ماحقيقة التقارب بين الحركة الإسلامية والحكومة الاردنية

mainThumb

25-12-2008 12:00 AM

في أواخر تموز (يوليو) 2008 حدثت انعطافة حادة في تعامل الحكومة الأردنية مع الحركة الإسلامية في الأردن، وشهدت الساحة السياسية هدوءاً ملحوظاً، تمثل بمظاهر عدة أهمها:

وقف الحملات الإعلامية الشديدة الموجهة للحركة، وتوقف بعض الأقلام المعروفة بمواقفها العدائية تجاه الحركة الإسلامية، والتي كانت دائماً تنفذ توجيهات وأوامر بهذا الشأن.

السماح للحركة الإسلامية بإقامة فعالياتها وأنشطتها المضادة التي تأتي في معظمها في سياق التفاعل مع الأحداث الجارية في الأرض المحتلة، وحصار غزة، ونصرة المقاومة، وفي بعض المناسبات الإسلامية المعروفة، وكانت المفاجأة أن سمح للحركة الإسلامية بإقامة مهرجان كبير في المدرج الروماني في قلب العاصمة عمان والمرة الأولى.

تغير اللهجة في شأن جمعية المركز الإسلامي الخيرية، التي أوقفت هيئتها الإدارية المنتخبة وعينت مكانها هيئة حكومية موقتة، عملت على إدخال عناصر جديدة كثيرة في هيئتها العمومية من أجل الاستيلاء عليها ومصادرتها من يد الحركة الإسلامية، ووعدت الحكومة بإرجاع الجمعية في إطار اتفاق أو صفقة يتم الاتفاق عليها.

أعادت الحكومة بعض الخطباء الممنوعين من الخطابة، كخطوة أولى لإعادة بقية الخطباء، وعلى رأسهم الدكتور إبراهيم زيد الكيلاني وزير الأوقاف الأسبق.

فما سر هذه الانعطافة؟ وهل هي دائمة واستراتيجية وعميقة؟ أم أنها خطوة اختيارية موقتة أملتها ظروف عابرة؟

إنّ المراقب للمجريات يرى أن الحكومات الأردنية المتعاقبة منذ عام 1993، تسير في برنامج متدرج الخطوات لتحجيم الحركة الإسلامية وتجفيف منابعها، والتضييق على أنشطتها. بدأ ذلك بسن تشريعات محددة لهذا الغرض، مثل قانون الانتخابات، وقانون الإعلام، وقانون الاجتماعات العامة، وقانون الجمعيات الخيرية، وقانون البلديات، وقوانين الجامعات، وأنظمة مجالس الطلبة، وقوانين النقابات إضافة إلى حملات إعلامية وتعبوية كثيرة، وتطورت الأمور إلى أن وصل الأمر إلى اعتقال أربعة من نواب الحركة الإسلامية وسجنهم، ومنع اثنين منهم من ممارسة العمل السياسي، بعد محاكمة معدة لهذا الخصوص. وعمدت الحكومة السابقة إلى تزوير مكشوف وكبير في الانتخابات البلدية، والانتخابات البرلمانية، وشهدت على هذا التزوير مراكز الدراسات المحلية والخارجية، ومنها المركز الوطني لحقوق الإنسان الأردني الرسمي الذي يترأسه أحمد عبيدات رئيس وزراء سابق.

ولذلك يمكن القول إنّ الظروف الخارجية المتمثلة بفشل المشروع الأميركي في المنطقة خصوصاً في ما يتعلق بالقضاء على حركة «حماس» وعلى «حزب الله»، وإنشاء محور الاعتدال في المنطقة، لمواجهة إيران، كلها ذهبت أدراج الرياح، فكان على الأردن التحول في سياسته في شأن «حماس»، خصوصاً في ظل توتير العلاقات بين الأردن والرئيس الفلسطيني محمود عباس، وبين الأردن ومصر كذلك، مما جعل ذلك مرافقاً لتحول مشابه ولو من الناحية الشكلية تجاه الحركة الإسلامية في الأردن.

وربما شكل تدهور الأوضاع المعيشية الداخلية، وتعالي أصوات بعض القوى السياسية والوطنية في انتقاد مباشر للسياسات الحكومية، عاملاً إضافياً.

ولكن في الحقيقة بقي التحول في إطار مظهري شكلي، فلم يأخذ طابع الجدية، إذ أن التحول الرسمي الحقيقي يبدأ بالاعتراف بتزوير الانتخابات البلدية والبرلمانية، والعمل على تصحيح الأوضاع بتحميل المسؤولية للحكومة المشرفة على هذه الحقبة، وحل البرلمان الحالي، وحل البلديات، والشروع بمرحلة سياسية جديدة تقوم على إيجاد برلمان جديد يعبر عن إرادة الأردنيين الحقيقية، وقادر على تحمل مسؤولية المرحلة الصعبة، ومن ثم الانطلاق نحو إصلاح شامل، سياسي واقتصادي وتعليمي، يبدأ بتعديلات دستورية تسمح بايجاد حكومة منتخبة وتداول للسلطة وإجراء انتخابات بين القوائم والبرامج السياسية، وانتهاء مسألة التنافس العشائري.

والشروع بمرحلة ازدهار اقتصادي يبدأ بمقاومة الفساد والمحسوبية والشللية، ولا يتم ذلك إلاّ بايجاد مؤسسات رقابية شعبية فاعلة وقادرة على تمثيل إرادة الشعب الأردني.

عند ذلك فقط يمكن أن نقول إن هناك تحولاً حقيقياً يتضمن جهوداً جادة نحو الإصلاح، والتشارك مع القوى السياسية الفاعلة، وعلى رأسها الحركة الإسلامية، والتخلي عن أسلوب ذر الرماد في العيون والضحك على الذقون./الحياة.

* قيادي في جماعة «الأخوان المسلمين» في الأردن

 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد