ساعي بريد يتذكر

mainThumb

10-01-2023 09:28 PM

في لقاء عفوي مع صديق كان قد عمل لعقود طويلة كساعي بريد ويحتفظ ببعض الذكريات الطيبة من خلال ممارسته لمهنته التي انقرضت والتي كانت لا تحتاج سوى القدرة على المشي لمسافات لتسليم الرساثل لاصحابها في البيوت وفي اماكن قد تحتاج الى الصعود والهبوط والسير على الطرقات العامة والبحث عن العناوين وفي مرحلة متقدمة اصبح الساعي يستخدم الدراجة الهوائية ،
وقد استخدم المصطلح في سباق جري التتابع في العاب القوى حيث اطلق عليه في العراق تحديدا بسباق التتابع البريدي ،
ولم يكن بحاجة الى تاهيل دراسي يتجاوز اجادة القراءة والكتابة او مستوى من الذكاء سوى حفظه للطريق ولا ضرورة للحوار او الحديث مع المستهدفين من الخدمة والتي لا تتعدى الاشارة بالتحية ووضع الرسالة في مكانها المحدد،
وكان يتميز بزيه التقليدي (الخاكي والجاكيت الطويل وشنطة متوسطة الحجم تحمل على الكتف ) ومعظمهم يتصفون بالبساطة وخفة الدم وبعضهم يتصف بالغباء ومنهم من احترف نقل الاحاديث وتاليف الروايات عن رحلاته اليومية واستغلهم بعض المتطفلين لفتح الرسائل وقراءتها لمعرفة اسرار الناس مقابل وجبة فطور متواضعة او دراهم معدودة ومنهم من اضحى كسولا بحيث لا يوصل الا الرسائل التي يعتقد ان اصحابها متنفذون خوفا من اكتشاف امره،
واما بقية الرسائل فكانت تلقى على قارعة الطريق بعد تمزيقها او حرقها،
وتذكرنا المهنة بمصطلح كوميدي استخدم في مصر حيث كان ساعي البريد يلقي الرسائل في الترعة وهي قنوات متفرعة من النيل وهي منتشرة بكثرة في الريف المصري ومن هنا انتشرت المقولة المتداولة (ارمي في الترعة ) كناية عن اهمال وتجاهل الموضوع ،
وبعد ان اسهب صديقي في سرد ذكرياته اشفقت عليه لتراجع صحته وتطاير الشعرات التي كانت متناثرة على راسه واصبح لا يجيد ربط الاحداث ،ويتلعثم في الحديث ويكرر كلمات لا ضرورة لها واضحى في وضع يدعو للشفقة والصدقة احيانا بعد ان تخلت عنه صحته وابتعد عنه من استغلوه وكانوا يفتحون الرسائل التي يفترض ان تصل الى اصحابها او تجنيده للتجسس على الاشخاص والبيوت ونقل وتاليف الروايات زورا وبهتانا ،،
والله المستعان على الظالمين ؟؟؟


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد