إساءةٌ لمسيحيي الشرق !!

mainThumb

16-12-2008 12:00 AM

الفكرة التي يجري الترويج لها، على نطاق واسع في الآونة الأخيرة ، والقائلة ان الجنرال ميشيل عون هو زعيم مسيحيي الشرق كلهم وليس مسيحيي لبنان فقط تشكل إساءة لهؤلاء وتعتبر اعتداءً آثماً على انتمائهم القومي وعلى حقيقة أنهم يشكلون موكناً طليعياً في مسيرة الأمة العربية الآن وفي الماضي القريب والبعيد وهذا كما ينطبق على مسيحيي لبنان فإنه ينطبق على مسيحيي بلاد الشام كلها وعلى مسيحيي العراق ومصر.

إن القول ان الجنرال ميشيل عون هو زعيم مسيحيي الشرق كلهم يعني وكأن هؤلاء يشكلون نسيجاً اجتماعياً غير نسيج مجتمعاتهم الذين يعيشون فيها ويعني كأنهم شريحة عرقية ودينية مختلفة لها همومها الخاصة المختلفة عن هموم أبناء الوطن الواحد وأبناء الأمة الواحدة الآخرين وهذا يشكل إساءة لتاريخ هؤلاء وحاضرهم وانتقاصاً من الأدوار الوطنية والقومية التي لعبوها في مقدمة مسيرة شعوبهم وأمتهم العربية.

عندما برز ميشيل عفلق كزعيم وكمفكر فإنه لم يبرز كمسيحي أرثوذوكسي بل برز كمؤسس حزب قومي عربي وهو لم يُنظر إليه كزعيم لنصارى سوريا ولبنان وبلاد الشام والعراق ومصر بل كرمزٍ عروبي وكرائد حركة تحرر قومية جامعة بدون النظر الى الدين والطائفة والمذهب تجمع أبناء الوطن كلهم وأبناء الأمة بدون استثناء أيٍّ من أبنائها وأي من مكوناتها.

وهذا ينطبق على الدكتور جورج حبش الذي عندما أسس هو ورفاق له حركة القوميين العرب عندما كانوا طلاباً في الجامعة الأميركية في بيروت وعندما أنشأ لاحقاً الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والى جانبه الدكتور وديع حداد والأستاذ نايف حواتمة فإنه لم يطرح نفسه لا زعيماً لمسيحيي الشرق و لا لمسيحيي فلسطين.. لقد طرح نفسه كقائد حركة تحرر عربية ثم بعد ذلك كقائد إحدى فصائل المقاومة الفلسطينية وهذا جعله موضع تقدير وإحترام حتى من قبل الذين يخالفونه الرأي ولا يتفقون مع مواقفه ولا مع بعض توجهاته السياسية.

وهنا عندنا في الأردن فإن صالح المعشر رحمه الله لم يكن رمزاً مسيحياً لا لمسيحيي الأردن ولا لمسيحيي الشرق لقد كان رمزاً وطنياً أردنياً وكان محبوه من المسلمين الأردنيين أكثر كثيراً من محبيه من المسيحيين وهذا ينطبق على يعقوب زيادين (أبوخليل) وعلى عيسى مدانات وعلى جمال الشاعر وعلى عبدالله زريقات وعلى كل من ساهم في مسيرة بناء الأردن ونهضته من أبناء هذه الفئة الأردنية العربية العريقة سواءً كان في صفوف الموالاة أم في صفوف المعارضة.

وهناك في مصر برز مكرم عبيد كقائد وطني مصري لعب دوراً لا يقل عن دور النحاس باشا وفي العراق برز الأب إنسطاس الكرملي وبرز في سوريا قسطنطين زريق وكل هؤلاء لم يدِّع أيٌ منهم أنه يمثل لا مسيحيي وطنه الأصغر ولا مسيحيي الشرق كلهم فهذا تقسيم يشكل إعتداءً صارخاً على ضمائر أناسٍ لم ينحازوا إلا لأهلهم إن في بدايات الفتوحات الإسلامية وإن خلال حروب الفرنجة، التي أعطيت إسم الحروب الصليبية من قبل الأوروبيين وليس من قبل العرب ولا من قبل المسلمين، وأن في مواجهة الغزو الاستعماري الغربي الحديث.. وحتى الآن.

ربما ان من حق الجنرال ميشيل عون ان يطرح نفسه وأن يطرحه أتباعه ومحازبوه وبعضهم من غير اللبنانيين زعيماً لمسيحيي لبنان، مع ان حقائق الأمور تشير الى ان هناك من هو أعرق منه في زعامة هذه الطائفة الكريمة.. فهناك عائلة الجميل وعائلة شمعون وعائلة فرنجية وعائلة حرب وأبو اللمـّ?Zع وإدّه، أما الإدعاء بأنه زعيم مسيحيي الشرق فإن هذا يشكل إساءة لهؤلاء ويشكل إعتداءً على تاريخهم المشرق في مسيرة أمتهم العربية.- الراي



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد