصفنا اليها أجور المواصلات ؛ فهذا يعني بإن الراتب قد تبخر سريعا” وارتحل !
وعندها دخلت في دوامه من التفكير والتحري ؛ فمنذا الذي سيقرضني الآن من ماله ، منذا الذي سيقرضني في زمان تحول فيه الكثير من أصحاب رؤوس الأموال إلى ما يشبه البنوك المتحركة يشترون لك ويبعونك على فائدة البنوك ونظام البنوك ... ثم قلت في نفسي : إذا كان علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه ) قد تذمر ممن كانوا حوله في زمان كانت الناس فيه أفضل بالأف المرات يوم وصفهم فقال : ( فما أكثر الأصدقاء حين تعدهم ولكنهم في النائبات قليل !!! ) لذا فلا شك بأن الأمر أصعب الف مرة في هذا الزمان ...
خلال دوامي المدرسي في اليوم التالي ؛ كانت علامات التعب والارهاق ظاهرة” على وجهي وعيني ... ولكن من الذي سيلتفت الي ؟ ومن الذي سيرحم حالي؟ وكان من الطبيعي أن يسئلك المدير : لماذا تأخرت يا أستاذ ؟ وكان من الطبيعي أن يقول لك مساعده المحترم : هيا أسرع لحصتك يا أستاذ ... وخلال الحصة فلا مجال للتفكير هناك في مشاكلك الخاصة أبدا” ؛ فالطلاب يجبرونك على إشغالهم بإي شيء ؛ وإن لم تفعل فسيشغلوك بمشاكلهم التافهة ، وسيتعبوك بصراخهم وازعاجهم ، وبعد نوبات متوالية من الصراخ والزعيق ، قال لي بعض الطلاب : يا أستاذ ؛ نريدك أن ترافقنا في رحلة مدرسية ؛ يا أستاذ !!!
لم أصغي لما يقولون ؛ ولم أستمع لمناشداتهم ، فالذي كان يدور في داخلي هو أصعب واكبر من أحلامهم ؛ والأسئلة في داخلي لا تنتهي : كيف سندبر مصاريف البيت لينتهي الشهر ؛ وبعد يومين من التفكير والبحث والإستقصاء ؛ اقترضت المبلغ من قريبي الذي يعمل معي في نفس المدرسة .
وقلت في نفسي : نهاية الشهر لم تزل بعيدة ؛ والمبلغ الذي معي قد لا بكفي أبدا” ؛ فلا بد من سياسة صارمة للتقشف ولضبط النفقات ...
بعد صلاة العشاء وقفت أمام سيارة بائع الفول الأخضر والذي قدم من إحدى القرى المجاورة للبلدة ؛ وقررت شراء كمية من الفول بفيمة ثلاث دنانير ؛ وأعطيته عشرة دنانير من جيبي ؛ ثم إنطلقت بعدها لقص شعري في الصالون القريب من دلك المسجد ، وبعد إتمام الحلاقه ؛ فتشت جيوبي كاملة لأجد بقية العشرة دنانير والمفترض أن البائع المتجول قد أرجعها لي ولكنني لم أعثر على شيء ، فذهبت لسؤال ذلك البائع : هل أعدت لي بقية العشرة دنانير بالفعل ، ولكنه كان مغادرا للمكان ؛ وهنا قررت تقصي أثر المبلغ على خط سيري الممتد بين صالون الحلاقه وبين البائع المتجول ، فلعله ساقط من جيبي أثناء السير إلى صالون الحلاقة ؛ وخلال بحثي عن المبلغ المفقود شاهدني بعض الطلبة فسلموا علي ثم قالوا لي باستغراب شديد : والله يا أستاذ : لازمك سيارة !!!!! فقلت لهم وبحزن شديد : صدقتم ؛ لازمني سيارة ... !!!
النشامى في المجموعة العاشرة بجانب الارجنتين
قلق أردني وإقليمي من تصريحات إسرائيلية بشأن رفح
أمانة عمّان تعلن الطوارئ القصوى بسبب الحالة الجوية
بوتين: اقامة دولة فلسطينية أساس قانوني لأي تسوية عادلة
البرلمان الألماني يقر إصلاح نظام التقاعد المثير للجدل
القاضي يشارك في إضاءة شجرة عيد الميلاد في الكرك
معان: العمل التطوعي خدمة للوطن وتعزيز للتلاحم المجتمعي
الزراعة: لا حالات غش في مهرجان الزيتون الوطني
ترامب يتسلم أول نسخة من جائزة فيفا للسلام
الأمم المتحدة تعتمد 5 قرارات لصالح فلسطين
الداوود يحرز الميدالية البرونزية ببطولة العالم للتايكواندو
ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة إلى 2,8% في أيلول
الملك: فخورون بتواجد اسم الأردن في قرعة كأس العالم
تخصيص 10% من أراضي مدينة عمرة للقوات المسلحة الأردنية
وزارة الخارجية تعلن عن وظائف شاغرة
وزارة البيئة تعلن عن حاجتها لتعيين موظفين .. التفاصيل
مجلس الوزراء يوافق على تسوية غرامات المبتعثين وفق شروط
الحكومة تعتمد نظاما جديدا للمحكمة الدستورية 2025
مجلس الوزراء يوافق على تعديل رسوم هيئة الأوراق المالية 2025
ماهي شبكة الذكاء الاصطناعي اللامركزية الجديدة Cocoon
الحكومة تقر نظام وحدة حماية البيانات الشخصية لعام 2025
لأول مرة منذ 14 عاما .. "آيفون 17" يعيد آبل إلى الصدارة العالمية
وظائف حكومية شاغرة ودعوة آخرين للمقابلات الشخصية .. أسماء
مدرسة الروابي للبنات هل خدش الحياء أم لمس الجرح
نجل رئيس سامسونغ يتخلى عن الجنسية الأميركية للخدمة العسكرية
فنان مصري ينفجر غضباً ويهدد بالاعتزال



