الديري يكتب:كسر حاجز الصوت أم كسر حاجز الخوف؟!

mainThumb

28-02-2011 04:00 PM

قبل عدة أيام سمع أهل عمان كما غيرهم في مناطق متعددة من الوطن الحبيب أصوات كأنها انفجارات وشعروا بهزات أرضية وارتجاجات مختلفة . تم تداول عدة روايات لتفسير هذه الاصوات "الانفجارية " والاهتزازات "الارضية " فكان منها أن سبب هذه الاصوات الانفجارية اختراق (كسر) طائرات مقاتلة لحاجز الصوت ورواية اخرى قالت بأنها مناورات بالذخيرة الحية من قبل الكيان الصهيوني ... وكان هناك عدة روايات اخرى ... لا نعلم مدى صدقية أي منها.

إن ما جذب انتباهي هو رواية كسر(اختراق) طائرات مقاتلة لحاجز "الصوت" ...! فلكل شيء حدوده حتى "الصوت" ... فعند كسر هذا الحاجز(اختراقه) يتولد الانفجار ...لكن هل هذا الانفجار يمنع من تكرار كسر هذا الحاجز الصوتي؟ ... أم ان هذا انفجار "وهمي" يعني "فزاعة" يُهدد بها من يحاول كسر هذا الحاجز؟

هنالك حواجز اخرى لابد من كسرها الى جانب حاجز "الصوت" الواحد ... فحاجز "الفساد" ... وحاجز "المحسوبية"... وحاجز "النفاق" ... وحاجز "حكم الفرد لا حكم الشعب"... كلها عُرضة للكسر والاختراق ولا خوف من انفجارات ما بعد "الاختراق"!

فلدينا في أردننا الحبيب الكثير من الحواجز الواجب اختراقها و "كسرها" أولا ومن ثم اصلاحها بأسرع ما يمكن وعند الحديث عن الاصلاح فلا بد من الحديث عن جدول زمني لهذا الاصلاح.

فأي أمر يُراد به اصلاح لا بد من وضع جدول زمني مُعلن يوضح فيه الفترات الزمنية اللازمة لكل مرحلة من مراحل الاصلاح ... وانا هنا لا أطالب بثلاثين سنة اصلاحية بل أطالب بمدة لا تتجاوز الستة شهور كحد أقصى للاصلاح... و لكن قد يسأل سائل... ما هذا الاصلاح المنشود الذي يمكن انجازه في ستة شهور ولا يحتاج لثلاثين سنة ؟! فأقول هو إصلاح "الجذور" لا إصلاح "الفروع".

فالشعب مصدر السلطات جميعها ومن خلال دستور يُحفظ فيه حقوق المواطنين ينطلق الاصلاح . فعلى سبيل المثال لا الحصر :

1. لماذا لا يكون رئيس الوزراء منتخبا إما انتخاب مباشر من الشعب أو غير مباشر من قبل مجلس النواب؟! على أن يكون مجلس النواب منتخبا بأجواء تسودها الشفافية الحقة والنزاهة الصادقة . وعندها يكون للاغلبية النيابية الصوت الاعلى.

2. لماذا لا يتم إقرار قانون انتخاب حقيقي لا يستخف بعقول الملايين من المواطنين الاردنيين ولا يثير النعرات ولا يُجزء المُجزّء؟! قانون يضمن حق المواطن في اختيار من يريد أن يمثله دون ضغوطات مادية أو أمنية أو عشائرية أو حتى حزبية.

3. لماذا نحتاج لهيئة مكافحة الفساد؟ ولماذا مؤخرا تم تشكيل لجنة لدراسة ملفات الفساد بالاضافة لهيئة مكافحة الفساد ! اقول لماذا نحتاج كل هذا العبء المادي والبيروقراطي بينما لدينا قضاء فيه من القضاة المدربين ,الكفؤين ,النزيهين الذين يشهد لهم القاصي والداني؟ باعتقادي ان هيئة مكافحة الفساد يجب ان تتبع للجهاز القضائي او التشريعي وليس للحكومة...!!

4. لماذا ديوان التشريع لا يتبع لمجلس التشريع ... مجلس النواب ؟! فديوان التشريع كما يدل عليه اسمه لابد من ربطه اما بجهة تشريعية أو لها صلة بالتشريع كالقضاء ومجلس النواب وليس الحكومة .

5. لماذا لا يكون رئيس المجلس العالي لتفسير الدستور قاضيا بدل ان يكون رئيس مجلس الاعيان فهذا منصب قضائي وليس سياسي؟!!

6. لماذا لا يتبع ديوان المحاسبة لمجلس النواب او القضاء؟

لماذا ... ولماذا ...ولماذا...؟؟؟ اسئلة كثر سائلوها فهل من مجيب؟

فعندما نريد اصلاحا يجب ان يُبنى هذا الاصلاح على اسس وقواعد واضحة ويجب ان تُسمى الامور بمسمياتها ويجب ان توضع النقاط على الحروف وان يوكل لكل شخص ان يقوم بواجباته لا غير وترك واجبات الغير... للغير!

هكذا نبدأ... بكسر حاجز "الخوف" قبل كسر حاجز "الصوت". فالاصلاح إن "صَلُح"... "صَلُح" الامر كله.أما تداول الكلمة وافراغها من مضمونها كالعلكة التي تُمضغ لأخذ حلاوتها وبعدها يتم "لفظها" فهذا كعمل "البنشرجي" الذي يقوم برقع الاطارات المثقوبة واعادة استعمالها حتى تهتريء وتُرمى "للمزبلة" بينما نحن في عصر ال "Recycling" .

نحن لا نريد "بنشرجي" لأن زمن الترقيع ولّى.
لا نريد إبر مهدئة ...
لا نريد تحويل قضايا لمكافحة الفساد غير مكتمل اوراقها (كما صرّح معالي سميح بينو في برنامج ستون دقيقة قبل ايام) ولنا مقالة قريبا جدا مخصصة فقط للحديث عن هيئة مكافحة الفساد.
لا نريد "جعجعة بلا طحن" ...
لا نريد وعود ولجان تحقيق لا نرى نتائجها ...
لا نريد اسماء مكررة ومناصب محجوزة ...
لا نريد "ضحك على اللحى ".

هنالك مثل غربي يقول:

"Fool me once, shame on you; fool me twice, shame on me." يترجم بما معناه " إن استغفلتني أول مرة عيب عليك ... وإن استغفلتني المرة الثانية عيب عليّ"...يعني بيكفي ...!!!

شجر النخيل الباسق الطول يميل مع اتجاه الريح العاتية حين تهب حتى لا ينكسر وبعد هدوء العاصفة يعود النخيل عاليا شامخا. فحتى يعود نخيلنا باسقا للاعالي ولا ينكسر للرياح القادمة العاتية لابد من اصلاح يقوي عوده... لا اصلاح مُراضاه...لا اصلاح يدعو لجهوية أو عنصرية أو طائفية .

نحن نريد "طبيب جراح" ... "نطاسي بارع"... "طبيب طواريء" ... يُدخل كلمة اصلاح الى غرفة العمليات ويقوم باستعمال مشرطه الحاد لاستئصال أصل الداء وبعد العملية فالنقاهة لازمة ليشفى الجسد. قد يُعانى الجسد من اثار العملية ولكن الجسد سيتعافى ...!!

فهكذا طبيب ... وهكذا اصلاح... وهكذا مريض...بحاجة لكسر حاجز "الخوف"...أولا !!

{قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْأِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}(هود : 88 )

dairi21@hotmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد