القوة وحدها لا تكفي

 القوة وحدها لا تكفي

18-12-2016 11:16 AM

بوصول طائرتي الشبح إف – 35 من الولايات المتحدة الأميركية إلى فلسطين ، ستزيد من قوة المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي ، وإتساع قدرته الهجومية كي تصل طائراته المقاتلة إلى قلب المواقع من الأهداف البعيدة ، المعتبرة في نظر قادة تل أبيب على أنها أهداف عدوانية مستهدفة ، وطالما أن أذرعتهم العدوانية باتت أطول وأقوى فهم يسيرون على النهج المتواصل المعتمد على القوة وعلى القوة وحدها ، في بقاء هذا المشروع وإستمراريته وغلوه وتماديه في سياساته العدوانية التوسعية . 
صحيح أن القوة وإمتلاكها هي أحد مصادر التفوق والبقاء والإستمرارية ولكن ألم تكن بريطانيا العظمى قوية حينما تراجعت ؟ ألم يكن الأتحاد السوفيتي مالكاً لترسانه لا تُضاهى من الأسلحة حينما إنهار ؟ ألم تكن فرنسا مالكة للتفوق على الشعب الجزائري الفقير ؟ ألم تكن الولايات المتحدة مالكة لقوة جبارة غير مسبوقة حينما هُزمت في فيتنام ، وبعد عشرات السنين في أفغانستان ، وهرولت من العراق ؟ . 
بل ألم يكن المشروع الإستعماري الإسرائيلي نفسه متفوقاً حينما تمت هزيمته في جنوب لبنان ، وبات رحيله مطلباً للناخبين الإسرائيليين ، ونجح يهود براك على هذا الأساس ، وسحب قواته الأحتلالية من الجنوب اللبناني حينما تولى رئاسة الحكومة ؟ بل ألم يكن العدو الإسرائيلي وأجهزته وقواته هي مالكة التفوق على كل المستويات على الفلسطينيين المحاصرين والعزل وعلى شباب الأنتفاضة حينما إختار رجل " تكسير العظام " " إسحق رابين " بطل إسرائيل " أن يعترف بالعناوين الثلاثة : الشعب الفلسطيني ، ومنظمة التحرير ، والحقوق السياسية للشعب الفلسطيني ، ويوقع إتفاق أوسلو ، وينسحب من المدن الفلسطينية بشكل تدريجي متعدد المراحل من غزة وأريحا أولاً ويسمح لأول مرة بعودة أكثر من ثلاثمائة الف فلسطيني إلى وطنهم مع الرئيس الراحل ياسر عرفات ؟ وألم يدفع إسحق رابين حياته ثمناً لأوسلو لأن اليمين الإسرائيلي المتطرف قام بإغتياله لأنه " خان إسرائيل " وتنازل عن جزء من أرض التوراة ؟؟ . 
بل إن شارون المتطرف والمقاتل الشرس والعدواني حتى نخاع العظم ، ألم يتم إرغامه على ترك قطاع غزة المتواضع ، بعد فكفكة المستوطنات وإزالة قواعد جيش الإحتلال ، بسبب ضربات المقاومة الفلسطينية بأسلحتها البدائية وشجاعتها المتواصلة ، وإن كان ثمن ذلك ، ثمن الأنتفاضة الثانية إستشهاد القادة أبو عمار وأحمد ياسين وأبو علي مصطفى وفتحي الشقاقي والعديد من قادة حماس والجهاد ؟؟ .
القوة وحدها لا تكفي كي تجعل المشروع السياسي ناجحاً وأمناً ويحظى بالبقاء والديموية ، فالقوة مطلوبة ، وهي عنصر رادع للعدو ، ولكن القوة ومصدرها وإستمراريتها مرهونة بعوامل غير ثابتة ، متحركة متغيرة ، ولو كانت القوة وحدها مصدر الديمومة والإستمرارية لما تم هزيمة دولة الخلافة الإسلامية ، وبريطانيا العظمى ، والأتحاد السوفيتي ، والمانيا النازية ، ولما تراجعت قوة الولايات المتحدة الأن أمام مبادرات روسيا الهجومية ، وضربات داعش الأنتحارية ، وصمود القاعدة الجهادية !! . 
القوة يجب أن تكون مصحوبة بالعدالة والحق والمنطق وعدم العدوان على الأخرين ، ولذلك على الرغم من تفوق المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي على المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني ، ولكنه فاقد للعدالة، وسياساته وإجراءاته مكشوفة ، وهي تتعارض مع القرارات الدولية وحقوق الإنسان ، وبرمته يفتقد للشرعية القانونية والإنسانية ، وشرعيته الوحيدة هي شرعية الغاب ، شرعية القوي المستبد المحمي من قوة طاغية هي قوة الولايات المتحدة ، وتفوقها المرهونة لنفوذ الطائفة اليهودية ذات الولاء والنهج والتطلع الصهيوني . 
لن تستمر قدرات المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي إلى الأبد ، بل هي قدرة التفوق الذاتي ، المرتبط بقوة الولايات المتحدة وقوة نفوذ الطائفة اليهودية لديها ، وضعف المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني ، ليس ضعفاً أبدياً مستوطناً بل هو أيضاً ضعف مؤقت إنتقالي مرحلي ، باق طالما أن الفلسطينيين بمكوناتهم الثلاثة : 1- أبناء مناطق 48 ، و2- أبناء مناطق 67 ، وأبناء اللاجئين في المخيمات وبلدان الشتات ، غير موحدين على برنامج سياسي مشترك ، ولا يملكون مؤسسة تمثيلية موحدة ، وتائهون عن الأدوات الكفاحية المناسبة كي يستعملونها ! .
إسرائيل مازالت قوية ، وفلسطين مازالت ضعيفة ، ولكن ذلك ليس أبدياً وكلاهما لن يبقى أسيراً لحالته ، بل سيتغير الوضع لكليهما ، وستتغير الظروف والمعطيات ، وهي متحركة وستتحرك بفعل الظلم والطغيان ، نحو الحرية والكرامة وحق الأنسان في الحياة . 
h.faraneh@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد

وزير التربية: الحكومة انتهت من مسودة قانون وزارة التعليم وتنمية الموارد البشرية

الشوط الأول .. المغرب يتقدم على الأردن بهدف من نهائي كأس العرب 2025

تحديث مستمر .. الأردن والمغرب في نهائي كأس العرب 2025 .. (0-1)

الصقيع يغطي صحراء الدوحة: مشهد نادر يدهش سكان قطر وزوارها

الدولار يحافظ على مكاسبه وسط ترقب قرارات بنوك مركزية

الأمم المتحدة: 55 ألف عائلة تأثرت بالأمطار والعواصف الأخيرة في غزة

الإعلان عن تشكيلة "النشامى" في نهائي كأس العرب أمام المغرب

الحكومة تنهي مسودة قانون وزارة التعليم وتنمية الموارد البشرية

الصفدي: الدبلوماسية الأردنية بقيادة جلالة الملك ترتكز إلى مبادئ ومواقف صلبة

فرنسا: اتفاق على عقد مؤتمر في شباط لدعم الجيش اللبناني

حالة الطقس المتوقعة وقت مباراة الأردن والمغرب

لا تغيير على موعد لقاء النشامى والمنتخب المغربي

تجديد عقد تبادل الطاقة الكهربائية بين الأردن ومصر

الملك يهنئ أمير دولة الكويت بذكرى توليه مقاليد الحكم

إصابة طفل وشاب برصاص الاحتلال في غزة