بيع النعال

mainThumb

08-12-2021 12:20 PM

 "لا يباع الرجال بيع النعال" صاحب هذا التشبيه التمثيلي هو (الحارث بن عباد) في قصيدته التي خلدها التاريخ "قربا مربط النعامة مني" لو أردنا اسقاط هذا التعبير على واقعنا الراهن فماذا نجد؟ نجد أن الرجال تباع و قد بيعت بيع النعال (الأحذية). الاردنيون كما ولدتهم امهاتهم احرارا لا يباعون بيع النعال، ما داموا يأخذون حقهم بأيديهم و لا يتركونه مجبرين، و العرب لا يباعون بيع النعال ما داموا لا يستخذون للأجنبي.

اذا اردت ان تشتري حذاء فماذا تفعل، تقلِّبه رأسا على عقب، و تَدُسُّ يدك داخله، و تحاول ان تضغط عليه لتختبر مادته ثم تفاوض على السعر كالعادة في أي عملية شراء.
هذه الأيام، يأتي القاتل بثياب نظيفة و معه الجاهة الكريمة و يتجاوزون كل ملابسات الجريمة و يتنازل أهل الضحية لله والوطن و لوجه الجاهة الكريمة "هذا مبلغي من الذكر". الاردنيون لا يقبلون عوضا فالرجال لا تباع بيع النعال. أما اذا كانت الجاهة (سَكَّة) أي أن الوجوه قد اخذ كلٌّ نصيبه على حضوره و مشيه في الجاهة فان المساومات تنتهي عند الاتفاق على سعر الضحية.
المشكلة ليست في المساومة على الأموات، المشكلة في المساومة على الأحياء. كيف يباع الرجال و هم أحياء بيع  الأحذية. كيف بعنا رجولتنا للمثليين في عقر دارنا و تحت سمعنا و بصرنا. كيف بعنا آخرتنا بدنيا غيرنا. هل هناك شيء عزيز علينا كأردنيين أكثر من رجولتنا. نحن كشعب أردني نباع في أسواق النخاسة الدولية بشروط البورصة فهناك بيع عاجل و هناك بيع آجل.
لقد صرنا مجرد أحذية، مجرد سكان. نحن سكان ندفع أجرة سكننا على أرضنا و في بلدنا. إن نفس الأبي تأنف أن تباع وها نحن نباع، بيع النعال و ليس فينا من هذا التشبيه الا تمثيله فلو جربنا مشترينا فكم سنمكث في قدمه، لا شيء.
الخطوة الأولى أن نعرف ثم ان نعترف و هذا تحقيق المعرفة أننا أحذية في قدم فلان و علنتان. ثم نرفض هذا الواقع المزري بالايجابية و المشاركة "وليس من ربِع و لتصنع على عيني". لقد أشبعونا رجولة وصراخ ثم تابوا، و غيرهم أحذية مثلهم سيعدوننا و في الموعد يلقى القبض عليهم و يا للأسف لا يستطيعون تنفيذ وعودهم لأسباب قاهرة.
في النهاية كلنا نعال و نختلف عن بعضنا البعض في القَدَم التي تلبسنا، لكن قد تم بيعنا و تمت الصفقة و انتهت.
أما أنا شخصيا فأرفض هذا الواقع و لا أريد أن أكون نعلا يتفاوضون عليه عند بسطة في سوق ما، لذلك أكتب. رفضا للواقع المرير الذي نراه. 
قبل أيام كنت أشاهد فيديو كوميدي عن رئيس عربي و لأول مرة فهمت المغزى فكدت أن أبكي.
هل فهمتم بكائياتنا، يجب أن تفهموها.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد