"تَروا دّانت" .. أبناؤُنا… ذهبوا

mainThumb

11-09-2023 12:15 AM

يصرخُ معلّم و معلمةٌ في تدوينتين عبرَ الفيسبوك "مات تلاميذتي". الآن.. أتذكَر قصةَ تسمية مدينة تارودانت بهذا الاسم؛ فيقال إنّه ذاتَ مرّة أخذ فيضانُ وادٍ كلّ ساكنة إحدى القرى في ضواحي المدينة، فصرخت أمٌّ فقدت أبناءَها "تَروا دّانت".. أي: أبنائِي ذهبوا. (التّرجمة من الأمازيغيّة).

منذُ الزّلزال الذي ضربَ المغربَ ليلِ الجمعة/السّبت، فقدت تارودانتُ المَدينة، و نواحيها أبناءً كثر،  إذْ أطلّ عليها فجر يوم السبت التاسع من شتبنر (سبتمبر) و هي ثكلى تبكي أبناءها.. كأنّها من جديد  تصرخ "تاروا دّانت"، في مشهد يعيد التاريخُ فيه نفسَه.
في الكوارث، تزداد الأقاليمُ المنسية توغّلًا في النسيان، فلا تصلُها المساعدات، والطريق إليها يزدادُ صعوبةً، والبؤس فيها يصيرُ بؤسين؛ بؤسُ أنّ تكونَ معزولةً في الأيام العاديّة حيث يبعُدُ عنها أقرب مستشفى بكيلومتراتٍ كثيرة، كما أنّ المدارس بالكاد تملك فصلين يَدرَّسُ فيهما خمسُ مستويات، هذا إنْ تواجد فيها معلّم أصلًا، أضِف إلى أنّ المياه الصالحة للشرب نادرةٌ، والبرد قارسٌ والصيف ساخن. أمّا البؤسُ الثاني، فأن تحلّ عليكَ كارثة طبيعية،  فتهدِّمَ البيوتَ الهشةَ، وتسقط الجدرانَ على سكّانها، كأنّها (تخونُ) بذلك العِشرةَ والملح والطعام.

وبعدَ البؤسين، ثمّة عشراتُ أخرى... كأن يأتي (شخصٌ...) ليُفتي أنّ الزلزال غضبٌ من الله.. كيفَ يغضبُ الله من عباده الذين قرَّرت بلادهم عزلهم و تصنيفهم كــ(مغربٍ غير نافع)؟ . أليسوا  "مغضوبًا عليهم" أصلًا مُنقطعينَ عن كلّ شروطِ العيشِ الكريم وراءَ الجبال المنسيّو؟ أليسوا (...) ...أسئلةٌ كثيرة تعبُرُ رأسي وأنا أمسك الهاتف بين يديّ، وبكلّ عجزٍ وبعينين تملأهما الدموع أشاهد مقاطع فيديو مصوّرةٍ من طرف الناجين هناك، يبكون أحبابهم و يصرخون استغاثةً، فلا أجدُ إلّا أن أصرخَ من جديد: "تَارْوانّغْ دان"... (أبناؤنا ذَهبوا).. يا الله.

 

 

 

* شاعرة وأستاذة من المغرب



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد