«السوشيال ميديا» و«التفكير المزدوج»
وكان المفكر والروائي الإيطالي أمبرتو إيكو، أحد كبار نقاد «السوشيال ميديا»؛ إذ أدلى بحوار لصحيفة «لا ستامبا» الإيطالية عشية رحيله، عام 2016، وهو الحوار الذي قال فيه إن هذه الوسائط «تمنح حق الكلام لفيالق من الحمقى، ممّن كانوا يتكلمون في البارات فقط بعد تناول كأس من الخمر، من دون أن يتسببوا بأي ضرر للآخرين، لكن الآن فإنهم يتمتعون بحق التحدث للعموم مثل من يحمل جائزة (نوبل)».
وباستثناء الشبان الذين يمتلكون الشركات المُشغلة لتلك المنصّات، والذين لا يتوقفون أبداً عن الحديث عن «المساحات المشتركة» و«حرية الرأي والتعبير» و«الألفة والتسرية»، التي تخلقها تلك المنصات، فإن كثيرين لم يجدوا ذرائع كافية لدحض فكرة أمبرتو إيكو.
وبينما كان الدور السياسي والاجتماعي لتلك الوسائط يتوسع، وتأثيرها في توجهات الرأي العام في عديد المجتمعات يضحى أكثر حسماً، طغى الحديث عن كونها عالماً حافلاً بالاختلاق، ومرتعاً خصباً للتضليل، حيث صُكت عبارة «الأخبار الزائفة»، وغدت أحد أكثر المصطلحات تداولاً في نهاية العقد الفائت، بعدما هيمنت تلك الأخبار على نطاق عريض من التفاعلات التي تجري عبر «السوشيال ميديا»، وراحت مخاطرها تتسع لتضرب الثقة المجتمعية، والحكومات، والديمقراطية، والسلامة العامة.
وقبل يومين، كان المستشار الألماني أولاف شولتس، يدلي بحديث لصحيفة «زود دويتشه تسايتونغ»، حين لفت الأنظار إلى المثلبة الثالثة المُحققة لعالم تلك الوسائط؛ إذ قال إنها «تؤكد للناس الآراء التي كوّنوها سابقاً حول قضية ما بالفعل؛ وتتحول لعنة تُبقي الناس مرتاحين في فقاعاتهم».
المستشار الألماني لديه حق فيما ذهب إليه؛ إذ إن الحديث عن أثر «الخوارزمية» في تأطير ما يتداوله الناس على تلك الوسائط يبقى حقيقة ساطعة، حيث صُممت طرق التصفّح بطريقة تفهم من خلالها ما يُحب المستخدم أن يستعرضه، ثم تُمعن في إبقائه رهينة له، عبر دفق لا يتوقف من الخيارات المتشابهة، التي لا تترك له فرصة لمعرفة المُغاير والمضاد والمتباين.
وبينما تتكاتف المثالب الثلاث السابقة في نسج عالم الوسائط، وتجتهد في تعطيل مزاياه وفرصه، التي تبقى عصية على النقض، تبرز مثلبة رابعة لا تقل خطورة، وسيمكن تسميتها بـ«التفكير المزدوج» (Double Think).
أما صاحب هذا المصطلح فهو الكاتب جورج أورويل، وقد ذكره في كتابه الشهير «1984»، وهو يشرح الحالة التي يصدّق فيها المرء وجهتي نظر متناقضتين حول أمر واحد، ويصبح غير قادر على فرز الحجج واختيار الأصلح. وقد يصبح منقاداً مستسلماً لأي حجة مصوغة بعناية، مهما كانت متناقضة مع واقع الحال، أو مع حجج أخرى كثيرة يؤمن بها أيضاً، وهو الأمر الذي قد يجعله يقبل بالحجج المتناقضة، ولا يجد بأساً في تبنيها كلها.
وكما قال جورج أورويل، فإن «التفكير المزدوج» يسلب الإنسان ملكة التفكير، ويفقده القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ، ويحوله كائناً منقاداً متذبذباً بلا هوية واضحة أو انتماء لنسق فكري محدد.
وفي الآونة الأخيرة لم تتوقف نقائص عالم «السوشيال ميديا» عن التفاعل، ولم تغب إحداها عن التأثير في الخرائط الإدراكية للمستخدمين، لكن مشكلة «التفكير المزدوج» باتت أكثر ازدهاراً وتأثيراً.
ومن ذلك، أن ينخرط متابعون في حملات للدفاع عن «كرامة الرموز والمقدسات الدينية»، انتصاراً لرمز ديني يؤمنون به تعرّض للإهانة، بينما هم يمارسون الازدراء والكراهية، أو يؤيدونها، طالما كانت تستهدف أدياناً أخرى. أو يتكاتفون لكشف «العوار الأخلاقي والانحلال» في الغرب، بينما يتيهون إعجاباً بأنماط المعيشة والأداء العمومي الغربي، ويعايرون بلدانهم لأنها لم تبلغ هذا المستوى الراقي في إدارة شؤونها.
وفي الأسبوع الماضي، كان أحد أكثر الموضوعات تفاعلاً على تلك الوسائط في العالم العربي، يتعلق بممثلة شابة مغمورة، كانت قد تورّطت في فضيحة أخلاقية شهيرة عبر نشر فيلم إباحي لها، وهو الأمر الذي سبب لها «إقصاء وحرمها من ممارسة عملها»، كما تقول. وعندما نعاين التعليقات والتفاعلات التي جرت على هذا «الترند»، سيظهر لنا أن قطاعاً كبيراً من المتفاعلين كان يجتهد في الحديث عن ضرورة «التسامح» و«الغفران»، قبل أن يختم بالسؤال عن الفيلم الإباحي، وإمكانية الحصول عليه لمشاهدته.
«التفكير المزدوج»، وما يعكسه من تنافر معرفي وأخلاقي، مثلبة جديدة تُعمق مشكلات فضائنا الاتصالي، الذي سلّم معظم قواه الحية لوسائط تُبدع في المزايا كما تُبدع في النقائص.
الحجز الإلكتروني عبر "جت" يفاقم معاناة الفلسطينيين
الوحشية الصهيونية والصمت العربي
قصي خولي يوجّه رسالة قوية للممثلين الشباب
الكويت تستقبل أول لقاء فني بين كاظم الساهر وحسين الجسمي
لحظة روحانية تجمع شجون الهاجري وفاطمة الصفي في بيت الله
قصي خولي يلمّح لمشروع جديد .. صور
ميرنا نور الدين تفتح قلبها وتتحدث عن الهوية والحب
مرام علي تبدأ مسيرتها في الدراما المصرية عبر عملين متزامنين
جيانا عنيد وسامر إسماعيل يجددان الكيمياء الفنية في خطيئة أخيرة
حبس مع وقف التنفيذ لنجل محمد رمضان
الترخيص المتنقل في الأزرق الأحد والاثنين
اختتام فعاليات اللقاء العشرين لشباب العواصم العربية بعمّان
مدعوون لإجراء المقابلات الشخصية .. أسماء
بتوجيهات ملكية .. طائرة إخلاء طبي لنقل عائلة أردنية من السعودية
استدعاء 350 مالك شاليه بجرش لهذا السبب
مهم من التربية بشأن تصحيح امتحانات التوجيهي
مهم من الحكومة بشأن انخفاض أسعار البنزين وارتفاع الديزل والكاز
تفاصيل القبول الموحد في الجامعات الأردنية لعام 2025
دفعة تعيينات كبيرة في وزارة التربية - أسماء
تحذير مهم من مهرجان جرش للجمهور
الاعتداء على الصحفي فارس الحباشنة أمام منزله في عمّان .. صور
مشاجرات دامية بالعاصمة خلال يوم واحد .. تفاصيل
تكفيل النائب الرياطي ومنعه من السفر
موجتا حر في تموز 2023 وحرارة تصل الى 40 درجة مئوية
ما حقيقة فرض عمولات على تحويلات كليك للافراد