خواطر في العيد

mainThumb

21-07-2021 05:38 PM

عادة ما يتبادل الناس التهاني في الاعياد بوسائل مختلفة، ومن ابرزها الزيارات المنزلية او الاتصالات  التلفونية او إرسال بطاقات جميلة صممت خصيصا لمثل هذه المناسبات او التجمع في مكان ما، كجمعية او نادي او ديوان لتجمع مهني او عشائري او مناطقي، ولكن في الاونة الاخيرة اصبحت منصات التواصل الاجتماعي والرقمي اكثر الوسائل استخداما لسهولتها، وتكاد تكون شبه مجانية.

ومن خلال دراسة تتبعية لاكثر من سنوات خلت واعياد مضت ،ومناسبات تقتضي التواصل خارج اطار المنصات الرقمية، توصلنا إلى نتائج  بعد تحليل إحصائي لعينات بالمئات ولشرائح مختلفةً في مختلف التخصصات  الوظيفية وغيرها، واستطيع ان الخص ابرز النتائج ، حيث توصلنا ان الاتصالات والتواصل التي احتلت الترتيب الأعلى هي التي كانت بين الارحام والاهل والاقارب، وهذا وضع طبيعي وفطري وديني ولا خلاف عليه .

وياتي رفاق السلاح الذين خدموا سويا في القوات المسلحة بكافة اشكالها وحتى بعد التقاعد  في المرتبة الثانية بغض النظر عن الرتب العسكرية، مما يؤكد قوة العلاقة التي تربط رفاق السلاح، وجاء علاقة المعلمين في المدارس في المرتبة الثالثة، واما في مجتمع النقابات المهنية جاء المحامون في المرتبة الأولى في التواصل وقد يرجع ذلك إلى تواجدهم اليومي في المحاكم وغرفة المحامين كالمعلمين وجاء الأطباء في المركز الاخير في هذا القطاع ، ومن المؤسف والذي لم اكن اتوقعه ان تاتي علاقة ومستوى الاتصال بين اساتذة الجامعات  في المرتبة الاخيرة، بعد كافة افراد العينة؛؛ التي اشتملت من عمال الوطن إلى الوزراء، وبعد الرجوع إلى دراسات سوسولوجية مشابهة وأخرى مرتبطة بمثل هكذا دراسات ، توصلنا إلى مسببات عديدة.

ومن ابرزها طبيعة العلاقة بين الاساتذة في الجامعات لا تخلو من  صراعات ومنافسات غير شريفة احيانا، والتي قد تمتد لسنوات طويلة في الخدمة، وعدم انتظام اللقاءات نتيجة لطبيعة البرامج   الخاصه بكل عضو هيئة تدريس،  فقد افاد احدهم انه لا يرى معظم زملائه الا مرات محدودة في الفصل الدراسي ومعظمها في اجتماعات القسم الذي لا يحضره البعض؛؛ ، وفي دراسة أخرى اشارت إلى الانا الأعلى قد تكون سببا جوهريا لدى عديد منَ افراد  العينة في الجامعات، وراح بعضهم إلى ابعد من ذلك ان نسبة لا باس بها تم تعيينها بدون وجه حق، ولا يستحقون هذا اللقب الرفيع لتواضع مستواهم المهني والثقافي .

ومن اهم الأسباب ايضا الطموح لدى العديد منهم في تولي مراكز قيادية داخل الجامعة وخارجها والتي ولدت الاحقاد والمحاور والصراعات الجهوية والمناطقية بينهم،  وغيرها من الأمراض المجتمعية، وعند سؤال اكثر من عينة من اساتذة الجامعات عن عدد الزملاء الذي اتصلوا بهم في الاعياد، اجاب معظمهم بانهم لم يتصلوا  باحد وبعضهم باعداد محدودة جدا، وفي المقابل لم يتواصل  معهم الا عدد لا يتجاوز اصابع اليد،  بحجة انهم سيلتقون في الدوام بعد العيد  ، وبعضهم يتواصل بالعميد او الرئيس نفاقا او خوفا، وهذا لم نلحظه في اجابات معلمي المدارس علما بانهم يلتقونَ يوميا في طابور الصباح او غرفة المعلمين، وبعضهم ذهب بتفسيره إلى عوامل مادية حسب ما يراه  بعض  الماركسيين، والتي اعمت بعض أعضاء هيئة التدريس ولم يصدقوا انهم  يتلقون هذه الرواتب قياسا بغيرهم من القطاعات الأخرى وقد لا يستحقونها، وفي سؤال عن تذكر  زملاء المهنة، فجاءت اجابات رفاق السلاح المتقاعدين والمعلمين في المرتبة الأولى حيث تذكروا معظم من خدموا معهم سويا في مواقع مختلفة  او انتقلوا إلى رحمته تعالى ، في الوقت الذي لم يتذكر بعض أعضاء هيئة التدريس زملائهم الحاليين في كلياتهم،  فكيف بمن تقاعد او استقال، ولم يتذكر بعضهم من انتقل الى رحمة الله، وعمل معهم  سنين  طويلة،  ولذلك من الصعوبة ان ينجح  مثل هؤلاء في انتخابات مهما كان مستوى تمثيلها خارج اطار الجامعة تحديدا .

ومن المفاجأت ان خريجة محترمة ووفية ، تذكرت استاذها في الجامعة الذي انتقل الى رحمته تعالى قبل مدة وجيزة وكتبت على صفحتها على الفيس بوك وذكرت بعض مأثره لتذكر الناس به، ولم يشاركها  احد من زملاءه من كليته  الذين شيعوه بالامس وبكوه بدموع كاذبة، ولو بتعليق بسيط بعبارة رحمةالله عليه، وافادت عينة من اساتذة الجامعات انه درسوا  زملاء لهم حاليين َ في المدرسة وفي الجامعة،  وساعدوهم  كثيرا منذ نعومة اظفارهم،  وعندما اشتد عودهم تنكروا لهم ولم يتواصلوا معهم منذ سنين، وكما جاء في مطلع قصيدة الشاعر  معن بن أوس المزني:

:   فيا عجبا لمن ربيت طفلا ألقمه بأطراف البنـــــان:
:أعلمه الرماية كل يــــــوم فلما اشتد ساعــده رماني٪
:وكم علمته نظم القوافــــي فلما قال قافية هجانــــي  :، ويعزو ذلك  البعض من علماء النفس إلى حقد جيني دفين يخفيه الجبان تلقائياً، لانه كما يقال"" الجبان الوغد خوان""       واما على المستوى الشخصي كدراسة ذاتية  (Case Study) فقد احتل طلبتي الخريجين  من المدارس او الجامعات المرتبة الأولى في المشاركة والاتصال والتواصل،  رغم انني الان خارج الخدمة ولا املك ما اقدمه لهم، وجاء زملاء ورفاق العمل الشبابي والرياضي في المرتبة الثانية، وجاء المعلمون الذين كان لي شرف الخدمة بمعيتهم في المدراس داخل الاردن وفي الدوحة بقطر في سبعينيات القرن الماضي في المرتبة الثالثة، رغم ان عهدي بهم في الخدمة منذ  اربعين عاما ويزيد ، ولا اريد ان استرسل ابعد من  ذلك لاني اكتشفت متاخرا والحمد لله على كل شيء، ان الحقد الجيني والجهوي والمناطقي والغيرة والغدر  متاصل في ما يسمى مجازا  بالنخب الاجتماعية وخاصة في الجامعات، وان البساطة والطيبة والاصالة هي عنوان العلاقة في الفئات المتوسطة والفقيرة والوظائف ذات الدخل المحدود ،وكل عام وانتم بخير؟


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد