ماقلته قبل ربع قرن وتحقق

mainThumb

06-09-2016 11:22 AM

توقع حرب الخليج قبل وقوعها 
 وجدت في اوراقي المؤرخة في 13/1/1991 ما يلي :
رأيت أن أدلي بدلوي حول التوقعات بشنّ حرب الخليج الثانية ضد العراق، فدعوت إلى مؤتمر صحفي عقدته في فندق عمرة وشرحت فيه رؤاي وتوقعاتي على النحو التالي:
وقائع المؤتمر الصحفي الذي عقده النائب د. أحمد عويدي العبادي في فندق عمرة يوم الأحد الموافق 13/1/1991 المستجدات الدولية والوطنية
بسم الله وعلى بركة الله، نرحِّب بالأخوة رجال الإعلام والصحافة، وكلنا أمل ورجاء أن نلقي الضوء على المستجدات السياسية على الساحتين الأردنية والعربية من جهة والدولية من جهة أخرى. وأن أوّل سؤال يتبادر إلى الذهن لدى كل إنسان في هذه المعمورة هو: هل ستقع الحرب؟ وأنا أسأل هل ستقع الحرب؟
قبل الإجابة، لا بد من إعطاء المبررات للإجابة، وهي على النحو التالي:
دعونا نبدأ بالقضية النظرية، فلو تصوّرنا تطوّر قوتين هما: أ وب بشكل بياني، وكانت أ أقوى من ب، واستطاعت الأخيرة أن تهيئ لنفسها ظروف القوة والبناء بما يزيد من قدرتها، فإنها لابد أن تتلامس أو تتقاطع مع الدولة أ، وهنا يقع التصادم ويحدث الحرب.
 
لذا فإن نموّ قوّة العراق، واقترابها من نقطة محددة في خط نموّ أمريكا وحلفائها يجعل هذا الجمع الكافر أن ينظر إلى العراق نظرة العدو، ويرى في قوته تهديداً لوجوده، الأمر الذي يقتضي تدميره – إن استطاعوا ونأمل ألاَّ يستطيعوا بعون الله-. لذا فإن قضية الكويت والنفط وما إلى ذلك، ما هي إلا حجج واهية لتبرير شنّ الحرب على العراق عاجلاً أم آجلاً؟ لا بل شنّ الحرب على أية دولة تتنامى قوتها بما يتصادم مع خط نمّو قوّة الدول الاستعمارية، سواءٌ أكانت العراق أم غيرها. لذا فإن هذا الوضع يعطي مؤشراً قويّاً على حتمية الحرب، أو احتمالية الحرب. 
لقد هيأت الصهيونية والاستعمار والماسونية الاستعداد لهذا الحرب ماديّاً ومعنويّاً، عبر عدد من الخطوات، التي كانت باتفاق كل من أمريكا والاتحاد السوفيتي وبريطانيا وإسرائيل، ثم حلفاؤها فيما بعد؟ وكما يلي:
1) الحملة على الرئيس النمساوي كورت فالدهايم بشكل جائر لتحييد دور النمسا في استقبال المهاجرين اليهود من الاتحاد السوفيتي، واقناع العالم بضرورة الهجرة مباشرة إلى فلسطين المحتلة... وقد تم ذلك.
2) إفشال الحوار مع منظمة التحرير. وقد تمّ ذلك.
3) إقامة تشكيلة إسرائيلية من دعاة الحرب، وقد تم ذلك حيث نجد شامير وشارون، وموشيه مارينز وموداعي، وليفي جميعهم في حكومة واحدة. ولهؤلاء تطلعات توسعية بضم الضفة والقطاع، وافتعال مذابح ضد الفلسطينيين وتهجيرهم إلى شرق الأردن تمهيداً لإقامة الوطن البديل.
4) الحملات الجائرة على العراق، وتضخيم الخطر منه، والحملات الجائرة على الأردن وتقزيم دوره كدولة، وخنقه في جميع المجالات السياسية والاقتصادية تمهيداً لإنهائه. وقد شاهدنا هذه الأشياء على مسرح الأحداث بوضوح.
5) ارتداء لباس الشرعية الدولية في إعادة الشرعية إلى الكويت.
6) رفع أسعار النفط بشكل كبير، وسيكون المستفيد كل من الاتحاد السوفيتي لتلبية حاجاته من العملات الأجنبية، وبريطانيا مكافأة لها على موقفها، ووضع دولتي اليابان وألمانيا تحت ضغوط كبيرة كونهما ضمن خط تنامي القوة ب، والذي يهدّد خط تنامي القوة أ مثلما وضَحّنا في البداية. لذا فإن أسعار النفط سترتفع بشكل جنوني، وسيتأذى الاقتصادان الألماني والياباني بشكل خاص، والعالمي بشكل عام ().
7) تهدف الحرب الجديدة إلى تجربة الأسلحة الكيماوية والنووية، وتدمير السكان العرب لأن تزايدهم يقلق الشرق والغرب كليهما.
8) إقامة ترتيب أمني جديد يشمل دولاً عربية وإسرائيل تمهيداً لتطبيع العلاقات بينهما واحتواء إسرائيل كجزء من منظومة الشرق الأوسط، وتحويل الدول العربية هذه إلى دول هزيلة لا تزيد قوتها عن قوات الشرطة والحراسة، وتبقى القوة بيد العدو الصهيوني وحده ().
أمام هذه المعطيات جميعاً، فإن احتمالات الحرب أقوى من احتمالات السلام، ما لم تحدث معجزة في اللحظة الأخيرة، وإذا حدثت فستكون مؤقتة، ويرى الغرب أن لابد من التدمير سواء أكان عن طريق الحرب أو غيره، للحيلولة دون تنامي قوة العراق؛ أما نحن فنقول إن الأفضل أن يعمّ السلام الشامل بدلاً من التدمير الشامل لأن أي اعتداء على العراق سيدمر أمرين عزيزين على أمريكا وحلفائها وهما: إسرائيل والبترول، وبالتالي فعلى دول الاستعمار أن تهضم وجود العراق كقوة عظمى تمثل العرب والمسلمين، مثلما تتمثل الشيوعية في الاتحاد السوفيتي، ومثلما يتمثل الغرب في الولايات المتحدة، وتصبح قوة العراق هي القوة العالمية الثالثة وهي ضرورية الحفظ التوازن الدولي والسلام في العالم.
إن وجود القوات الأجنبية في الخليج والجزيرة هو تنفيذ لمخطط جديد يستهدف تدمير القوة العراقية، وإعادة تقسيم المنطقة، الأمر الذي سيؤدي إلى تغيير في الأنظمة والخارطة. 
ولقد جاءت قوات الاستعمار من قبل في مطلع هذا القرن (ق 20) بحجة تخليصنا من الأتراك فإذا بها تزرع إسرائيل، وتقسّم بلادنا، وتطرد الفلسطينيين. وحيث أن تلك الأهداف قد استنفدت فإن المخطط الجديد، هو رسم ترتيب آخر للقرن الحادي والعشرين، يستهدف تدمير أية قوة عربية أو إسلامية، والسيطرة على مصادر الطاقة من النفط وغيره، والهيمنة على الطرق الاستراتيجية، والحيلولة دون ازدياد قوة ألمانيا واليابان وروسيا والصين، وتنصيب أنظمة عربية جديدة تتفق وهذه المرحلة، وهذا المخطط ().
من هنا، فإن إيران وتركيا والباكستان، جميعها مستهدفة بالتدمير، الأمر الذي يستوجب على شعوبها مؤازرة العراق لأن دورها آتٍ إن غابت العراق لا سماح الله. وإن من مقتضيات الأمن الوطني لأية دولة عربية أو إسلامية أن تؤازر العراق وتحارب المصالح الأميركية والاستعمارية، لأن قوة العراق تشكل قوة الدفاع عن العرب والمسلمين، وغيابها يشكل الخطر القاتل على العرب والمسلمين.
إن ما تمّ إنفاقه على قوات الحلفاء في أرض الجزيرة والخليج خلال الشهور الخمسة الماضية كافٍ لإستعادة فلسطين لو تم توظيفه بطرقه الصحيحة، لكنه ذهب نفقة على القوات الغازية؛ كما أن الدمار الشامل الذي سيلحق بالإمكانات العربية في حال نشوب الحرب سيكون كافياً لإعمار العالم العربي بأسره، لا بل ودول العالم الثالث معه، وتحويلها جميعاً إلى جنات خضراء ودول قادرة على العيش بكرامة. 
إذن فالحرب هدف هام للصهيونية والاستعمار لإبقاء هذه الشعوب ضمن دوائر الجهل والفقر والتخلّف، وعلى الشعوب أن تدرك ذلك وتتخلّص من جميع حكامها الذين يسيرون في ركاب أمريكا؛ وإلا فإنها ستدفع الثمن غالياً، وهو كرامتها ووجودها، وإلى الأبد بإذن الله.
إنني أناشد جميع القوات العربية والإسلامية في الخليج أن تقف إلى جانب اخوتها القُوّات العراقية الباسلة لأن العدو يستهدفنا جميعاً. وأناشد الشعوب الإسلامية أن تثور ضد المصالح الاستعمارية ومن سار في ركابها، وإنني على قناعة أن هذه الثورات ستحدث، وأن جميع الأنظمة العميلة لأمريكا والصهيونية ستطير إلى غير رجعة، وإلى الأبد. 
وإنني على قناعة، أنه إذا ما اندلعت الحرب فإن انقلاباً سيحدث في الاتحاد السوفيتي، وسيستغل العسكر الوطنيون هذه الفرصة بانشغال العالم في الحرب، ليقوموا (أي عسكر الاتحاد السوفيتي) بتضميد الجراح التي صنعتها إدارة الاتحاد السوفيتي الحالية. كما أنه إذا ما اندلعت الحرب، فإن الوحدة الأوروبية لن تأخذ مكانها في عام 1992م، لأسباب سياسية واقتصادية، حيث سيتم تدمير الطاقات، وبروز الخلافات، وتضارب المصالح بما لا يسمح للوفاق بينها ().
إن جورج بوش ما هو إلا بوق للصهيونية، وهو حاقد على الإنسانية، ويستمتع بالحروب والدمار، لذا فإن الأمة الأميركية مُطالبة بالتخلّص منه، قبل أن يجلب لها الويلات، وقبل أن يضيف إلى الموتى نصف مليون أميركي لا يجدون طائرات تنقلهم إلى وطنهم، لانعدام الوقود لها لأن ضَخَّ البترول سينتهي... إن الحرب جنون، وإن الدفاع عن النفس عين العقل، فالعراق يدافع عن نفسه، وقد جاءت القوات الاستعمارية للاعتداء عليه، وهو لم يذهب لغزوهم في عقر دارهم، وإن الدفاع عن النفس أمر مشروع، والعدوان أمر مرفوض.
وهناك خطوات سياسية نحو الحلّ تكمن في البداية في لقاء أردني عراقي سوري على مستوى القمة ثم تنضم السعودية ودول الخليج لهذا اللقاء، وحلّ القضية حلاًّ عربيّاً عقلانياً، وإن صوت الأردن المتمثل هو الصوت الذي لن يندم العالم إن أخذوا به، وسيندمون كثيراً إن تجاهلوه.
وإن التاريخ سوف يسجّل للأردن موقفه العقلاني هذا، في بحر تتلاطم فيه الأمواج الجنونية أو المجنونة؛ ضد العراق المؤمن الممثِّل لضمير الأمّة جمعاء. 
وإن من ضرورات السلام والخير للبشرية أن نُبقي على دور الأردن العقلاني كوسيط في الأزمة، أما إذا تجاوز الاستعمار والصهيونية هذا الخط، وأجبروا الأردن على خوض المعركة، فإننا جميعاً جنود في سبيل الوطن، وكلنا مقاتلون، ولن يمرّوا إلا من فوق أجسادنا. إن صوت الأردن قويٌّ وسيبقى قويّاً، وشوكته مؤلمة وقاتلة، وستبقى كذلك بعون الله.
المستجدات على الساحة الأردنية
يجب أن يعرف القاصي والداني، الأعداء والأصدقاء والعملاء، أن الشعب الأردني كله جيش، وهو يؤازر القوات المسلحة الأردنية، وهو معها في خندق واحد ضدّ أيّ عدو يتربّص بنا في الداخل والخارج، أو يحاول الاعتداء علينا. 
وننظر نحن الشعب إلى جيشنا الأردني أنه رمز الأنفة والعزة المتجذّرة في تراب هذا الوطن تاريخاً وعقيدة وتربة وشعباً، نرهبُ به عدوّ الله وعدوّنا الظاهر والباطن؟ وهو درعنا للدفاع عن الوطن والشعب، وإننا = بإذن الله= لن نغادر الوطن إلا إلى الرفيق الأعلى شهداء في سبيل الله، وإن كل بقعة ستتحول إلى قنابل، والمساكين إلى براكين، ولن يكون الاعتداء علينا نزهة للعدوّ، بل ناراً تحرقه، ودماراً يغرقه.
وحيث أن العدو يعرف تلاحم الشعب والجيش في نسيج واحد لا تُفْصَمُ عُراه؛ فإنه /أي العدو/ يقوم بالإيعاز للطابور الخامس بنشر الدعايات الهدّامة وتوزيع المناشير، بهدف النيل من وحدتنا الوطنية وجبهتنا الداخلية والطعن بالرموز الوطنية. 
وعلينا أن نرفض مثل هذا كله، وعلى الأجهزة الأمنية أن تَتَعامَل مع هذه الظواهر الهدّامة بمنتهى الحزم والشدّة، وعلينا كشعب أن نخبر الدولة عن أية تحركات مشبوهة أو نشاطات معادية أو غامضة، أو أية ممارسات تخلّ بأمن الوطن والمواطن، أو أية تصرفات تتفق ومصلحة الأعداء. وعلى الدولة أن تكون في منتهى الحزم في هذه القضايا، وألا تتغاضى عن أيِّ شيء أبداً مهما كان قليلاً.
أما الذين غادروا الوطن في نهاية العام الماضي 1990م، ومطلع هذا العام 1991م حتى الآن، فإنهم قد مصّوا دماء الشعب في السرّاء، ويغادرونه في الضرّاء، وهم بذلك يمتثلون للنداء الذي وجهته الدول الاستعمارية إلى رعاياها بمغادرة الأردن. فهل هم من رعايا هذه الدول؟ وهل يحملون جنسيتها؟ إننا هنا في ساحة الوغى وهم في أوروبا يَتَنعَّمون بما نهبوا وكسبوا من أموال الشعب في ساحات الهوى.
وعلى الحكومة أن تنشر في الصحف اليومية أسماء جميع المغادرين منذ بداية شهر 12/1990 إلى الآن، ليعرف الشعب ماذا يجري، ويطلّع على الحقيقة. ومطلوب من الحكومة سنّ تشريع يصادر الجنسية الأردنية من هؤلاء، ويصادر أموالهم، ويمنعهم من العودة، وإن عادوا يحول بينهم وبين تسلُّم أي منصب عام أو هام، وأن يتضمن التشريع اعتبار من يغادر الأردن في مثل هذه الظروف مرتكباً للخيانة العظمى (). 
ومطلوب من الحكومة إجراء عمليات تطهير واسعة النطاق وبسرعة، لجميع المسؤولين والموظفين المشبوهين والفاسدين والمرتبطين بالخارج، وهم لن يزيدونا إلا سوءاً وخبالاً، وإن مصلحة الوطن تقتضي إقصاءهم عن مواقع المسؤولية. وتتطلب المرحلة والمصلحة تعيين المخلصين مكانهم؛ وفي أقصى سرعة خلال أيام.
ومطلوب أيضاً تطهير وزارة الخارجية، واستدعاء جميع سفرائنا في أوروبا وأمريكا وهيئة الأمم وإعفائهم من مناصبهم لفشلهم أثناء الأزمة، لا بل أن الأزمة كشفت عن قصورهم وفشلهم، فكيف سيكونون في خضمّ المعركة، ومطلوب تعيين سفير قويٍّ لنا في بغداد، واستغرب كيف لا يكون لنا سفير هناك في هذه المرحلة التي تعتبر أخطر مرحلة تمرّ بها الأمة العربية جمعاء. والمطلوب من كُلّ من وزير الخارجية الحالي والمستشار السياسي للملك، أن يتنحّيا عن مواقعهما التي هم فيها؛ لأن المرحلة الحالية تتطلب نوعاً آخر من الرجال، ومن أبسط مواصفات وزير الخارجية أن يكون مقنعاً لشعبه وللعالم ومطلوب تطهير الإعلام فوراً من جميع الأشخاص الذين لا يصلحون لهذه المعركة، كما أن المطلوب من وسائل الإعلام تبصير الناس وتوعيتهم بأخطار الحرب الكيماوية، وكيفية التعامل معها. ومطلوب أيضاً مصادرة جميع المواد التموينية التي خَزّنها المحتكرون، لأن الاحتكار في هذه الظروف يرقى إلى درجة التجسس، وعلى المواطنين أن يبلّغوا عن المحتكرين، ومع الجهات الرسمية أن تتخذ أشدّ العقوبات والإجراءات (). 
إننا يجب أن نتعامل مع الأشياء على أننا مقبلون على معركة لم يكن لها مثيل في التاريخ، وهي تدمير شامل، وأن التعامل معها يحتاج إلى رجال مؤمنين بربهم ووطنهم. وليعرف الأعداء في الداخل والخارج أن الأردن ليس لقمة سائغة ولن يكون، وأنه الفئة القليلة التي غلبت وستغلب الفئة الكثيرة بإذن الله.
وإن جيشنا هو الجيش المؤمن، الذي يعيش في أرواحنا وقلوبنا، وأن الأردن بالنسبة لنا هي وجودنا ووجود أبنائنا من بعدنا. فإما حياة تسرّ الصديق، وإما ممات يغبظ العدا.
وسوف ننتصر إن شاء الله، وسوف يُهزم جمع الكفار ويولّون الدُّبر، في نهاية حديثي أشكر جميع الرجال الإعلام والصحافة على إتاحة الفرصة لي للتحدث إليهم كمواطن أردني وضع الشعب، بعد مشيئة الله سبحانه، أمانة النيابة في عنقي، ورغبت أن أقول ما قلت، نيابة عني وعن الشعب الذي انتخبني والذي يتفق معي في المواقف والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته   ،
13/1/1991


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد