ميتشيل خسر جولة .. فما هو مصير الحرب إذن؟

mainThumb

21-09-2009 12:00 AM

نعت السلطة الفلسطينية على لسان رئيسها ، أحدث جولة للمبعوث الأمريكي لعملية سلام الشرق الأوسط ، وأعلنت إخفاق جورج ميتشيل في إقناع الجانب الإسرائيلي بتعليق العمليات الاستيطانية في الضفة والقدس ، ما يعني حكما أن الطريق للقمة الثلاثية الفلسطينية - الإسرائيلية - الأمريكية أواخر الشهر الجاري في نيويورك ، لم يعد سالكا وآمنا كما كان يعتقد.

ولأن الدبلوماسية كالحرب وإن بأدوات مختلفة ، فإن فشل جولة تفاوضية أو خسران معركة ، لا يعني فشل المهمة برمتها أو خسارة الحرب بمجملها ، ومن المرجح أن يعاود الموفد الأمريكي "صولاته وجولاته" في القريب العاجل ، فالمعلومات والتقديرات المتطابقة تلتقي عند نقطتين اثنتين رئيستين: الأولى ، الحاجة لإتمام مهمة جورج ميتشيل على المستوى التكتيكي ، والثانية ، الحاجةلإطلاق عملية تفاوضية تنتهي إلى سلام شامل على المستوى الأبعد.

إذن ، ميتشيل سيعود للمنطقة ، وسيستأنف مهمته في القريب العاجل ، ومن المرجح أن ينجح الموفد ذائع الصيت في صياغة صفقة تمهيدية توطئة لاستئناف المفاوضات ، ومن المرجح ، إن لم نقل من المؤكد أن تستأنف المفاوضات في القريب العاجل ، وربما قبل نهاية العام الجاري ، على أن السؤال الذي سيظل معلقا من دون إجابة: هل سنكون بإزاء مفاوضات مختلفة هذه المرة ، أم أننا سنعاود إنتاج سيرة المفاوضات منذ مدريد حتى "عريشة أولمرت" مرورا بأوسلو وكامب ديفيد وطابا وغيرها من عشرات المحطات التفاوضية التي تعاقبت عليها حكومات وإدارات إسرائيلية وفلسطينية ودولية متعاقبة.

إذا كانت المقدمات كفيلة بالتأشير على النتائج ، فإن مقدمات العملية التفاوضية ، ونصف السنة الأولى من عمر إدارة أوباما وحكومة نتنياهو ، تعطي الانطباع بأن "نبوءة" أفيغدور ليبرمان - على غرار نبوءة شامير ووعده - التي أطلقها بمناسبة مرور 16 عاما على أوسلو ، هي الأكثر حظوة وترجيحا ، فالسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ، قد يحتاج إلى 16 سنة إضافية على أقل تقدير ، هذا إن قدر للسلام أن يكون خاتمة مطاف الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.

سنكون أمام مفاوضات ماراثونية ، وسيحتاج كل "تفصيل" من نوع "التعليق المحدود والمؤقت للاستيطان" ، لأشهر - وربما سنوات - لكي يتم إنجازه ، فكم من الوقت سنحتاج لكي نقنع حكومة نتنياهو أو أية حكومات إسرائيلية قادمة ، بالانسحاب من الضفة والقدس والمقدسات ، كم من الوقت سنحتاج لتمرير "حل عادل ومتفق عليه" لقضية اللاجئين ، كم من الوقت سنحتاج لإنجاز توافق حول السيادة والمياه والحدود وغيرها من ملفات الوضع النهائي.

ولأن العالم لم يعد لديه ترف الانتظار المفتوح ، وحتى إشعار آخر ، بل ولأن العالم يدرك أن المفاوضات لن تفضي إلى السلام الشامل المنشود ، فإن من المتوقع أن يجري اللجوء واقعيا إلى سيناريو آخر مركب ، أو بالأحرى سيناريو مزدوج: مفاوضات ومؤتمرات احتفالية ، لجان تجتمع ووفود تروج وتجيء من جهة ، و"خطوات أحادية" ، تقدم عليها السلطة وإسرائيل من جهة أخرى ، كأن تقدم الأولى وفي "سياق اعتراضي مقاوم" ، على إعلان قيام دولة فلسطينية من جانب واحد ، ترد عليها الثانية بإعلان ضم الكتل الاستيطانية الكبرى ، قبل أن يتم التوافق على ترك بقية الموضوعات كالقدس والمقدسات والحدود النهائية واللاجئين الفلسطينيين لمفاوضات لاحقة ، بين دولتين مستقلتين ، هما بالأحرى دولة مستقلة (إسرائيل) و"نصف دولة" أو "حكم ذاتي زائد" يحمل اسم "دولة فلسطين".

ووفقا لهذا السيناريو المرجح ، سيكون بمقدور كل طرف من طرفي الصراع إدعاء النصر: السلطة وحكومتها ستقول أنها أعلنت قيام الدولة من جانب واحد ، رغم أنف إسرائيل ، وحظيت باعتراف العالم بمجمله ، وإسرائيل ستقول أنها انتصرت بضم نصف مليون مستوطن في الضفة والقدس ، ولم تنسحب إلى خطوط 4 حزيران ولم تعد لاجئا واحدا... والمجتمع الدولي بدوره سيكون مرتاحا ، فقد تخلص من "عبء القضية الفلسطينية" ، وأصبح الشعب الفلسطيني يتمتع بحقه في تقرير مصيره ضمن دولة معترف بها ، حتى وإن كان مشتبكا مع إسرائيل في نزاع حول السيادة والحدود واللاجئين ، فمعظم دول العالم مشتبكة مع بعضها البعض في نزاعات مماثلة ، من دون أن تتسبب بالصداع والأرق للمجتمع الدولي ، فلماذا يستمر بالقضية الفلسطينية ، بل ولماذا سينظر لها بوصفها قضية الشرق الأوسط المركزية الأولى.
الدستور


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد