من سيحرر فلسطين؟

mainThumb

15-11-2022 02:48 PM

كان احتلال فلسطين هو اول التفتت والتشتت في كل مكان على الأرض، احتلها الانجليز كمدخل متمم لضرب الدولة العثمانية وسلموها لمجموعة من المفسدين الذين سموا انفسهم الصهاينة، ولكي يجدوا لهم بين الناس موقعا لبس أولئك الصهاينة عباءة اليهود بدليل انه لم يكن لهم في العالم موقع محدد، ولا حتى لليهود، فكل الناس رغبوا في التخلص منهم، ف
الإنجليز تخلصوا منهم وتبعهم الأوروبيين، والسبب هو ان أصل الاختلاف بينهم وبين اهل أوروبا كان عقائديا، هو الاختلاف الذي تجسد في التاريخ بين مذاهب اليهود والمسيحيين، حيث كان اليهود متهمين طول الوقت بصلب عيسى عليه السلام، ولان معظم الأوروبيين مسيحيين فكيف سينظرون لذلك الغريم الذي اعتدى – من وجهة نظرهم - على أصل العقيدة عندهم؟ ولذلك فان كل الأنظمة في كل بلاد العالم لم تقبل – بشكل معلن - ان يكونوا فيها حكاما حتى لو نجحوا في انتخاباتهم، أي فيما يسمونه بالأنظمة الديمقراطية.
لقد قبل الانجليز في التاريخ الحديث ان تكون الملكة المانية الأصل ويكون زوجها يوناني الأصل، وان يكون رئيس الوزراء فيها من أصل تركي بل ان ينتخبوا رئيسا للوزراء في أكبر احزابهم عددا واكثرهم وطنية – من وجهة نظرهم أيضا – من أصل هندي بل هندوسي الانتماء العقائدي وان لا يكون يهوديا.
ان من ساهم في بناء وإقامة دولة للصهاينة في فلسطين هم الانجليز اذ وعدهم بلفور بذلك وساهموا مع الفرنسيين في تهيئة المنطقة لإقامة تلك الدولة من خلال اتفاقية سايكس بيكو، تلك التي نسفت ارث العرب في بلاد الشام ووضعت لغما في قلب الدولة العثمانية، فرسخت واقعا متعدد الابعاد في بلاد العرب، مبني على أساس غير إسلامي ولا حتى قومي، فها هو النظام في لبنان مختلف مع النظام في سوريا، وها هو النظام في العراق متعدد التوجهات والطوائف، وها هو في كل البلاد المحيطة بالجزيرة العربية يميل في تكوينه الى العشائرية.
وحتى يتقرب منها أبناء العرب ولا ينازعونها او حتى ينازعون صنائعها في بلادهم ساهمت في نشر أفكار وأحزاب من يعتقد المنتمي لها منهم انها تحقق أهدافه وطموحاته، مع ان الحقيقة تقول ان الاحداث والتاريخ أكد انها أحزاب ضعيفة وغير قادرة على اقامة أي نظام سياسي يقف في وجه الحركات الصهيونية وامتدادها في بلاد العرب.
ولأنهم اذكى ممن دعمهم ووقف خلفهم في تحقيق أهدافهم المرحلية والمستقبلية، وليظهروا انهم رفعوا عمن اوجد دولتهم أعباء وتكاليف إيجادها، فقد قام كبار علمائهم بالتفكير في مشروع يهدف الى تحقيق ذلك، فوجدوا من خلال البحث المتعمق والمتعدد التوجهات عن وسيلة معقولة ومهمة للوصول الى ما يسعوا اليه، وفهموا ان أسهل الطرق لتحقيق تلك الغاية هو الاقتصاد.
ولأنهم في اغترابهم عبر التاريخ فهموا واتقنوا استخدام الاقتصاد، فقد صنعوا ووضعوا للغرب من الاقتصاد دولة ونظام في اكبر مستعمراتهم غرب الأطلسي، تسعد بل تسعى دائما لتحمل أعباء احتياجاتهم، فخلصوا اوروبا من مشاكلها الحالية والمستقبلية وصنعوا من الدولة الجديدة نظاما مرتكز على نظريات ومفاهيم الاقتصاد كما يروها هم وتعمل كما يريدوها، وفعلا نجحوا في تخليص من صنع كيانهم وطردهم من دياره من أعباء ذلك الاجراء المشين، ليعيشوا في فلسطين ويعيثوا فسادا في الأرض انطلاقا منها، وهكذا خلصوا انفسهم من تكاليف الانشاء، وأوجدوا نظاما كبيرا وقويا تابعا لهم ونقلوا اليه أعباء حياتهم .
هكذا ضاعت فلسطين ، وتغيرت أشياء متعددة في بلاد العرب ، وأصبحت الصورة الجميلة التي كانت بديعة ومشرقة في بلد العرب حتى نهاية القرن التاسع عشر من ميلاد ابن فلسطين عيسى عليه السلام صورة ممزقة ومشوهه ، واصبح النظام الشامل القوى الذي كان يضم بين أطرافه بلاد العرب وحتى بلاد العجم تاريخا عفى عليه الزمان ولم يعد امام الناس في هذه البلاد الا ان يقبلوا الظلم بل يتنازعون من اجله ويحارب بعضهم بعضا ، واصبح النكد في الحياة هو سيد الموقف ، وامتد هذا النكد ليعم القبائل وحتى الأسر في بيوتهم ، وأصبحت المدارس مرتعا للمفاهيم الغريبة واصبح الشارع مركزا للفساد وكما قال العرب قديما اتسع الخرق على الراقع.
فما الحل؟ ومن سيحرر فلسطين التي سيكون تحريرها هو مربط الفرس، ويعود لبلاد العرب ومن حولهم عزهم وتشرق صورتهم مرة أخرى؟ ويختفي الظلم والفساد الذي أصبح هو الوضع السائد بينهم؟ ويعود النظام المناسب لحكم الأرض في كل بقاع الأرض، وتعود صفة المدرسة الحقيقية لهم ليعلموا الغرب والشرق المعرفة الصحيحة وإدارة الاقتصاد الصحيحة وليعودوا كما كانوا أساتذة لهم في كل مناحي الحياة؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد