فقولا له قولا لينا

mainThumb

02-01-2023 03:15 PM

قيل بأن رجلا دخل على أحد خلفاء بني العباس، وأراد أن ينصح له ويعظه، فأغلظ عليه بالكلام. فقال له الخليفة: إن الله بعث من هو خير منك إلى من هو شر مني، وأمره باللين والرفق، فقد بعث الله موسى وهارون عليهما السلام وهما خير منك، إلى فرعون وهو شر مني، فأمرهما الله: "فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى". [طه:44].

فإن مخاطبة أي إنسان بالنصح، يجب أن تكون بالرفق واللين، فكيف بالمسؤولين وولاة الأمور؟ فإن الأمر يتطلب الحاجة إلى مزيد من الرفق واللين، فهذا أمر الله إلى رسول ونبي؛ موسى وهارون عليهما السلام أن يذهبا برسالة التوحيد وبلاغ الرب وهما منصوران لا محالة، إلى طاغية قال: أنا ربكم الأعلى! فأمرهما بالرفق واللين في كلامهما معه.

وإذا كان جدال الكفار بالتي هي أحسن، "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ". [النحل:125]. فكيف بجدال المسلمين، وخصوصا ولاة الأمر والمسؤولين.

فكثير يعتقد أن الحرية التي سقفها السماء هي الغلظة في القول، بل وربما السب والشتم، تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية غيرك، والحرية التي سقفها السماء يجب أن تكون بالرفق واللين والحكمة وأحسن الكلام.

وما نسمعه أو نقرأه اليوم على مواقع التواصل والإعلام المختلفة من غلظة في مخاطبة ولاة الأمر والمسؤولين، وربما شتم وسب وقذف، لا يمكن قبوله شرعا ولا أدبا ولا عرفا، فإذا كان كرامتك كشخص لا تسمح لك بقبول ذلك من أقرب الناس إليك، فكيف تريد من الآخرين قبول ذلك منك؟ ولكل إنسان قدره ومكانته في المجتمع والأمة، فكلما زادت مكانة الإنسان ومسؤوليته، كلما اقتضى الأمر رفقا ولينا وحكمة وحسن قول في مخاطبته.

ولا يفهم البعض أن هذا من باب التزلف والمدح الكاذب والنفاق، بل وجبت النصيحة لولاة الامر بأمر من الله ورسوله صلى الله عليه وسلم حيث قال: "الدين النصيحة. قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم". ولكن هذه النصيحة وجبت أن تكون بالرفق واللين والحكمة والقول الحسن.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد