بِطَانَةِ الْحُكَّامِ مِنَ اَلْحُكَمَاءِ وَاِلْعُقَلاَءِ مَرَاجِعٌ وَكُنُوزٌ قَيِّمَةٌ

mainThumb

24-01-2021 10:53 PM

لقد قلَّ كثيراً عدد الحكماء والعقلاء في الأمة الإسلامية والعربية في وقتنا الحاضر لإتباع الناس عادات وتقاليد الغرب لإنبهارهم بتقدمه العلمي والتكنولوجي والقوة العسكرية والإقتصادية والمالية ... إلخ، دون الرجوع إلى كتابنا العزيز القرآن الكريم وسنة نبينا محمد الصحيحة عليه الصلاة والسلام وآل بيته الكرام، قال الرسول عليه الصلاة والسلام: حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه. تناسينا أن عاداتنا وتقاليدنا ومبادؤنا مستمدة من الإسلام خلال الأكثر من ألف وأربعمائة عاماً الهجري الماضية، نسينا أن الله قال في كتابه العزيز (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (البقرة: 269))، ونسينا أن الحكمة هي ضالة المؤمن ونسينا أن رأس الحكمة مخافة الله. فعادة ما يُجَنِبَ الحكيم أو العاقل الحاكم أو المسؤول الوقوع في أخطاء غير مقصوده أو أخطاء عن فهم خاطيء لبعض القضايا لعدم توفر الوقت الكافي لديه لسعة الإطلاع أو قراءة التعليمات والقوانين والأسس والمفاهيم بشكل مُفَصَّل. وتعتبر نعمة وجود الحكماء والعقلاء في الأمة من أكبر النعم على الحاكم او المسؤول لأن تجنب الحاكم أو المسؤول الوقوع في خطأجسيمٍ كالحكم بالإعدام على شخص ما (ذكراً كان أم أنثى لا يمكن تصحيحة بعد نفاذ الحكم).
 
فنروي ما كان لسيدنا علي كرَّم الله وجهه (الذي لم يسجد لصنم ودخل الإسلام وهو صبي وإطَّلع على كتاب الله وسنة الرسول بشكل مفصل ما لم يطَّلع عليه أحد من الصحابة) من فضل كبير على سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما كان خليفة للمؤمنين في تجنبه الوقوع في أخطاء جسيمة وغيرها في الحكم على الرعية. فيروى أن عليٌ كرَّم الله وجهه دخل على سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعنده إمرأة يحاول أن يقيم عليها الحد، لأنها ولدت حملها بعد ستة أشهر  من الحمل مع زوجها. لأن المتعارف عليه أن مدة الحمل هي تسعة أشهر وليس ستة أشهر (أي دخل الشك في نفس زوجها وكان سيدنا عمر على يقين بأنها قد زنت قبل أن تتزوج من زوجها).
 
فقال عليٌ لعمر: على رسلك يا إبن الخطاب، لماذا تريد أن تقيم عليها الحد؟ قال عمر: ولدت بعد ستة شهور من زواجها. فقال عليٌ: إقرأوا القرآن، أليس يقول الله (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (الأحقاف: 15))، يعني أن الحمل والرضاعة ثلاثون شهراً = سنتين (أربعة وعشرون شهراً) + ستة أشهر. ويقول تعالى في مكان آخر في القرآن الكريم وفصاله في عامين (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (لقمان: 14))، وهذا يعني أن أقل الحمل عند الإمرأة هو ستة شهور وبذلك يكون حمل الإمرأه التي كان سيدنا عمر يحاول أن يقيم عليها الحد صحيحاً ولا شك فيه ، فقال سيدنا عمر: بئس المقام في أرضٍ ليس فيها أبو الحسن. ودخل سيدنا عليٌ على سيدنا عمر مرةً أخرى وهو مُغْضَبٌ، فقال له عليٌ ما أغضبك يا أمير المؤمنين؟ قال عمر: سألت حذيفة بن اليمان، كيف أصبحت فقال: أصبحت أحب الفتنة وأكره الحق، وأُصَلِّي بغير وضوء وَلِيَ في الأرض ما ليس لله في السماء، ألا يغضب هذا؟. فضحك عليٌ وقال: صدق حذيفة يا أمير المؤمنين، قال عمر: أوتقولها يا أبا الحسن قال: نعم، أصبح يُحِبُ الفتنة أي يُحِبُ ماله وولده (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (الأنفال: 28))، ويكره الحق أي يكره الموت ومن منَّا يحبه يا أمير المؤمنين، ويُصَلِّي بغير وضوء أي يُصَلِّي على النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، وله في الأرض ما ليس لله في السماء أي له زوجة وولد (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (الإسراء: 111)). فكان سيدنا عليٌ صاحب فتاوى كثيرة في الإسلام، وكان يقول الرسول عليه الصلاة والسلام عنه: أنا مدينة العلم وعليٌ بابها.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد