لبنان: أعيدوا للناس أموالهم!

mainThumb

11-09-2022 12:04 AM

قرأت في الصفحة الأولى في «القدس العربي» (12ـ8ـ22) حكاية ذلك الرجل اللبناني (أياً كان اسمه) الذي احتجز العاملين في البنك البيروتي وزبائنه كرهائن مهدداً بإحراق نفسه والرهائن إذا لم يُعد له البنك وديعته (210 آلاف دولار) وطلب على الأقل مبلغ 5000 دولار لتسديد نفقات علاج والده في المستشفى. وبقية الحكاية طالعها قارئ «القدس العربي» بالتأكيد.

أتفق معك!

أتفق مع الأستاذ راشد عيسى الذي كتب حول الأمر يقول: إن مهاجم البنك غضبه مفهوم. دون حاجة إلى تبرير ذلك بأب مريض وولد محتاج. لكن في المقابل، ما ذنب الرهينة (وليس من حق الغاضبين وضع السكين على رقبتهم أياً كانت أسبابهم)؟

الحاجة إلى الصدق والوضوح

كثيرون جمعوا بعض المال ليومهم الأسود وتوهموا أن إيداعه في البنك يحميه من السرقة بدلاً من تركه في البيت فريسة لسارق، ولم يخطر بباله أن البنك هو الذي سيكون السارق!
وأعتقد أننا في لبنان صرنا بحاجة إلى الوضوح: ماذا حدث لأموال المودعين ومن اغتصبها؟ وهل سيعاد قرش منها إلى أصحابها وهذا حقهم؟ هل يعقل أن يتحول البنك سارقاً؟ ومن المسؤول عن ذلك؟
ولمن ذهبت أموال المودعين؟

مأساة مشابهة: الكهرباء؟

لعل الناس في لبنان ما زالت تدفع الضرائب، لكن لا تنال هذه الأيام إلا ساعة كل يوم من نعمة الكهرباء. وتحاول ترتيب حياتها على هذا النمط، وبالذات المصعد للمباني المرتفعة والمسنين. من تبقى لديه مال يستعين بالمولدات الكهربائية يدفع ثمنها كما يشتري المازوت لتغذيتها ومعظم الناس تعيش ليلاً في الظلام، ووداعاً للبراد (كلمة منقرضة)!
كنت في بيروت يوم 11ـ9ـ2019 وسمعت الرئيس سعد الحريري يعد الناس بأن الكهرباء ستعود في السنة المقبلة، أي يوم 11ـ9ـ2020 وسجلت ذلك التاريخ في دفتري، لكن الكهرباء أمعنت في الإغماء حتى كادت تلفظ أنفاسها.

الخدمات كلها في لبنان ملتبسة

«ملتبسة» كلمة ملطفة عن حقيقة ما يدور. فلبنان تحول إلى «دولة فاشلة» والتفاصيل متشابهة، منها مثلاً الإضراب عن العمل لموظفي الدولة بسبب التدني الشديد في قيمة الراتب بعد انهيار قيمة الليرة اللبنانية إلى الحضيض. وكمثال مؤلم، هو عدم تشغيل مولد المصعد الكهربائي في المجلس النيابي لإنقاذ ثمن الوقود للمحرك! حتى إن الذين يقومون بتسجيل سيارات جديدة يتم إعطاؤهم أوراقاً جديدة مكتوبة بخط اليد بدلاً من المستندات الرسمية الحكومية بسبب نقص الورق!

ضد العنصرية نحو السود

أظن أنني سببت للقارئ اللبناني ما يكفي ويزيد من الاكتئاب الذي لا ينقصه. لذا، أنتقل إلى موضوع آخر. ثمة نفور من أهل البشرة السوداء حتى العنصرية. من طرفي، لو جاء ابني ومعه صبية سوداء البشرة وقال لي إنه يريد الزواج منها، لسألتها عن دراستها وعملها وأسرتها وغير ذلك، ولأبيت أن أرفضها بسبب لون البشرة. والمحاولات كثيرة ضد العنصرية الرافضة لسود البشرة. منها مثلاً صناعة دمى سوداء على العكس من الدمى المألوفة، بيضاء البشرة.

برامج تلفزيونية للعروس السوداء

ثمة برنامج تلفزيوني في فرنسا على القناة 11 يقدم كل يوم عروسين، واسمه (أربع أربع زيجات لشهر عسل واحد) ولاحظت بأن بعض العرائس اللواتي يتم عقد قرانهن تحت كاميرا التلفزيون من سوداوات البشرة والعريس أبيض البشرة. أحببت ذلك التشجيع على الزواج من سوداء البشرة، وهو ما يتحاشاه كثيرون (حتى في بلادنا العربية، حيث لن يفرح أحد بزواج ابنه من صبية سوداء البشرة) فنحن أيضاً نعاني من العنصرية دون الاعتراف بذلك. نسيت أن أقول لكم إن الدمى السوداء للبنات لا تباع إلا فيما ندر، فقد ألف الناس الدمى البيضاء كما أطفال الجيران وأطفالك.. وهذه المشاعر العنصرية في حاجة إلى مقاومة عامة، حيث نقدم لطفلة الجيران مثلاً في عيد ميلادها دمية سوداء!

مهنة جديدة: مغرية أزواج!

ثمة شابة فرنسية جميلة اخترعت مهنة جديدة تدر عليها المال، وهي مغرية أزواج (!) لامتحان مدى إخلاصهم لزوجاتهم (مقابل المال طبعاً). تكلفها الزوجات بامتحان مدى إخلاص الزوج بأن تقوم بإرسال صورتها الجميلة له ومغازلته، وإذا استجاب قالت ذلك للزوجة، وهي أن زوجها ممكن للخيانة الزوجية إذا وجد المجال لذلك، مع جميلة ما. وتتقاضى «ممتحنة إخلاص الأزواج» المال من الزوجة وتختفي. ترى، كم من الرجال العرب يصمدون أمام إغراء خيانة زوجية عابرة مع جميلة ما؟ إنها مهنة تدر على (داني) المال، وتكشف للزوجات عن مدى إخلاص الأزواج. إغراء الأزواج مهنة جديدة غير موجودة في أي مكان غير فرنسا، لكن بعض الأزواج (الخونة) يدعون فيما بعد أن داني قامت بذلك بدافع زوجتهم لامتحان مدى صمود الزوج أمام مغامرة مع جميلة، وأنهم كانوا يعرفون ذلك وعاقبوا زوجاتهم بتمثيل الخيانة. ومهنة «ممتحنة وفاء الأزواج» هي مهنة لا أظنها ستنتقل إلى عالمنا العربي!

مياوو.. مياوو

فوجئت عند البائع الذي أشتري منه الصحف والمجلات في باريس بمجلة اسمها (مياوو) أي مواء القطط.. وهي مجلة خاصة بعشاق القطط وكيفية المحافظة على صحتها ومزاجها وغير ذلك! وشعارها «كيف تفهمين قطتك»! في عالمنا العربي لن تنجح مجلة كهذه، فلدينا هموم أخرى غير (التفهم) مع مواء قططنا. في البيوت الشامية، حيث كبرت، الكثير من القطط، وعمتي كانت لديها دائماً قطة تدعوها «شامة» وكلما ماتت شامة كانت تأتي بأخرى وتدعوها شامة أيضاً (أو «فلة» إذا كان شعرها أبيض)!

والقطط تشعر بالغيرة كالبشر!

حين تزوجت وانتقلت من فندق ألكسندر في حي الأشرفية إلى بيت زوجي في قصر الداعوق واشتريت قطاً (لا تقل في فرنسا إنك اشتريت قطاً بل تبنيت قطاً) سمّيته جيفاغو. ثم أنجبتُ ابني الحبيب ولاحظتُ أن قطي جيفاغو كان يكره طفلي ويغار منه ويتحين فرصة لكي يهاجمه ويؤذيه، ولذا تخلصت منه إذ أهديته إلى إحدى قريباتي خوفاً على ابني منه، فقد كان عليّ التخلص من قطي أو ابني!
ولم أكن أعرف أن الغيرة شعور بشري وحيواني، وأنصح كل أم حامل بالتخلص من قطها قبل أن تنجب. ويبدو أن الطبيعة البشرية والحيوانية واحدة تقريباً، حين يتعلق الأمر بالغيرة!


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد