خوان يبحث عن شقيقه غيفارا

mainThumb

18-08-2017 10:15 PM

 في 9 أكتوبر (تشرين الأول) 1967 نفذ جندي بوليفي حكم الإعدام بالرصاص في أشهر ثائر عرفه القرن العشرون. حاول الجندي الهرب لكي لا يطلق النار، لكن رئيسه هدده بالقتل، فأمسك بزجاجة كحول وابتلع ما فيها، ثم أطلق النار. أخذ البوليفيون جثة «تشي» إلى مقبرة جماعية لكي لا يتعرف عليها أحد. لكن صديقه فيدل كاسترو أبلغ أهله في الأرجنتين بعد ثلاثة أيام، أن الأمر قد انقضى.

 

قبل ذلك، كان أهله قد أضاعوا أثره. مرة يقال لهم إنه متخفٍ في الولايات المتحدة، ومرة إنه عاد إلى القتال في أدغال الكونغو، ومرة إنه يقود الثورة في جبال أميركا اللاتينية. لكن ها هو كاسترو يُعلن موعد ومكان الوفاة التي طالما كانوا يخشون سماع نبأها كل يوم.
 
بعد نحو ثلث قرن، قام شقيقه الأصغر، خوان مارتن غيفارا، برحلته الصعبة بحثاً عن رفات تشي. وتحولت الرحلة إلى ما يشبه العمل الروائي المثير والمحزن، في كتاب عنوانه «أخي تشي» (المركز الثقافي العربي). تبين له أن كاسترو تأكد من خبر الإعدام، بعدما أعدم عسكري بوليفي المذكرات الشخصية التي تركها تشي، ومعها «يداه المبتورتان اللتان قطعتا من أجل حفظ بصماته».
 
ظل مدفن غيفارا مجهولاً إلى أن عثر على مكانه الصحافي الأميركي جون لي أندرسن أواخر عام 1995، بعدما رشى الجنرال المتقاعد ماريو فارغاس. وعندها، بدأ الجميع في الكلام الذي كان محظوراً في الماضي. استمر البحث عن الرفاة عاماً كاملاً، نُقلت بعدها عام 1997 إلى الدفن في كوبا بحضور أشقائه وأبنائه.
 
لماذا اختار غيفارا الحرب الثورية في بوليفيا؟ لسببين؛ الأول، استراتيجي، وهو أن لبوليفيا حدوداً مع خمس دول. الثاني، عاطفي. فطالما علَّم بالدفاع عن فقرائها منذ أن عملت في منزل أهله الشغالة البوليفية سابينا بورتوغال. بدأ مهمته في أدغال بوليفيا بمعالجة المرضى، وكان يعطي دروساً خصوصية للأميين طوال النهار، ويعلِّم بعضهم اللغة الفرنسية.
 
لكن أحد الفلاحين الذين كان يعتني بهم تشي، هو الذي وشى به إلى الجيش البوليفي. وبدأت من ساعتها، المواجهات. واستطاع تشي أن يخدع خصومه فيظنون أنه يقود قوة كبرى، فيما لم يكن معه في البداية أكثر من خمسين رجلاً.
 
لماذا فشلت حملة غيفارا في بوليفيا؟ يطرح شقيقه تساؤلات وإشاعات مذهلة. منها الأقوال عن أن الاتحاد السوفياتي قد تواطأ مع الأميركيين ضده. منها أن موسكو كانت تكره فكرة الثوار. ومنها حتى أن كاسترو نفسه تواطأ في تسليم أقرب الرفاق إليه.
كل هذه أقوال تضع الكتاب في إطار الرواية، لا البحث. وكلها يزيد في أن غيفارا كان أسطورة بقدر ما كان حقيقة.
 
*نقلاً عن صحيفة "الشرق الأوسط"


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد