امبراطورية مأمور المقسم

mainThumb

15-01-2023 12:19 PM

ذكرني الصديق ابو فارس الغبكري في مشاركة له بمأمور المقسم ،ومع اصرار الصديق ابو براء الاستاذ عبد المهدي الهزايمه على ذكر المأمور في كل لقاء لنا دون ان اعرف سبب ذلك حتى هذه اللحظة ،

ولذلك احببت ان نتذكر سويا هذا الموظف الذي كان يملك المفاتيح والاسرار والازرار والاسلاك وشكل امبراطورية يصعب اختراقها ،
وبعد انتشار خطوط الهاتف لم نعد نرى الحمام الزاجل او الرجل على دابته يجوب القرى المجاورة لايصال رسالة شفوية من المختار او شيخ العشيرة او لدعوتهم لفرح او اخبارهم بترح وخلاف ذلك من الامور ،
وكانت البداية بخط هاتف وحيد تذبح له القرابين احتفاء بوصوله الى القرية ويستولي عليه المختار او صاحب الدكان الوحيد في منتصف الخربة،
ومن ثم بدا تركيب خطوط داخلية لاصحاب الحظ والمتنفذين لكنها تمر من خلال الامبراطور ،
وهنا بدات قصة مأمور المقسم الوحيد الذي يملك الحق في تلقي المكالمة والرد عليها وتحويلها الى اصحابها من خلال ربطهم مع المتصل بسلك ورقم وحركة بهلوانية منه اذا اعجبه الزبون ،
وكان المقسم سرا من الاسرار العظيمة فلا تستطيع الدخول خلف الطاولة ولكن قد تسرق نظرة للاسلاك والوصلات والصندوق عن بعد وقد تتعرض للزجر او الطرد اذا ما لحظك الامبراطور ،
اما الدخول اليه او لمسه فكان من المحرمات ولا يقل خطورة عن الدخول الى مفاعل نووي او محطة لتخصيب اليورانيوم ،
ومن هنا تشكلت امبراطورية مأمور المقسم فهو الذي يملك الاسرار وخاصة اذا كان فضوليا ومعظمهم كانوا كذلك ،فيتجسس على المكالمات ويؤلف عنها روايات ويفشي اسرار العائلات ويبتز العشاق واصحاب الاموال لانه يعرف التفاصيل الا من رحم ربي ،
وكانت المكالمات الليلة تخضع لمزاج المناوب ومدى اعجابه او رضاه عن اصحابها وقد يغلق الهاتف او يرفع السماعة ليبقيه مشغولا وهو في سابع حلم على سريره بقرب صوبة الحطب او الكاز ويتلقى الوجبات ويعشق اللمات مع الاصدقاء والناس نيام ،
ومع تطور الامور وانتهاء الاعتماد على المقاسم النصف الالية والالية بدات امبراطورية المأمور بالاختفاء تدريجيا الى ان انهارت تماما ،
ولكن في المقابل ظهرت امبراطورية الاقمار الصناعية للتجسس علينا في قبورنا ولم تعد هناك مكالمة تمر دون تدقيق او تمحيص وتحريف احيانا باجهزة وادوات يصعب رؤيتها او التعرف على مكانها مما جعلنا نتمنى عودة مأمور المقسم الذي كان يمكن الحديث معه والتحايل عليه اوالتفاهم معه بوجبة دسمة في ليلة من ليالي الشتاء البارد ؟؟؟


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد