طابون خالتي زهرة

mainThumb

06-12-2022 11:14 PM

عندما كنت امتطي الحمار او البغل حسب المتوفر لاقوم بواجب العيد للسلام على خالاتي باعتباري اكبر اخواني وهذه ضريبة تفرضها التقاليد والاعراف على الاخ الاكبر ،
وتبدا الرحلة في الصباح الباكر ومباشرة بعد صلاة العيد بالاستعداد للسفر عبر طرق وعرة اكتشفها العثمانيون بالبغال وعرباتها وعدلها الانكليز بالمشي وراء الحمير لاعتمادها ومن ثم اصبحت الطرق السالكة والمعروفة ،
وفي بداية الرحلة تتعرض لنباح وملاحقة قطعان الكلاب الضالة او المرافقة لرعاة الاغنام، واقلها ضررا ونباحا كلب الحطابات الذي يرافق النسوة في رحلة جمع الحطب او جلب المياة بهدوء ،
وما ان اقترب من (خلة العقد )بمحاذاة مرتفعات جبال واد قيس الجنوبية ،تهدا خواطري برؤية دخان طابون المرحومة خالتي عائشة والتي لا امكث عندها مطولا لان رحمة الله عليها توفيت وهي تناديني وتصر على ان اسمى ؛عطا ؛على اعتبار انها اطلقت علي هذا الاسم تطوعا منها واستبشارا بعطاء المولى عز وجل ،ولازمني لحقبة زمنية واختفى الاسم الحركي بعد رحيلها ،
وبعد ان اقوم بالسلام عليها وتقبيل يديها واقدم لها العيدية والتي هي عبارة عن صفط حلقوم ومجيدة (عشرون قرشا)واشرب الحليب الطازج واستمع لدعواتها الطيبة الصادرة من القلب ،
ومن ثم اغادر مسرعا على ظهر دابتي عبر الوديان والشعاب في واد قيس الذي تابط شرا ودفن فيه وامارس طقوس بني قيس في بناء المنطار على مقام الولي قيس في منتصف الوادي حتى لا تخطفني الغولة في نهاية الوادي حسب الرواية الفاطمية ،وبعد رحلة مضنية اواجه طلعة صعبة وحادة في الطريق الى خربة (ابو سحويلة )حيث تسكن خالاتي في بيت اثري ارضيته من الفسيفساء من ايام الكنعانيين وكانت تصف الارضية بحصى الطابون ،
وكان لا بد من قراءة الفاتحة بعد اعتلاء القمة في الخربة كتقليد لا اعرف مغزاة حتى يومنا هذا، وتنفرج اساريري عندما ارى دخان طابون خالتي زهرة الكثيف كانه مفاعل نووي الذي يؤشر الى ان هناك ديك وبعض الدجاجات البلدية في صينية داخل الطابون تنتظري واقترب موعد الغداء
بعد رحلة طويلة اتناول الوجبة التي لا زال طعمها في فمي ويسيل لعابي عندما اتذكرها ،
ولا زال طابون خالتي زهرة رحمة الله عليها محفورا في ذاكري منذ ست عقود خلت لانه يتفوق في اقتصادياته على برامج التنمية والخطط الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في هذه الايام لتكاليفه البسيطة في الاعداد والتشغيل والصيانة والادارة
والاهم من كل وذاك انه لا مجال للسرقة او الفساد او التلاعب في المنتجات ولا مجال للكيماويات فكلها طبيعية ونقية وصحية؟؟؟


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد