الحرب البرية في سوريا .. ‏ صاعق الحرب العالمية الثالثة

mainThumb

29-02-2016 09:57 AM

 حسنا فعل الأردن  ،  برفضه فتح الحدود لقوات التحالف الدولي ، لشن ‏هجوم على سوريا لحسم الأمور ، وكان لصانع القرار في الأردن ‏مبرراته  المقنعة لعدم الرضوخ للضغوط الدولية والإقليمية ، وعدم قبول  ‏المنافع  المادية التي وعد بها ، في حال  وافق على الخطة ، وشارك ‏الجيش الأردني  رأس رمح في ذلك الهجوم .‏

 

وإذا كان صانع القرار الأردني آنذاك  ، قد تمترس  خلف موقفه رغم ‏حاجته الماسة للدعم المادي ، وللعلم فإن "الصرة " التي وعد بها الأردن ‏آنذاك ،   لم تكن صغيرة  وفيها بعض "الفراطة " ، بل كانت  كبيرة  ‏جدا وفيها من المال الشيء الكثير ، ولا شك أن هذا التمترس لم يكن  ‏تعنتا  ، أو ركوب رأس كما يقولون ، بل كان  مستندا إلى  حيثيات  ‏دقيقة  أهمها قناعة صانع القرار الأردني ، بأن نظام بشار الأسد لن ينهار ‏بتلك السهولة ، وأن "مداميك" قواعده قوية  وفي مقدمتها  إسرائيل ‏وأمريكا  ، وبطبيعة الحال  ، لم تكن روسيا قد تدخلت  عسكريا بعد في ‏سوريا .‏
 
وعليه نستطيع القول أن التدخل الروسي العسكري في سوريا  ، ووضع ‏سوريا  تحت الوصاية الروسية  ، قد قوّى من الموقف الأردني الرافض ‏للتدخل البري على الأقل عبر الأراضي الأردنية ، وبالتالي أصبح لدى ‏صانع القرار الأردني  حماية من نوع آخر ، وهذا ما يفسر  تأييد الأردن ‏الرسمي للتدخل الروسي في سوريا ،  ووقوف الأردن إلى جانب روسيا  ‏في نزاعها المتفجر مع تركيا.‏
 
لكن  معطيات الأمور الجديدة  ، والتي  تظهر مفاجآت   غير متوقعة بين ‏الفينة  والأخرى ، بعد توقيع  إيران  إتفاقها النووي مع الغرب وأمريكا ‏‏"5+1" ، وإيمان العربية السعودية ومعها غالبية دول الخليج العربية ، ‏أن امريكا  نسجت تحالفا  قويا مع إيران ضد السعودية  ودول الخليج ‏العربية  ، وأن أمريكا  باتت  تفضل عالما إسلاميا  شيعيا تابعا لإيران ، ‏بعد أن كانت  متحالفة مع عالم إسلامي سني تابع للعربية السعودية ، ‏ولهذا دعت السعودية إلى التدخل العسكري  البري في سوريا وانها ‏ستبادر إلى ذلك.‏
السعودية في هذه الحالة تمارس عملية الهرب إلى الأمام ، وسيكلفنا  ذلك ‏كثيرا ، لأن السعودية  تعتقد أن التحالف مع كافة شياطين الإنس والجن ، ‏بات مشروعا للوقوف في وجه إيران وإلحاق الهزيمة بها ، وها هي ‏السعودية تحارب إيران في اليمن من خلال  تحالف عربي صرفت عليه ‏كثيرا ، وأسست بعده تحالفا إسلاميا لمكافحة الإرهاب ، وسيكلفها كثيرا ، ‏وهنا تكمن المأساة عند الإيمان بأن الغاية تبرر الوسيلة  ، وان عدو ‏عدوي  صديقي ، وهنا تبرز مستدمرة إسرائيل التي تناصب إيران العداء ‏، ويهمها  إشهار تحالفها مع الدول العربية ، وخاصة مع العربية ‏السعودية مفتاح العالم الإسلامي  ، ولكي تعمق  الهوة الخلافية بين ‏العرب والمسلمين ، وتخرج هي منتصرة كالعادة.‏
 
الشق الثاني من اللعبة هو  إصرار تركيا على التدخل من أراضيها من ‏اجل  خلق منطقة آمنة ، وهنا لا بد من القول أن الصراع التركي – ‏الروسي المتفجر  ،  لا يخدم تركيا لأن الناتو الذي سمح لسوريا  بالتدخل ‏في سوريا التي تعد الساحة الخلفية لأوروبا ، وكذلك امريكا  ، الذي ‏يحسب نظام الأسد عليها أكثر من ان يكون محسوبا على روسيا ، سوف ‏لن تقوم بحماية تركيا من ردة الفعل الروسية الغاضبة.‏
 
تركيا  - وهذا ما يتوجب على صانع القرار التركي ان يدركه جيدا - ‏مبغوضة من قبل كل من الناتو وامريكا  ومستدمرة إسرائيل ، ولكل من ‏هذه الأطراف أسبابه الخاصة ، ولنبدأ بالناتو التي تتمتع تركيا بعضويته .‏
هي فرصة ما بعدها فرصة ولن يفوتها الناتو ، لأنه في حال التصادم ‏التركي – الروسي ، فإن الإتحاد الأوروبي الذي يشكل الناتو ذراعه ‏العسكري  ، سينتهي إلى الأبد من الرغبة التركية بالإنضمام إلى الإتحاد ‏الأوروبي ، وقد حاولت تركيا مرارا وتكرارا لكنها جوبهت بالرفض ، ‏وآخر ما قيل لتركيا  في هذا المجال : كفوا عن  محاولاتكم  فالإتحاد ‏الأوروبي ناد مسيحي ولن يسمح للمسلمين بالإنخراط فيه.‏
 
أما امريكا  فإن سببها  في رفض دخول تركيا إلى الإتحاد الأوروبي  ، ‏أنها أصلا تريد إ ضعاف اوروبا  وبالتالي لا ترغب بضم دولة قوية مثل ‏تركيا للإتحاد الأوروبي ، في حين أن محراك السوء في العالم مستدمرة ‏إسرائيل ، لن تسمح للإتحاد الأوربي بالموافقة على ضم تركيا له  ، حتى ‏لا تقوى تركيا  أكثر مما هي عليه ، وفي الأساس فإن مستدمرة  إسرائيل  ‏تحفر لتركيا  لعدة أسباب أن الحزب الحاكم  حاول التمرد على إسرائيل ، ‏ودعم حماس دون إعتراف من ناكري الجميل ان هذا لمصلحتهم ، ولا ‏تنسى  مستدمرة إسرائيل  أسطول مرمرة لفك الحصار عن غزة ، والتي ‏هاجمته  طائراتها التي أنزلت عليه  جنودها المتوحشين وقتلوا من التراك ‏من قتلواوجرحوا من جرحوا .‏
 
نعود إلى التدخل البري في سوريا ، فإن التحرش بالنظام السوري ، ‏سيفهم على انه  إعلان حرب على روسيا  وكما يقال "شو جاب لجاب " ‏وعندها  سينفجر صاعق حرب العالمية الثالثة ، وتكون كافة النبوءات ‏التي تتحدث عن هذه المرحلة قد حظيت بالصدقية ، ودعمل مشرط ‏التقسيم في تركيا ، لتصبح ثلاث مناطق الأولى للأكراد والثانية للأرمن ‏والثالثة لليونان.‏
 
أما بخصوص الحرب على داعش ، فإن هذه الحكاية السمجة لن تنطلي ‏على طفل بلغ من العمر ثلاث سنوات ، لأن داعش ليس تنظيما يضم ‏متطرفين إسلاميين  ، بل هو تنظيم أجهزة الدول ومرتزقة "بلاك ‏ووترز-أكاديمي" ، ويتمتع برعاية  إسرائيلية  لا حدود ، وقد حفظ ‏أعضاؤه القرآن  في مغارة بجبل الكرمل القريب من حيفا الفلسطينية .‏


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد