الذكاء الصناعي ومشكلات الهوية والأخلاق
يقول الدكتور توفيق السيف في المقال الأول، فيما يُحتمل أنها خلاصة لفكرته: «الذكاء الصناعي يؤذن بظهور اقتصاد جديد لم يسبق أن جرى تعريفه ضمن الثقافة ومنظومات القيم الخاصة بالمجتمع. وبالتالي فهو لا ينضوي تحت المنظومة الأخلاقية والعرفية القائمة. في هذه الحالة ستكون أخلاقيات وتقاليد الاقتصاد الجديد متأثرة بالمجتمع الجديد، مجتمع الشبكة حسب التصوير الذي اقترحه مانويل كاستلز، والذي يتألف من الأشخاص كافة الذين نتواصل معهم على نحو شخصي أو ثقافي أو اقتصادي، بواسطة الشبكة وباستعمال منطقها وأدواتها.
نحن إذن بصدد مفاهيم جديدة لتعريف الذات وأخلاقيات التعامل ومعنى الاختلاف بينك وبين الآخرين، أي معنى الآخرية.
تشير كل من هذه المواقع الثلاثة إلى نقطة اشتباك بين مكونات الهوية الموروثة ومؤثرات - تحديات العالم الجديد، في مرحلة تواصل مكثف يقودها الذكاء الصناعي. ما زلنا بحاجة إلى دراسة أعمق لهذه المسألة. ولعلنا نعود لمراجعتها مرة أخرى في المستقبل القريب».
هذا القول يُعيدنا إلى نقاش طويل حيوي نشب قبل قرن من الزمان حين كان حكماء البشرية يتلصصون على المستقبل، محاولين التنبؤ بمصائر التقنية وآثارها على بني الإنسان.
في آخر القرن العشرين طرح نيتشه انتقاداته لـ«عصر الآلات»، التي تجعل «الحشود آلة نمطية واحدة، يذوب فيها دوارها الفرد، وتحوّله إلى أداة استعمال لتحقيق بغية واحدة».
هيدغر جاء من بعده ليدرس علاقة «التقنية بالعالم» وليخصص جزءاً من بحوثه المتعددة لهذا الغرض، حتى في كتابه الأساسي «الوجود والزمن» 1927 نراه يطرح ومضات عن استفهامه، وهذا أكدت عليه مراراً، أن هذا مما جعل لوك فيري -في مقالة له- يجعل من مناقشة هيدغر ماهية التقنية «الخيطَ الناظم لمناقشة هيدغر للحداثة»، إذ عدّ التقنية كتمظهر هي أساس الحداثة وعصبها الرئيسي.
بينما لوك فيري يرى أن تفكير هيدغر تعمق بالتدريج في هذه المسألة، خصوصاً من خلال تحديد طبيعة علاقة التقنية بالعالم من حيث هي علاقة استفسار ومساءلة، ففي دراسة هيدغر عام 1937 حول نيتشه و«العَود الأبديّ» نراه يشير إلى «الأسلوب التقني للعلوم الحديثة» وإلى «العقل الحسابي» الذي يحكم التقنية. كما جمع هيدغر في محاضرته سنة 1938 تحت عنوان «عصر تصورات العالم» كل العناصر لما سيعده فيما بعد «تأويلاً أو فهماً تكنولوجياً لعصرنا»، فهو يصف في محاضرته هذه «التقنية الممكْننة» بأنها «الظاهرة الأساسية للأزمنة الحديثة».
أما في كتابه «الوجود والزمن» فقد تطرق إلى هذه المسألة حينما تحدث عن التحلل والانحطاط من حيث هو عالم الانشغال، فهو يقول إن «الطبيعة بالنسبة للذات المنفتحة (الدازاين) هي مخزن من الخشب، وإن الهضاب هي مستودع من الصخور، وإن النهر قوة محرّكة مائية، وإن الهواء نافخ ودافع الزوارق الشراعية».
بينما يعبّر عن ذلك الغول القادم، نعوم تشومسكي، بمقال رأي نشره مؤخراً على مجلة «نيويورك تايمز» بتعاون مع اثنين من الأكاديميين، هما البروفسور في اللغويات في «جامعة كامبريدج» الدكتور إيان روبرتس، والفيلسوف الذي يشغل أيضاً منصب مدير قسم الذكاء الصناعي في شركة التكنولوجيا «أوشنايت» الدكتور جيفري واتومول، وقد تناول المقال برامج الذكاء الصناعي كـ«شات جي بي تي» و«Bard» و«Sydney» وإيجابياتها وسلبياتها واختلافاتها مع الذكاء البشري، قائلاً: «قد تكون مفيدة في بعض المجالات الضيّقة (في برمجة الكومبيوتر، على سبيل المثال، أو في اقتراح القوافي للأشعار الخفيفة)، إذ نعلم من علم اللغويّات وفلسفة المعرفة أنّها تختلف اختلافاً عميقاً عن كيفيّة تفكير البشر واستخدامهم للّغة. تضع هذه الاختلافات قيوداً كبيرة على ما يمكن أن تفعله هذه البرامج، مما يعني أنها مقيدة بقصورٍ لا يمكنها تجاوزه».
بل يرى تشومسكي أن العقل البشري ليس مثل «تشات جي بي تي» وأمثاله من برامج الذكاء الصناعي، فهو ليس محركاً إحصائياً، و«لا يلتهم مئات التيرابايت من البيانات، ولا يستنبط استجابة المحادثة الأكثر احتمالاً، أو الإجابة الأكثر احتمالاً لسؤال علميّ، بل هو نظام فعّال ويقدّم إجابات بديعة ومدهشة، ويعمل بالاعتماد على كمّيّات صغيرة من المعلومات»، حسب الترجمات المتداولة والمتزاحمة للمقالة باللغة العربية.
لكن السؤال: هل الذكاء الصناعي سيدمّر الثقافة؟ وهل المنصات باتت شعبوية ومقلقة؟
يجيب الأستاذ مشاري الذايدي بمقالة له بعنوان: «الأستاذ المحترم (تيك توك)»، بقوله: «ثانياً ليس صحيحاً أنه لا يمكن الاستفادة من هذه المنصات مثل (تيك توك) في ترويج وإنعاش صناعة الكتاب وعادة القراءة. إذن الخلل موجود في مكان آخر، وهو الإخفاق في تصميم الطرق المناسبة من أجل إيصال عربات الكتاب إلى محطات الشباب على مترو السوشيال ميديا. ثمة خلل عميق لدى القائمين على صناعة النشر والكتاب في أمور؛ أولاً وجود (الشغف) بصناعة الكتاب والقراءة، وثانياً وجود (الفهم) الحقيقي لمحركات هذه الصناعة... وفوق هذا كله وجود (رؤية) عليا، لا تنطلق من حسابات تجارية وتسويقية خفيفة وبحتة فقط».
الخلاصة أن التحولات التقنية أقوى من طاقة البشر؛ ثمة من يتوهمون أن المواعظ التربوية هي الأساس؛ لقد حلّت التقنية محل التربية، والعبء اليوم جد كبير على المؤسسات ذات البعد الذاتي وبخاصة البيت.
الكنيست يصوّت غداً على مشروع قانون إعدام الأسرى
حجم التبادل التجاري بين الأردن وسيرلانكا
تحذير من مخاطر تنظيف الآبار بالطرق التقليدية
حملة في مادبا لإزالة اليافطات المخالفة
القاضي يلتقي وفداً من أطباء الأسنان
من حسبان ..  الفراية يؤكد أهمية متابعة شكاوى المواطنين
حماس تعثر على جثة جندي إسرائيلي
الحنيطي يستقبل المستشار العسكري البريطاني للشرق الأوسط
الحكومة الفلسطينية تعمم البرنامج التنفيذي لإعمار غزة
افتتاح مدرسة جديدة بعجلون والاستغناء عن مدرستين مستأجرتين
الملك يؤكد ضرورة الالتزام بتنفيذ اتفاق إنهاء الحرب بغزة
بورصة عمان تغلق تداولاتها على ارتفاع
فضيحة استخباراتية تسببت بمقتل أسير إسرائيلي بغزة ..  تفاصيل
ارتفاع تاريخي لأسعار زيت الزيتون في الأردن  ..  تفاصيل
إحالات للتقاعد وإنهاء خدمات موظفين حكوميين ..  أسماء
أمانة عمان لا "تمون" على سائقي الكابسات  ..  فيديو
الحكومة ترفع مخصصات الرواتب والتقاعد لعام 2026
مدعوون لإجراء المقابلة الشخصية في وزارة التنمية ..  أسماء
تشكيلات إدارية في وزارة التربية… أسماء
أسرار الحصول على خبز هش وطري في المنزل
التربية: دوام المدارس المعدل  الأحد  ..  والخاصة مستثناة
تحذير من مصفاة البترول للأردنيين
مياه العقبة تحدد أسماء وموعد الامتحان التحريري
انخفاض الذهب في السوق المحلية السبت
مأساة سوبو ..  ظلم مُركّب في أميركا

