قمّة التوتر العالمي .. في قمّة سمرقند

mainThumb

18-09-2022 12:28 PM

اكتسبت قمة منظمة شنغهاي للتعاون التي انعقدت في مدينة سمرقند الأوزبكية أهمية استثنائية هذه السنة، وكانت غنية بأكثر من دلالة، في وقت تتصاعد حدة المواجهة العالمية بين الغرب، من جهة، وروسيا والصين، من جهة أخرى، أي أن زمن الاستقطاب الدولي بلغ ذروة جديدة مع الحرب الروسية - الأوكرانية، ومع التوتر المتزايد في المحيطين الهادئ والهندي.

وفي خطوة تؤشر إلى الأهمية التي يوليها الرئيس الصيني شي جينبيغ للقمة، كان حضوره الشخصي لها. وهذه الرحلة الأولى له إلى الخارج منذ تفشي وباء كورونا عام 2020. وكان اللقاء الثنائي الذي عقده مع الرئيس الروسي بوتين على هامش القمة، هو الأول لهما منذ اندلاع الحرب. وإذا كانت الصين لم تؤيد علناً الهجوم الروسي على أوكرانيا، فإنها لم تنضم إلى العقوبات الغربية، وسط تحذيرات أميركية متواصلة من إقدام بكين على تقديم أي مساعدة لموسكو، تمكنها من الالتفاف على العقوبات الغربية غير المسبوقة عليها.

التحذيرات الأميركية كان يمكن أن تلقى بعض الصدى في بكين، لولا زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي لتايوان، وما تلاها من مناورات صينية هي الأوسع حول الجزيرة، بينما ردت الولايات المتحدة بإرسال سفن حربية لتعبر مضيق تايوان، في رسالة دعم لتايبه.

ولا يكف المسؤولون الأميركيون عن الإعلان عن ضرورة التصدي للنفوذ الصيني في المحيطين الهادئ والهندي، وعن تعزيز التكتلات في مواجهة الصين، وآخرها كان الإعلان عن تأسيس تحالف يضم 13 بلداً في منطقة آسيا - المحيط الهادئ، يقوم على تطوير القطاع الرقمي ومصادر الطاقة المتجددة وقانون العمل ومكافحة الفساد.

وكأن التوتر الصيني - الأميركي يدفع نحو تمتين العلاقات بين بكين وموسكو، على خلفية سعي الجانبين إلى عالم متعدد القطب، بينما تبذل أميركا أقصى جهدها للدفاع عن الأحادية القطبية.

ومنظمة شنغهاي للتعاون منذ تأسست في حزيران (يونيو) 2001، كانت تعبيراً روسياً - صينياً عن الحاجة الروسية - الصينية إلى تكتل اقتصادي ينافس أميركا، ويساعد بكين على وضع رؤيتها لمبادرة الحزام والطريق موضع التنفيذ. وربما من المفيد التذكير بأن دول المنظمة تمثل نحو 60 في المئة من مساحة أوراسيا، ويقطن فيها نحو 50 في المئة من سكان العالم، وتشكل أكثر من 20 في المئة من ناتجه الاقتصادي.

وفي عالم تمزقه الاستقطابات، من المتوقع أن يتعزز دور المنظمة، وأن توسع من عضويتها لتشمل دولاً جديدة من تلك المناهضة للسياسة الأميركية، كانت قد أبدت في السابق بعض التحفظات حيالها، ولا سيما إيران التي تتمتع بصفة مراقب. وكانت طهران قد سعت إلى نيل العضوية الدائمة في المنظمة منذ أعوام، لكن ذلك قوبل بممانعة بعض أعضائها على خلفية عدم الرغبة في ضم طرف يخضع لعقوبات أميركية وغربية واسعة.

وعلى الضفة الأخرى، زادت قوة حلف شمال الأطلسي بعد الحرب الروسية - الأوكرانية، وباتت عقيدته العسكرية تطمح إلى دور في مواجهة "التحدي" الصيني. وهذا بدوره عامل من العوامل التي تدفع بكين إلى تعزيز علاقاتها بموسكو، والدفع نحو تأسيس عالم متعدد القطب.

بعض المراقبين الغربيين يرون أن التعددية القطبية باتت من المسلمات، ليس لأن أميركا ضعيفة، بل لأن الآخرين يزدادون قوة، وخصوصاً الصين وروسيا والهند. أي أن التطور الطبيعي للعالم يتجه نحو التعددية القطبية، قبل أن تشن روسيا حربها أو أن تؤكد الصين نفوذها في المحيط الهادئ وخارجه وتصل إلى أميركا اللاتينية، الحديقة الخلفية للولايات المتحدة.

هذا التنافس العالمي الذي ثبت بما لا يدع أدنى شك، أنه يقود إلى نزاعات وحروب، حمل البابا فرنسيس من على منبر مؤتمر الأديان السابع في كازاخستان الأربعاء، إلى إطلاق صرخة تدعو إلى استعادة ما وصفه بـ"روح هلسنكي"، في إشارة إلى اتفاقات 1975 التي كرّست الهدنة بين الغربيين والسوفيات.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد