زلزال تركيا

mainThumb

07-02-2023 10:40 AM

كثيرا ما حذرنا سابقا في مناسبات عدة، ماذا لو حصل زلزال مدمر في ليلة شتاء باردة في مناطق تفتقد للتخطيط العمراني السليم دون أن نأخذ بعين الإعتبار الدروس المستفادة من الحوادث الزلزالية السابقة. في عام 1985 ضرب زلزال المكسيك فاقت قوته 8 درجات على مقياس ريختر أحدث دمارا كبيرا في العاصمة المكسيكية الواقعة على مسافة أكثر من 400 كيلومتر عن مركز الزلزال موديا بحياة ما لا يقل عن 20 ألف شخص على الرغم من عدم تأثر المدن الأقرب إلى مركز ذاك الزلزال في المكسيك بذاك الزلزال. تبين حينها أن آثار ذاك الزلزال في العاصمة المكسيكية إنحصرت في منطقة البحيرة الجافة في العاصمة المكسيكية. السبب في ذلك كان هو التضخيم الموجي الزلزالي الناجم عن الارتداد المتكرر للأمواج الزلزالية داخل التربة الرخوة من الرواسب المنقولة تاريخيا في هذه البحيرة الجافة أو المجففة لأغراض إنشائية.
بناء على ما سبق من الضرورة بمكان أن يشتمل الإستعداد المبكر على النواحي العمرانية بحيث تأخذ بعين الإعتبار الخصائص المختلفة لمواقع البناء الحركية المتعددة والمباني المزمع إقامتها بحيث يتم اللإنشاء إستنادا لخصائص مواقع البناء الحركية وأن يقتصر جسم المبنى على مركز ثقل واحد. للأسف ثقافة دول حوض المتوسط وخاصة العربية العمرانية تهتم كثيرا على النواحي الجمالية والوجاهية للأبنية بما يشكل خطرا كبيرا على قدرتها على الصمود جراء الحوادث الزلزالية بفعل تعدد مراكز الثقل في هذه الأبنية الأمر اللذي يجعل كل مركز ثقل في المنشأ يسلك سلوكا مغايرا لمركز الثقل الآخر سواء كانت هذه الأبنية لأغراض السكن أو لأغراض تجارية أو مؤسسية بما يجعلها تسلك سلوكا اهتزازيا مختلفا عن مراكز الثقل الأخرى وبما يفاقم الخطر على المبنى في حالة حدوث الزلازل.
كاتالوغ الزلازل السوري لرضى سبيناتي تحدث عن 36 زلزالا مدمرا ضرب سوريا خلال الألفي عاما المنصرمة، كاتالوغ الزلازل الأردني يتحدث عن 24 زلزالا مدمرا تراوحت قوتها من 6 إلى 8 درجات على مقياس ريختر حدثت على طول صدع البحر الميت الممتد من مدخل خليج العقبة وحتى نقطة التقاء هاذا الصدع مع صدع الأناضول الشرقي في تركيا عند النقطة التى حدث فيها زلزال هاذا اليوم بقوة 7.8 على مقياس ريختر، بل أن دراسات هامة أشارت إلى حوادث زلزالية مدمرة ضربت منطقة شرقي المتوسط على طول صدع البحر الميت قبل أكثر من 10 آلاف عام. بناء على ما سبق من الضرورة بمكان تشريع قوانين تلزم تطبيق آخر المستجدات الهندسية في البناء السليم المقاوم لأفعال الزلازل. أنا لا أطالب بتركيب مخمدات للأمواج الزلزالية في كل منشأ لكلفتها العالية بل على الأقل أخذ المعايير الهندسية والمتعلقة بخصائص المنشآت المزمع إقامتهاوخصائص مواقع البناء الحركية في سياق تخفيف المخاطر الزلزالية إلى أدنى حد ممكن.
نحن هنا لا نهول الوضع زلزاليا بقدر ما يتطلب الأمر الإستعداد الأمثل لها في سياق التخفيف من مخاطرها علينا مستقبلا وزلزال اليوم خير مثال على ذلك.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد