الإصلاحات والتنمية الاقتصادية في الأردن

mainThumb

23-03-2021 10:54 PM

 تكلمنا في المقالة السابقة عن القضايا المؤسسية والتشغيلية التي تسبق تعويم سعر صرف الدينار الأردني نحو نظام سعر صرف الزاحف المربوط بسلة عملات وذلك لتقليل التذبذب في سعر صرف الدولار الذي يؤثر على الدينار الأردني بشكل مباشر، وسنتناول في مقال اليوم كيفية الإصلاحات الاقتصادية في الأردن والتي أصبحت ضرورية وممكنة، وفي ظل ارتفاع معدلات البطالة المتزايدة وخاصة في الربع الرابع من العام 2020 التي وصلت إلى 23.9%، والتي أثرت على معدل النمو المتوقع لهذا العام تقريبا 2%، وبالنظر إلى العجز في الميزان التجاري فما زال الاستيراد أكثر من التصدير بمقدار 7 مليار دولار، وقد تعمقت المديونية وأثقل كاهل الموازنة العامة والتي بلغ العجز فيها لهذا العام بما يقارب 2 مليار دينار، فإن جميع هذه المؤشرات السابقة تدفعنا بقوة إلى التفكير بالإصلاحات الإقتصادية. 

 
 
الإصلاح الاقتصادي يقف على دعامتين أساسيتين وهما السياسة المالية والسياسة النقدية، والسياسة المالية تعتبر مسئولية وزارة المالية والحكومة وأدواتها الضرائب والجمارك والإنفاق العام والموازنة العامة، والسياسة المالية تتبنى سياسة توسعية في حالة الركود وارتفاع معدلات البطالة، بينما تتبنى سياسة انكماشية في حالة زيادة معدلات السيولة والتضخم. أما السياسة النقدية مسئولية البنك المركزي والمتمثلة في توجيه معدلات الفائدة و الاحتياطي الإجباري و معدل إعادة الخصم، والتحكم بمقدار السيولة في السوق الأردني من خلال رفع أو خفض معدلات الفائدة والاحتياطي الإجباري. 
 
.
 
وبالنظر إلى حالة الأردن وانكماش الاقتصاد، فعلى الحكومة اتباع سياسة مالية توسعية بمحاولة تخفيض الضرائب وزيادة الإنفاق، ولكن ما نشاهده في الأردن حدث العكس من ذلك، فقد شاهدنا كيف كان، وما زال، قانون الضريبة الذي أوصى به صندوق النقد الدولي مؤخرا وعملت به الحكومة عام 2019 له تأثير سلبي على سوق التوظيف ومستوى الاستهلاك والطلب الكلي، وأثر على الطبقة الوسطى التي تآكلت في السنوات الأخيرة وخاصة في ظل ازدياد أسعار السلع والخدمات وارتفاع معدلات التضخم. 
 
 
أولى خطوات الإصلاح الاقتصادي من طرف الحكومة هو إعادة قانون الضريبة السابق أو تخفيف ضريبة المبيعات على بعض السلع والخدمات الأساسية والضرورية لسد حاجات المواطنين اليومية بأقل التكاليف، كما أن فرض ضريبة على إجمالي الثروة لأولئك الذين تزيد ثروتهم عن 100 مليون دينار بنسبة 1% يمكن أن يساعد في إعادة توزيع الثروة وتحريك السوق وزيادة الطلب الكلي، علما بأن ثروات أصحاب رؤوس الأموال تتآكل أمام هذا الإنكماش. 
 
 
كما أنه على الحكومة تشريع قوانين تنص على تخفيض الجمارك والرسوم المتعلقة في الأصول التشغيلية مثل الآلات والآليات والماكينات المستوردة المستخدمة في المشاريع، وذلك لتقليل تكاليف الاستثمار وجذب المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال وتشجيع الموجودين منهم على التجديد لزيادة الكفاءة التشغيلية، بالمقابل على الحكومة زيادة الجمارك على المنتجات المستوردة المتشابهة مع المنتجات المحلية لتشجيع الصناعات المحلية وإمكانية تسويقها، كما وتشجيع أصحاب المشاريع على التوجه نحو استخدام الطاقة الشمسية بتسهيلات ودعم حكومي، هذة الإجراءات ستعود بالنفع على المستثمرين بانخفاض تكاليف الإنتاج وزيادة قدرتهم على التنافسية في الداخل والخارج، وبالتالي تعزيز جانب الصادرات وزيادة تدفق العملة الأجنبية إلى الداخل، كما يعود بالنفع على المواطنين  بانخفاض أسعار السلع والمنتجات وزيادة قدرتهم على الشراء والاستهلاك والذي يؤدي الى زيادة الطلب الكلي. 
 
 
وبالنظر إلى الموازنة في جانب النفقات، نجد أن الإنفاق الحكومي يذهب جزء ليس بالقليل نحو الهيئات المستقلة والضيافات والإكراميات، ولكن هذا الإنفاق الحكومي الأصل فيه أن يتجه نحو الإنفاق الرأسمالي والمشاريع الاستثمارية، ومطلوب من الحكومة أن تتبع سياسات متقشفة وترشيد الإنفاق الجاري، كما وتقوم بدمج الهيئات وتقليصها، وأن تتجه نحو زيادة الإنفاق الرأسمالي الاستثماري والتأكيد على مشاركة القطاع الخاص في تنفيذ المشروعات لتعزيز البنية التحتية والمستثمرين وتقديم لهم تسهيلات وامتيازات وذلك لتشجيع الإستثمار وتعزيز الصناعات المحلية، أما في جانب الإيرادات في الموازنة العامة، فما زالت فروقات أسعار النفط غير واضحة ولا أحد قادر على فك أسرارها ومعرفة إلى أين تذهب فروقات هذه الأسعار. 
 
 
هذه الإصلاحات على مستوى السياسة المالية، في المقابل هناك إصلاحات يجب أن تكون على مستوى السياسة النقدية، وهذا ما سنتناوله في المقال القادم إن شاء الله. 
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد