أخلاقنا الجميلة

mainThumb

21-09-2022 04:20 PM

"دا طيب وعلى نياته"، مصطلح يتكرر كثيراً، وللأسف يتخذ معنى معنويا سلبيا في نفوس البشر، كناية عن الطيبة المفرطة والتعامل مع الأحداث بطبيعية مطلقة، بدلاً من اتخاذه معيارا إيجابيا في الحكم على الأشخاص والتعامل مع المستجدات، بما يتناسب معها، والحقيقة أن النفوس الصافية الطيبة جزء أصيل من شخصية الشعب المصري، وإن اختفت جزئياً فذلك لا يعني اندثارها، بل هي جزء أصيل وأساسي ينشأ عليه المصري. وبما ان طبيعة المجتمع المصري تختلف عن طبيعة باقي الشعوب، في كونه مجتمعا منفتحا على العالم، وقابلا للتكيف والتأقلم والمرونة الثقافية والمعرفية.
حتى الثقافة الشعبية القديمة والتي أصبحت جزءا من التراث المعنوي الموجود في مصر والتي هي جزء من الثقافة المصرية بشكل عام، لم تخل من تعزيز أواصر القيم الأخلاقية متمثلة في الأمثال الشعبية والمعاملات اليومية والعادات المنزلية والعائلية.
على سبيل المثال: من منا لم يتعرض لموقف يستدعى المساعدة، وتجد أن هناك من يعرضون المساعدة دون مقابل، بل ولا ينتظرون حتى شكرا، مجرد وقوعك في أزمة في شوارع مصر يجعل العديد يهرولون لمساعدتك، والانتظار حتى يصبح كل شىء بخير وعلى ما يرام، وقد تجد من يقدم المساعدة هو أكثر شخص يحتاج لها بقوة.
فحتى الحيوانات لم تبتعد كثيراً عن محور الأحداث الأخلاقية الحالية، فهناك حملات أيضاً للتعامل بإنسانية مع الحيوانات، من خلال عدم إيذائهم وتوفير ملاذ آمن في البيئة المحيطة لهم، وأيضاً البيئة اهتم بها المصريون، بل وجعلوها أولوية للرعاية والمحافظة عليها من خلال تدشين عدة حملات لنشر الثقافة البيئية، حملات من وقت لآخر لزرع هذه الصفات في الأجيال الجديدة وإبرازها بقوة، وبيان شرف وأهمية مساعدة أي غريب يحتاج مساعدة، حتى وإن لم يطلبها، فنحن شعب اشتهر بـ "الجدعنة"، فكلما تأصلت بذرتك الطيبة فهذا يزيد من تصادفك للأشخاص الطيبين، ويسخر الله لك من امثالك طوال الدرب.
من المهم حالياً تفعيل دور الأخلاق في المجتمع المصري وذلك عن طريق حملة حقيقية تتبناها مؤسسات المجتمع المدني لترسيخ القيم الأخلاقية والأعراف الحميدة التي نشأنا عليها، ويمكن عمل ذلك في خطوات بسيطة تبدأ بطرق منع الأذى وتفادي الأذى المعنوي على الاخرين المتمثل في التنمر والنميمة ونشر الشائعات والأكاذيب، بل وأيضاً وضع حد لها عن طريق التحقق والبحث والمعرفة حول الموضوع قبل نشر اي معلومة من شأنها التأثير على الاخرين او إلحاق الاذى بهم.
تحتاج المبادرة تعاون خبرات اساتذة متخصصين كالأساتذة النفسيين وعلماء الاجتماع والتربية وغيرهم، لوضع استراتيجية مستمرة وقابلة للتطوير على المدى الطويل، وأيضاً طرح الثوابت الأخلاقية والعرفية التي يتقبلها المجتمع المصري والشعب المصري بصدر رحب، وأيضا إقامة فعاليات على نطاق محافظات مصر تتنباها مؤسسات الدولة وتساعد في تبنيها من المجتمع المصري بكل سهولة وسلاسة، نحتاج لتكاتف حقيقي من أغلبنا لإرساء قواعد تحكم العلاقات فيما بيننا، يسودها الخير والود والتعاون، والبعد عن التناحر والشجار، نحتاج للقيم الحقيقية المخلوقة بداخلنا، نحتاج للإنسان في أكمل أشكاله، نحتاج للجدعنة.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد