حماس .. إبدأ بنفسك اولا

mainThumb

23-09-2015 01:52 PM

الموروث الشعبي العربي غني بالقيم والمباديء والحلول للمشاكل التي نعاني منها ، وهو نور ينير الدرب  لمن ضل الطريق  وينجي من المهالك، ويقود  إلى بر الأمان ، وقيل أن الكيس من  إتعظ بغيره .
 
وما نحن بصدده هو : لا تنه عن خلق وتأتي مثله  ،  عار عليك إذا فعلت عظيم، و: إبدأ بنفسك أولا ، وهذه هي رسالتنا الواضحة  التي لا لبس فيها  إلى حركة حماس التي أوهمت الأمة الإسلامية  أنها حركة مقاومة إسلامية ، وبذلك إكتسبت الشرعية الإسلامية ، لكنها مع شديد الأسف إنتهت إلى ما سبقها من  "الثوار" ، ولم تتعظ من مصير  هؤلاء  الذين تخلوا عن القضية  وحتى عن مسقط رأسهم ، وأوهوا أنفسهم أن الحياة مفاوضات .
 
صحيح أن سلطة  رام الله  تولت حسب تعليمات  دايتون  حفظ أمن إسرائيل ، وتعمل على  قتل الروح الوطنية في الضفة الفلسطينية  ، لكن حماس هي الأخرى  تقوم بذات الشيء في غزة هاشم ، وبذلك تساوت  الفئتان ووجب خلعهما .
 
ما دعاني إلى كتابة هذا المقال هو دعوة حماس سلطة رام الله إلى  السماح للمقاومة أن تنطلق من الضفة ، وهذا ما يجعلنا نقول لحماس أنه من باب أولى ان تسمح هي للمقاومة هناك ان تنطلق من غزة ، لا أن  تحرس الحدود وتطلق النيران على  ركب من أراد المقاومة لأنها تريد أن تحتكر "المقاومة "لأنها رأت فيها  "مقاولة " ولا أظن  أننا مضطرين لقبول خدعة  العدوانات  الإسرائيلية على الأهل في غزة بحجة  القضاء على حماس ، وكما قلنا سابقا فإن المقاومة ليست فزعة  من أجل التصدي في وجه العدو ، بل هي عمل مستمر على أرض الواقع. 
 
إرتبكت حماس خطايا كثيرة  أودت ليس بها ، بل بالقضية الفلسطينية نفسها ، لأن خطأ حماس أكبر من خطيئة الآخرين ، لأن  أي تحرك تقوم به حماس ، إنما هو  شرعية دينية  يضاف إلى ما يطلقون عليها  :مبادرة السلام العربية ، ولذلك فإن الخوف على القضية الفلسطينية  بات من حماس  لدورها ومكانتها الدينية ، فالآخرون  حسموا أمرهم ، والشعب قال كلمته فيهم ، ولولا الغطاء الإسرائيلي لهم لكان مصيرهم فعليا  قد تحدد منذ زمن.
 
أتقنت حماس لعبة  المصالح والنطنطة على الحبال الرسمية ، وتأصلت في الأردن   بعد تسجيلها في وزارة الداخلية الإسرائيلية كجمعية خيرية ، في العام 1987 ووزعت بيانها  رقم 23 في الأردن  ، لكننا لم نسمع أو نقرأ البيانات من 1-22 ، وحظيت بمكانة  كبيرة  في الأردن إلى درجة أن مكاتبها  كانت  في عمان تحظى برعاية رسمية خاصة ، وكان مسؤولوها  ومنهم من يحمل الجنسية الأمريكية  ينعمون بدلال زائد ، إلى درجة أنهم كانوا يفرضون على الصحف أن تسمي مندوبين خاصين لها  ، وترفض التعامل مع مندوبي الشؤون الفلسطينية  في تلك الصحف وهذا ما حصل معي شخصيا ، ناهيك عن  أن الراحل الحسين  كان  يحتضنهم ويخاطب م.خالد مشعل بالتحديد ب:ولدنا خالد.
 
رغم هذه المكانة الخاصة لحماس في الأردن  ، إكتشفت الجهات المعنية  الأردنية ، أن  هذه الحركة أنجزت تشبيكا سريا  مع طهران دون أن تخبرها بذلك ،وهي  التي أنشئت لتكون مصيدة للزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ، بعد أن قرر المجتمع الدولي  ضرورة  إجراء مفاوضات بينه وبين إسرائيل ، وكانت الخطة  أن تكون حماس هي بديل المنظمة في حال رفض عرفات التفاوض مع إسرائيل ، وأن تتهمه بالخيانة في حال وافق ، وهذا ما حز في النفس ، ولذلك كان القرار الأردني حاسما ألا تبقى حماس في الأردن .
 
تدخلت جهات عديدة  لدى السلطات الأردنية  ومنهم دولة قطر  ، وآلت  الأمور إلى  ترحيل حماس إلى الدوحة ، ومن هناك إنطلقت  إلى سوريا  ومارست  سلطنة ما بعدها سلطنة  ، خاصة وأن علاقات منظمة التحرير كانت  سيئة مع النظام السوري الذي كان  يطمح بمصادرة القرار الفلسطيني واللعب بالورقة الفلسطينة ، وهذا ما جعل الزعيم الفلسطيني الراحل يختار أثينا  بعد صموده في بيروت  أواخر العام 1982 وتآمر الجميع عليه ، وكان النظام السوري  ينتظره كي يلجأ إلى دمشق ، وبالتالي كانت الخطة السورية  أن يدخل عليه ضابط سوري صغير  قبل أن ينزع  بوطه العسكري من قدميه  في أحد الفنادق ، ويؤدي له التحية ويخبره  بأنه قيد الإقامة الجبرية ، وعليه التوقيع على ورقة  تخول الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد حل القضية الفلسطينية بالطريقة التي يراها مناسبة .
 
قلنا أن حركة حماس لم تتعظ بخطايا  من سبقها ، كما انها لم تتعظ من  نفسها أيضا ، وكانهم لا يعلمون أن السفاح شارون  قرر إغتيال مؤسس الحركة الشيخ أحمد يسين الذي كان مقعدا  لأنه  أعلن  أن حماس  ،  تسعى من أجل التوصل إلى هدنة  طويلة مع إسرائيل ، الأمر الذي أدخل الرعب في قلب شارون ، لأن هذا التصريح  ينسف كل الرواية الصهيوينة التي تقول ان العرب جميعا يريدون  إطعام اليهود للسمك في البحر المتوسط ، وبالتالي أصدر شارون امره  بإغتيال الشيخ  المقعد يسن ، ومع ذلك كرر الخلف خطيئة السلف وهام يكررون نفس الخطيئة  بالدعوة إلى  هدنة مع إسرائيل مقابل سماح إسرائيل لحماس بتأسيس إمارة إسلامية في غزة ، وإعطائها ممرا .
 
ليس سهلا على من هو مثلي الغوص في هذه التفاصيل لأنها تؤذيني نفسيا قبل أن تؤذي أصحابها ، لكن الحقيقة يجب أن تقال ويقرع الجرس ، فحماس أيضا لم تتعظ حتى من النظام الرسمي العربي ،  وكما هو معروف فإن النظام السوري  وبرعاية  من  رئيس وزراء تركيا  أردوغان  في العام 1988  ، شارك في مفاوضات  مع إسرائيل في أنقرة لثلاثة أشهر قيل أنها  غير مباشرة ، وأن أردوغان أنجز إطار إتفاق  يضمن بعودة الجانب السوري إلى شاطي بحيرة طبرية ، ووافق الوفد الإسرائيلي على ذلك .
عندها إستدعى أردوغان رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك  إيهود  أولميرت وأطلعه على الإنجاز ، لكن  أولميرت  لم يعجبه ذلك وقال  لمضيفه أنه يرغب بالعودة  من أجل التشاور ، لكنه  هرب إلى الأمام وشن عدوانا همجيا على  قطاع غزة بحجة القضاء على حماس ، وها هي حماس تتفاوض مع إسرائيل في انقرة  من أجل التوصل إلى إلى هدنة ، دون ان تعلم أن إسرائيل لم توافق على  السلام مع سوريا  ، لكنها  مؤقتا  ستوافق على  هدنة حماس ، لعدة أسباب أن هذه الهدنة ستعمق الإنقسام الفلسطيني  وتسهم في شطب القضية الفلسطينية ، وفي نهاية المطاف فإن إسرائيل ستوعز إلى صنيعتها الثانية داعش للقضاء على حماس في غزة  في حال رفضت  بيعته ، وتكون  غزة قد آلت إلى إسرائيل مجددا  وبعمامة الحاخام 
شمعون إيلوت  المتنكر بشخصية  أبو بكر البغداي   كبير خوارج داعش.
 
 رغم  تقلباتها التحالفية ، فإن حماس لم تتقن لعبة التحالف فقد إنسحبت من سوريا بضجة  وإتخذت موقفا  معاديا من إيران ، وإلتفت على تركيا  وهناك من يقول أن  عناصر من حماس تقاتل في اليمن  إلى جانب قوات  التحالف وفق التحالف الجديد ، علما ان الراحل عرفات  رفض عرضا  مغريا   مقابل مشاركة قوات منظمة التحرير  في تحالف  حفر الباطن  ضد بغداد ، ويقيني أنه لو طلب من حماس  إبان تحالفها مع طهران ان تقاتل  في الأحواز على سبيل المثال لفعلت  دون تردد .
الغريب في الأمر أن حماس حاليا  تعرض المصالحة على  طهران بعد قيام مسؤول كبير في سلطة رام الله بزيارة طهران  وإعلانه أنه  طلب من طهران  إستقبال رئيس السلطة محمود عباس ، حيث أعلنت  حماس من جانب واحد أنها سترسل وفدا كبيرا  برئاسة  د.محمود الزهار في جولة عربية إسلامية  ومن ضمنها  طهران ، لكن التسريبات  تفيد أن  طهران تشترط على حماس الإعتذار عن موقها من النظام السوري  للعودة إلى سوريا.
إنطلاقا من كا ما تقدم وللإنقاذ ما يمكن إنقاذه ، أطالب العالم الإسلامي أن يخلع البيعة عن حماس مثلما جرى خلع البيعة عن سلطة رام الله.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد