تحيّة إلى سيدتنا صفيّة

mainThumb

08-12-2023 11:14 PM

عندما بدأت في قراءة صفيّة مصطفى أمين، كان ذلك بدافعٍ من الفضول، وسبب غامض من الشعور بالذنب. فقد كنت أشعر أنه لا بد لابنة مصطفى أمين أن يكون لديها ما تقوله، وفي أسوأ الحالات أن يكون لديها ما تنقله من إرث الأب الكبير، وتراثه النادر، وذكرياته البالغة الثراء في هذه المهنة.

وأما الشعور بالذنب فهو أن من أخطائي في هذه الحياة، وعلى رغم قلّة ما ظَلمتُ الآخرين، فإن حماقتي جعلتني ذات يوم أتسبّبُ بالأذى لعملاق الصحافة المصرية. ولا بأس أن أكرر هنا تلك الحكاية الأليمة في حياتي المهنية. فعندما عقدتُ اتفاقاً مع صحيفة «الأنباء» الكويتية كان مصطفى أمين من كتّابها، واشترطت وقفه عن العمل أو إلغاء العقد. وسامح الله الراحل العزيز فيصل المرزوق، الذي قبل بشرطي بدل أن يُمارس حقّه في الرفض.

كان موقفي يستندُ إلى الكثير من التجنّي الذي أحاط بمصطفى أمين، وجعله يدخل السجن لسنواتٍ طويلة. وبدل أن أحاول معرفة الحقيقة، استندتُ إلى رأي صلاح نصر، الذي روّج الإشاعات وزوّر التهم، وترك بصمة شنعاء في حياة مصر السياسية. وقد اعتذرت لمصطفى أمين شخصياً ثم في هذه الزاوية. وكان كما توقعت، سريعاً في الغفران، بل تصرّف وكأنه لم يسمع بالخبر من قبل، أما أنا فلم أغفر لنفسي حتى اللحظة، الرعونة والحماقة، وسخافة الأخذ بأحكام رجلٍ مثل صلاح نصر.

بعد فترة من قراءة صفيّة مصطفى أمين، اكتشفتُ دون أن أدري أنني أقرأُ وبإعجابٍ أو إدمان، صفيّة مصطفى أمين. طبعاً كان هناك وبكل وضوح الأثر الكبير من الأب المعلّم، أولاً في الخلق، والإنسانية، والبساطة، والوداعة، والسماح، والعناية بقضايا وأشياء المستورين من البشر. وخصوصاً في الأسلوب الذي يبدو أنه وُلدَ معها، كما وُلد من قبل مع مصطفى وعلي أمين، التوأمين اللذين تخرّج في معهدهما جيل الكبار في مصر، وأولهم محمد حسنين هيكل.

هل يتعلمُ المرءُ الصحافة أم أنه يرثُها؟ غالباً لا هذه ولا تلك. كلاهما صعب، وكلما كان الإرث كبيراً كلما كانت الصعوبة أشدّ.

وهناك نوعٌ من الأسماء لا تُجيّرُ إلى خلفها مهما كان بارعاً، لأن الموهبة تتجاوز قدرات السعي. خسر مصطفى وعلي أمين دار «أخبار اليوم» لطغيان وسخافة التأمين الذي دمّر ما دمّر في مصر وسوريا والعراق. وعندما عادت الحريات إلى القاهرة عادت الحياة إلى الصحافة، لكنها كانت قد فقدت إلى غير عودة، مرحلة التعويض عن النجاح الأسطوري الذي حققهُ عمالقتها جميعاً، خصوصاً الشقيقين الأمينين.

تحيةً إلى صفيّة مصطفى أمين وسماحاً مرة أخرى.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد

العيسوي يلتقي مجلس إدارة الاتحاد العام للمزارعين الأردنيين

الأمن العام يخصص رقماً للابلاغ عن مخالفات المواكب واطلاق العيارات النارية

بوتين وترمب يبحثان فرص التسوية وحل النزاع مع أوكرانيا

التعاون الإسلامي تصدر بيانا بشأن فرض السيادة على الضفة الغربية

نقابة المهندسين تنظّم لقاءً تعريفيًا حول البرنامج الوطني للتشغيل

قافلة النزاهة تزور صندوق تسليف النفقة

فريق طبي بمستشفى الجامعة يزرع صمامًا رئويًا بالقسطرة

علماء أستراليون يكتشفون بروتينات قد تغير أساليب علاج السرطان

حماس تقترب من الموافقة على مقترح وقف إطلاق النار

العودات : الشباب في قلب التحديث السياسي ومحور القرار الوطني

ارتفاع اشتراكات الإنترنت المتنقل في الأردن 2025

عقوبات أمريكية جديدة تطال مسؤولي القرض الحسن لدعمهم حزب الله

التسعيرة المسائية للذهب في الأردن .. تفاصيل

غارة إسرائيلية تستهدف سيارة قرب بيروت .. فيديو

هل يجوز صيام عاشوراء إذا صادف السبت .. الإفتاء تجيب