الحرب عن بعد بأدوات تكنولوجية

mainThumb

14-11-2022 12:48 AM

تعتبر بريطانيا من أقدم الدول الغربية المتميزة في مختلف انواع التصنيع على مستوى العالم من حيث التصميم والإتقان. لقد تم تطوير أول طائرة بدون طيار في بريطانيا خلال الحرب العالمية الأولى، وتم اختبارها لأول مرة في شهر 3 من عام 1917، وهي طائرة صغيرة يُتحكم فيها عن طريق الراديو. وبعد ذلك تم تصنيع اول طيارة بدون طيار في أميريكا وتم إختبارها في شهر 10 من عام 1918. وعلى الرغم من أن كلتا الطائرتين البريطانية والأميركية أظهرتا نتائج واعدة في اختبارات الطيران، إلا أنهما لم يتستخدما عمليًّا في الحروب. وفي عام 1935، صنع البريطانيون عددًا من الطائرات التي يُتحكم فيها عن بُعد، لاستخدامها كأهداف لأغراض التدريب، إذ بدأ ظهور مصطلح "طائرة بدون طيار"، وتتعدد أسماؤها في الوقت الحاضر ما بين "الدرون" و"الطائرة المسيّرة" و "الزنانة" التي تستخدها دولة الكيان الصهيوني ضد الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية. لقد إستخدمت أميريكا طائرات الإستطلاع بدون طيار لأول مرة على نطاق واسع في حرب فيتنام، كشراك خداعية في القتال، ولإطلاق الصواريخ على أهداف ثابتة، ولإلقاء المنشورات في حربها النفسية على أعدائها. كما إعتمدت الولايات المتحدة على الطائرات بدون طيار في العديد من المهمات، وخاصةً مهمات المراقبة في المناطق والتضاريس التي لا تستطيع القوات الذهاب إليها بأمان. لقد كانت الطائرات المسيرة المقاتلة في الماضي حكرًا على القوى العسكرية العظمى، إلا أن الصين فيما بعد تصدرت دول العالم في تصنيع هذا النوع من الطائرات وتبعها في ذلك تركيا وإيران والكيان الصهيوني. وقد تميزت هولندا في صناعة طائرة الدبور الأسود ومقاسها 16x2.5 سنتميتر مربع ووزنها 18 غرام والتي تستطيع ان تدخل من النافذة إذا كانت مفتوحة وتصل هدفها سواء أكان إنسان او غيره وقد زودت هولندا أوكرانيا في هذه الطائرات وتم إستخدامها في الحرب الروسية الأوكرانية وغيرت مجرى الحرب لصالح اوكرانيا نوعا ما. وبدأ إستخدام هذا النوع من الطائرات من قِبل المتمردين في العديد من الدول، ويشير الخبراء العسكريون إلى أن الصين هي المصدر الرئيسي للطائرات المسيرة المسلحة التي يستخدمها المتمردين في جميع أنحاء العالم. في السنوات الأخيرة، تم تطوير نماذج تستخدم تقنيات مثل الطاقة الشمسية لمعالجة مشكلة تزويد الرحلات الطويلة بالوقود، وتتنوع مهمات الطائرات بدون طيار الآن، إذ تتجاوز الأغراض العسكرية إلى التطبيقات التجارية والبيئية وغيرها من الأغراض الأخرى، بدءًا من مكافحة الحرائق، ومراقبة تغيُّر المناخ، ورصد ملوِّثات الهواء، إلى إجراء عمليات البحث عقب وقوع الكوارث الطبيعية، ومتابعة البنية التحتية، ومراقبة خطوط الأنابيب، والتصوير الفوتوغرافي في الاماكن الخطرة، وتسليم البضائع. كما ويمكن تطويرها لأداء مهمات تسليم الدواء وتلقيح الزهور وفي مراقبة الأحداث العامة والترفيهية وتغطية الإنترنت (على نطاق واسع) للمناطق النائية.

لكن الاستخدام الأكثر شيوعًا هو من قِبل الجيوش لعمليات الاستطلاع والمراقبة وإطلاق الهجمات الجوية الإنتحارية. ومع الانتشار الواسع لهذا النوع من التقنيات، بدأت العديد من الجهات البحثية في إطلاق عدة تحذيرات تتعلق بعملية التواصل فيما بينها في الفضاء لتفادي التصادم، وضرورة تجنُّب وقوعها في أيدي المتمردين والخارجين عن القانون، والحد من تأثيراتها السلبية على البيئة. بعد ذلك تم تطوير الروبوتات كجنود مشاه من قبل الصين واليابان وغيرها من الدول للإستغناء عن المشاة في الجيوش. إلا أن هناك العديد من التحذيرات البحثية تتعلق بعملية التواصل فيما بين الر بوتات والدرونز في الفضاء لتفادي التصادم حيث استكشفت الأبحاث العديدة في هذا المجال عدد من الأساليب اللاسلكية، ومنها تقنية الأقمار الصناعية وشبكات (واي فاي) Wi-Fi وشبكات الاتصالات الخلوية الحالية، وتبيَّن أن الأقمار الصناعية باهظة الثمن، وأن شبكة واي فاي يقتصر نطاقها على بضع مئات من الأمتار، في حين توفر الشبكات الخلوية نطاقًا أكبر وقابليةً للتوسع على المدى الطويل، ولكن لا تزال هناك بعض المشكلات التي تحتاج إلى معالجة. ومنها تداعيات استخدام الحوثيين للطائرات المسيرة على المدنيين في اليمن ودول الجوار والتي ادت إلى ارتفاع وتيرة اقتناء الجماعات المتمردة والجماعات المسلحة والجماعات الفاعلة خارج الدولة للطائرات المُسيرة أو ما يُعرف بالطائرات بدون طيار، ويعزو ذلك إلى خفض تكلفتها. إذ تقدر تكلفة بعض الطائرات منها بنحو ثلاثة آلاف دولار بجانب سهولة الحصول عليها، فهي متاحة تجاريًّا ويمكن لأي شخص شراء مكوناتها عبر منصات التسويق الإلكتروني. كما انتشرت الدرونز للهواة وراغبي الطيران الشراعي، والنوع الأفضل والأرخص للهواة "SymaX5SC" يبلغ سعره 54 دولارا أمريكيًّا، أما للمبتدئين فقد طُرحت "Syma X5C" بسعر 30 دولارًا أمريكيًّا، ولكن الأفضل من حيث وقت الطيران (25 دقيقة) هي "TYPHOON" من شركة "Yuneec"، ويصل سعرها إلى 1200 دولار. وتتوافر تكنولوجيا الطائرات المسيَّرة التجارية على نطاق واسع، ويمكن لأي شخص تصنيع طائرة مسيرة هجومية بكلفة لا تتجاوز بضع مئات من الدولارات، وبعض الجماعات الإرهابية لديها هذه القدرات، وقد أثار استخدامها في النزاعات الحالية وفي بعض البلدان معضلات قانونية وأخلاقية معقدة، خاصةً عندما ينتج عنها وفيات مدنية، إما بسبب البيانات غير الدقيقة أو بسبب قرب المدنيين من "الهدف". وقد تم تصنيع هذا النوع من الطائرات من قبل حماس في قطاع غزة ويمكنهم إستخدامها ضد الكيان الصهيوني.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد