التفويض بين الهروب والاستثمار في العقول

mainThumb

03-12-2020 09:53 PM

 ما نراه اليوم من توسع رئيس الوزراء في تفويض صلاحياته يدعونا للتساؤل، هل هذا شيء إيجابي أم سلبي؟ فهو من ناحية لا يترك مجالا للوزير المفوض بأنه لم يعط فرصة للتغيير و لم تكن له صلاحيات كافية لإحداث فرق. و هو من ناحية أخرى يمكن أن يؤدي إلى فوضى صلاحيات هنا و هناك خاصة أن هذه الحكومة قد استشعرت منذ بدايتها مسألة التنسيق بين أطرافها وخولت وزيرا كاملا لهذه المهمة التي لم تكن موجودة في سابقاتها.

 
لا شك أن تفويض الصلاحيات هي ثقة بلا حدود يعطيها دولة رئيس الوزراء لأصحاب المعالي الوزراء المفوضين و هو يترك لهم الميدان مفتوحا كي يبدعوا و تظهر طاقاتهم القيادية و الريادية لكنه مع كل ذلك لا يبتعد بالمسؤولية عن كاهله فهو الأول و إن لم يكن الأخير أمام الشعب وصاحب الجلالة.
 
عندما تصل الأمور الى تفويض صلاحيات دولة رئيس الوزراء فإن ذلك يعني أن الرئيس متعاون جدا و أن قمة الادارة العامة ليس لديها ما تقدمه سوى ما لدى المسؤول المفوض من أفكار غير موجودة لدى دولته. و إذا لم تثمر هذه الخطوة فإن لا شيئا بعدها من الممكن أن يثمر.
ان التوسع في تفويض الصلاحيات كما هو حاصل حاليا ينم عن تخبط غير مسبوق في الاجراءات و يبين عدم تيقن طرفي التفويض من الخطوات الواجب اتخاذها خاصة لانقاذ البلد من حالة التعثر والكبو كما هو حاصل حاليا.
 
التحجج بأنه لا توجد لدى أي وزير معني بأنه لا توجد لديه صلاحيات وأن يديه مقيدتان و لا يستطيع اتخاذ القرارات المناسبة اصبحت حجة واهية ودولة رئيس الوزراء قد اتخذ كامل الخطوات من طرفه لإبطال هذه الحجة. و تبين أن رئيس الوزراء لديه الحجة و الإمكانات و القدرة على التفكير خارج الصندوق.
 
الكرة الآن ليست في مرمى رئيس الوزراء فقد رمى بها بعيدا لكي يقيم الحجة على كل ناقد يعد الهفوات و يتسلل إلى ملعب الحكومة لتسديد الأهداف من موقع المتفرج فإذا دارت الدورة و جلس المتفرجون في مقاعد الوزارة يضعون رجلا على رجل و أيديهم على خدودهم و يندبون حظ الحال المائل للدولة الذي لا ينفع معه طب و لا علاج.
 
نحن دورنا كمواطنين أن نميز الغث من السمين فقد نثر دولة الرئيس كنانته و جاء بهؤلاء الوزراء و سواء جاءوا عن طريق الاستحقاق او المحاصصة فهو يتحمل كامل المسؤولية عن وجودهم.
 
ليس أصعب من أن نجد أنفسنا و قد خدعنا ببعض الأشخاص الطامحين أو الطامعين الى المناصب. و بعد فتح كامل المجال لهم للتغيير لا يأتون بشيء سوى حجج واهية لا تقوم أمام المنطق و العلم و العرف و العادات والتقاليد.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد