سلسلة العبودية

mainThumb

15-02-2018 11:34 AM

وهي مسار انتقال العبودية بدءًا بالحلقة الأضعف مرورا بسلسلة الحلقات الأقوى فالأقوى، وأنتهاءً بالعبودية للمال والجاه والسلطان والشهوة، في النظام الإنساني الدنيوي.    
 
وقد دأبت المجتمعات الإنسانية على استعباد بعضها بعضا، لأنها كلها تشعر وتعاني العبودية فتمارسها، الصغير للكبير، والقلة للكثرة، والضعيف للقوي، والتابع للمتبوع، والرعية للراعي، لتنتهي برأس هرم السلسلة؛ زخرف الدنيا: المال والجاه والسلطان والشهوة.
 
فمتى استعبدت الدنيا إنسانا، وقَبِلَ بذلك ليصبح عبدا لها، اسيرا لرغباته وشهواته، يصبح غير قادر على أن يمارس الحرية، وغير قادر على منحها لآخرين، فيستعبد غيره في سلسلة العبودية، لتصبح المجتمعات  في بيئة خصبة للاستعباد، لا تلد إلا عبيدا مُسْتَعْبَدين ومُسْتَعْبِدين.
 
فالحرية لا يعرفها إلا من تخلص من العبودية للدنيا بكافة صورها،  فعندما تحرر عمر بن الخطاب رضي الله عنه من العبودية للدنيا بحسن عبوديته لله، فأصبح حرا، استطاع أن يمنح الحرية لغيره، فأنصف القبطي غير المسلم، وغير العربي، والضعيف المستضعف، إلا أنه إنسان، أنصفه من المسلم العربي، ابن الأمير الذي كان عبدا لعصبيته وجاهه وسلطان أبيه: أتسبق ابن الأكرمين؟ فأراد أن يستعبد القبطي، فلم يكن حرا ليعطي الحرية لغيره: فضربه بالسوط.
 
والقبطي الذي يعيش حرية عمر، رفض العبودية لابن الأمير، فطلب القصاص، وكان له ذلك، بل إضرب رأس الأمير، الذي لولا جاهه وسلطانه ما تجرأ ولده على استعباد الناس، متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم أحرارا؟
 
 لأنك الحر يا أمير المؤمنين، كانت الناس أحرارا! فالحرية لا يعطيها إلا الحر، والحر لا يولد إلا من حر.
 
وكم ناضل الكثير من البشر في محاولة التخلص من هذه السلسلة المترابطة، وبذلوا في سبيل ذلك الغالي والنفيس، إلا أن تمكن الدنيا وزخرفها من الأغلبية، حال دون كسر القيود، بل ومن كان يتوق للحرية اليوم، أصبح عبدا لدنياه  في الغد.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد