البخيت يحاضر في الجامعة الاردنية

mainThumb

14-12-2010 03:57 PM

قال رئيس الوزراء الاسبق الدكتور معروف البخيت، ان تطوير قانون انتخابات دون رؤية شمولية قد يُحدث تنمية لكنها قد تكون مشوهة ولا تندرج في الاتجاه العام الذي يقود إلى تحقيق الأهداف الكبرى.

وبين أن أي مشروع وطني لتطوير الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في الاردن لابد أن يأخذ بعين الاعتبار البيئة العامة في الأردن، خصوصا ظروف نشأة الدولة الأردنية وتطورها وأن ينطلق من فهم عميق لخصائص المجتمع الأردني.

واضاف البخيت في محاضرة ألقاها في الجامعة الاردنية الثلاثاء ضمن موسمها الثقافي للعام الدراسي 2010/2011 بحضور عدد من الشخصيات السياسية والاعلامية، أن غالبية الأحزاب والقوى والتيارات السياسية القائمة تقرأ الواقع من مخزون ثقافتها السياسية والفكرية والعقائدية والتي غالباً ما تكون نظرية بعيدة عن الواقع الاجتماعي وبالتالي فإن طروحاتها تأتي منحازة ولا تمثل غالبية الأردنيين.

وقال ان غالبية القوى تندفع للمطالبة بصياغة قانون انتخاب جديد اعتقاداً منها بأنه المدخل الرئيس للإصلاح السياسي، مبينا أن اختزال التنمية السياسية في الاردن على جزئية قانون الانتخاب وحتى بعض قوانين الحريات العامة بغياب تصور دقيق لاستراتيجية تنمية سياسية شاملة متوازنة ومتدرجة تكون مقترنة ومتزامنة مع استراتيجيات تنمية اجتماعية واقتصادية وثقافية وإدارية، يحمل مخاطر عديده أهمها خلق ديناميات سياسية واجتماعية منفلتة ويصعب التنبؤ بسيرورتها الأمر الذي قد لايؤدي إلى النتيجة المرغوبة.

واشار الى ان الحديث كثر من قبل قوى وتيارات سياسية وحزبية حول وجهة نظرها في كيفية إحداث التطوير السياسي المطلوب ودعوة بعضها لعقد مؤتمرات وتقديم مبادرات إصلاحية، مبينا أن اندفاع العديد من هذه القوى باتجاه التطوير السياسي اعتماداً على جزئية قانون الانتخاب بغياب الرؤيا الشمولية يعكس تفكيراً مرحلياً واستعجالا في تحقيق مكاسب آنية لهذه القوى.

واوضح أن البعض يعتقد أن تعديل قانون الانتخاب مع بقاء الثقافة الاجتماعية السائدة على حالها بما فيها من مظاهر سلبية سيعمل على إحداث تنمية سياسية هو اعتقاد مبالغ فيه وغير واقعي، حيث أن القوانين بذاتها لا تحدث تنمية.

ولفت الى ان ما حققه الاردن خلال العقود الأخيرة يعتبر معجزة بكل المقاييس، خاصة في مجالات التعليم والصحة والبنية التحتية والخدمات، مبينا ان ذلك يعزى إلى القيادة المعتدلة ذات الرؤية الحداثية، وإلى جهد وعزم الأردنيين ووقوفهم خلف قيادتهم الهاشمية.

واضاف ان الدولة، أجهزة حكومية وعسكرية، ارتبطت تاريخياً بوجدان الأردني، كونها الراعية والموجهة والموظفة والمسؤولة عن كافة شؤون حياتهم، وبالتالي فإن خروج الدولة من هذا الواقع يتطلب الروية والتدرج وأن يأتي بعد دراسة دقيقة وواقعية وشاملة.

وحول العلاقة بين القيادة والشعب بين الدكتور البخيت انها علاقة فريدة لا مثيل لها في العالم، بسبب طبيعية القيادة الأردنية المتسامحة والمتعاطفة مع الناس وخاصة الفقراء والمحتاجين، لافتا الى ان الأردني يلجأ للملك وللمقر كملاذ أخير، وأصبح الأردني يشعر بأن الملك هو الأب للجميع ولا يخذلهم.

وذكر البخيت بعض خصائص المجتمع الأردني، والتي على أي مشروع وطني للتطوير أخذها بعين الاعتبار، منها عزوف الأردنيين عن الانضمام للأحزاب لعدة اسباب، كما ان هناك سوءا في التوزيع الجغرافي للسكان، مذكرا بان المجتمع الأردني يعتبر مجتمعا فتيا حيث ان 70 بالمئة تقل اعمارهم عن 30 سنة، وهناك قلة في حجم قوة العمل، وضعف في الانتاج، وضعف مساهمة المرأة في سوق العمل.

وفيما يتعلق بالتنمية السياسية قال البخيت ان شكل ونوعية العلاقة بين الدولة والمجتمع هما التعبير الحقيقي عن طبيعة الحياة السياسية في الدول، والعلاقة في الدول المتقدمة والديموقراطية تفاعلية وأيجابية بينما في دول العالم الثالث علاقة سلبية جامدة عموماً.

واضاف إن إصلاح هذه العلاقة أو تطويرها هو الجوهر الحقيقي للتنمية السياسية، وهذا التطوير لايتأتى تلقائياً ولا بد له من الأستناد الى إرادة سياسية راسخة ورؤى إستراتيجية دقيقة تقوم على فهم عميق لتشكيلات المجتمع وديناميكياته والبيئة المحيطة، وموروثه الاجتماعي والديني والحضاري، لافتا الى انه بغير ذلك فإن كافة الوثائق الحكومية والتشريعات لايمكن لها أن تحدث أثراً ايجابياً في تطوير هذه العلاقة إذا غابت الرؤيا الشاملة.

وبين ان ذلك يدعو خطط الحكومة لتتصف بوضوح الرؤيا الأستراتيجية العامة، ووضوح الحالة النهائية التي تريد الحكومة أن تنقل المجتمع الأردني إليها وشكل النظام السياسي والاجتماعي الذي تريد أن تحققه والإطار الزمني الذي سيضبط عملية التحول، وأن تكون الخطط الحكومية قادرة على مراعاة متطلبات الأمن الوطني، وضرورة وجود أهداف رئيسية ومرحلية مع أطر زمنية، وعدم الخلط بين المفاهيم والأهداف والوسائل والأطر الزمنية، وتأسيس علاقة راسخة متزامنة بين خطط التنمية السياسية وخطط التنمية الأقتصادية والاجتماعية.

وبين أن التحدي المركزي الأول هو الأطار الزمني لاستراتجية التنمية السياسية، فيما التحدي المركزي الثاني هو أن مشروع التنمية السياسية يمثل مرحلة تحول حاسمة في التاريخ السياسي المعاصر للأردن يهدف الى الانتقال بالنظام السياسي والاجتماعي من الأنماط التقليدية القائمة منذ عقود طويلة في الدولة الى نظام معاصر ومختلف، والثالث هو الذي يواجه مخطط التنمية السياسية في الأردن في التعامل مع الثنائية الأردنية الفلسطينية وهي القضية الضاغطة على السياسات الأردنية المستقبلية وعلى مجمل نظرية الأمن الوطني.

وبين اهمية أن يكون المفهوم الاستراتيجي للتنمية السياسية واضحاً وشاملاً ودقيقاً، مشيرا الى ان غياب هذه الرؤية سيعطي الفرصة للقوى الداخلية العديدة والمتعارضة لتقديم تصوراتها على أنها خطط وطنية وستسعى لتحويل الرأي العام الى قوة ضاغطة للقبول بهذه الطروحات مما يعيق النمو السياسي بدلاً من إعطائه دفعاً اضافياً.

واستعرض البخيت الاطار العام للاستراتيجية المقترحة (خارطة طريق للتطوير السياسي) والتي تستمر ثلاثين عاماً (2010-2040 ) والمقسمة الى مرحلتين الأولى تمتد لعشرين عاماً (2010 -2030 ) وتهدف الى تطوير النظام السياسي والاجتماعي بصورة متدرجة ومتأنية، فيما تستمر الثانية لعشر سنوات (2030 -2040) .

كما استعرض اهداف تلك الاستراتيجية والإجراءات الأساسية لتخطيط البرامج الوطنية لتطوير الحياة السياسية، ومؤشرات قياس مستوى التقدم في الخطط، مبينا كيفية الربط بين برامج التنمية السياسية والاجتماعية والاقتصادية وأسلوب التنفيذ التدريجي.
"بترا"


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد