من نواكشوط الى عوفر

mainThumb

22-12-2008 12:00 AM

اعادة الحرية الى الرئيس الموريتاني المنتخب سيدي ولد الشيخ عبدالله تستحق الترحيب, وهو الذي اعتقل في آب الماضي بعد الانقلاب العسكري حيث اطيح بالديمقراطية الوليدة في نواكشوط. والفضل في ذلك لا يعود لقادة الانقلاب انما للضغوط التي مارسها الاتحاد الاوروبي والاتحاد الافريقي على الحكام العسكريين.

مثل هذه الضغوط او لنقل التدخلات الاجنبية في الشؤون الداخلية لأي بلد عربي, هي ضغوط مقبولة ومرحب بها من قبل الشعوب العربية التي تئن تحت انواع مختلفة من نظم الاستبداد والحكم الفردي وقمع الناس.

لقد هدد الاتحاد الاوروبي بفرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية ومالية على حكام نواكشوط اذا لم يسيروا باتجاه العودة لاحترام ارادة الشعب الموريتاني الذي اختار رئيسه وحكومته وبرلمانه في انتخابات ديمقراطية نزيهة شهد لها المراقبون من الشرق والغرب. هذه التهديدات اثمرت بالافراج عن العديد من المسؤولين المنتخبين لكنها لم تصل بعد الى مرحلة اجبار العسكريين على اعادة الامور الى نصابها قبل الانقلاب. ونأمل كما يأمل كل انسان حر في العالم العربي ان تنتصر الديمقراطية في موريتانيا وان تلحق الهزيمة باعدائها.

سياسة الاتحاد الاوروبي تجاه دعم الحرية في موريتانيا تساهم في تحسين صورة الاوروبيين بين العرب. لكن هذا لا يكفي, فالواقع, ان الاتحاد الاوروبي تراجع كثيراً في سياساته تجاه دعم النضال الفلسطيني للخلاص من الاحتلال الاسرائيلي.

تمثل احداث معتقل عوفر خلال اليومين الماضيين حيث يتعرض الاف الاسرى الفلسطينيين للضرب والقمع من القوات الاسرائيلية مثالا عن عجز المجتمع الدولي الفاضح وخاصة دول الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة, هنا, وعندما يتعلق الامر بجرائم الاحتلال الاسرائيلي وممارساته, مثل الاستمرار باعتقال اكثر من 10 الاف اسير فلسطيني, ومثل مواصلة حصار التجويع على مليون ونصف المليون فلسطيني في قطاع غزة, فإننا نرى مواقف اوروبية متخاذلة وانتهازية بل انها في معظم الاوقات تشجع اسرائيل على جرائمها وتقدم لها الهدايا والمكافآت بدل التنديد والتلويح بفرض العقوبات مثلما حدث مؤخرا من قيام الاتحاد بمنح اسرائيل وضعية الدولة المجاورة التي لها الافضلية (ENI) مع تجاهل انها دولة احتلال وتنتهك حقوق الانسان الفلسطيني بشكل مستمر.

من نواكشوط الى عوفر اوروبا بوجهين, واحد يساند الحرية وحق تقرير المصير وآخر يساهم في قمع الحرية والغاء حقوق الانسان بما في ذلك حق الحصول على الدواء والطعام كما يحدث في الموقف من حصار غزة.

الواقع, ان اللوم لا يتحمله الاوروبيون فقط, انما هذا الانحدار في الاداء السياسي والدبلوماسي الذي وصلت اليه دول الجامعة العربية, فهذه الدول لم تحرك ساكنا ضد انقلاب نواكشوط وكأن لسان حالها يقول (حسناً فعل العسكريون) وهي ايضاً لا تفعل شيئا له قيمة من اجل الشعب الفلسطيني بما يشجع الاوروبيين على العودة الى مواقفهم المؤيدة للقضية الفلسطينية.0
العرب اليوم


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد