لن نهزم هذه المرة

mainThumb

11-12-2023 12:50 AM

كل منا يحب وطنه ، لكن هناك ظروف تحرم الإنسان مما يحب، وفقدان الوطن أشد ألما من الحرمان؛ لأن الوطن ليس مجرد مكان للعيش بل هو بيت يستظل به كل من يعيش تحت سماءه. أقصد هنا هجرة فلسطين والأحداث المأساوية التي أجبرت أبناءها على ترك ذكرياتهم أو حتى أرواحهم فيغادرون ليجدوا حياة لا قيمة لهم فيها بمجرد أنهم أصبحوا لاجئين، تبقى أحلامهم تودعهم في كل خطوة يخطونها إلى الطريق الموحشة التي لا عودة منها، وتلك أحداث النكبة عام ١٩٤٨ نكبة الشعب الفلسطيني ونكبة اللاجئين من ظلم الاحتلال، والنكسة عام ١٩٦٧ التي فقد فيها أبناء فلسطين أملهم في العودة، التي أدرك فيها الشعب الفلسطيني أن لا فائدة من المفتاح دون باب.
هذان الحدثان لم يغادرا قط ولن يغادرا أبدا كل فلسطيني متيم بوطنه ولا لاجئ يتمنى العودة الى بلده ولا حتى الفلاح الذي فقد أرضه وماله وبيته ولا الأب الذي ينتظر عودة ابنه الشهيد ولا الطفلة التي فقدت الأمل برؤية والدتها، والآن حدثت نكبة جديدة ليعيد الماضي نفسه بين طفل يبحث عن عائلته ولم يدرك بعد أنه لن يجدها أو يراها بعد الآن وبين رجل فقد بيته الذي كد ليبنيه، وأب يجمع أشلاء أبنائه في أكياس بلاستيكية وبين شهيد مجهول الهوية، وطفلة تحمل حقيبتها من تحت الركام وهي تبكي وتقول أريد أن أحقق أحلامي، عن أي حقوق نتحدث وهناك روح قد سلب منها حق الحياة، نكبة غزة ٢٠٢٣ ونكبتي أيضا لإيقاني بأنني لا أستطيع فعل شيء لإيقاف الحرب لإدراكي بأن لا فائدة مني في هذه الإبادة اللعينة لحزني على مشاعري التي أصبح مقطع فيديو يحركها، اصبحت اشاهد وانا تاركة العنان لعباراتي حتى تسيل على وجنتي، برحت لا أشتهي تناول الطعام وهم ينتظرون ساعات ليحصلوا على قطعة خبز او حتى رشفة ماء في ريعان الظمأ صرت أخجل من اطمئناني أثناء نومي. لأول مرة في حياتي أشعر بالعجز لهذه الدرجة أشعر بأن راحتي ثقيلة علي، لأول مرة يراودني الشعور بالذنب عند الابتسام، أصبحت حياتي حلما لهم، فكيف أعيشها بسعادة؟ فكيف أعيشها بسلام؟

لكنني أيقنت أن لا هجرة مرة أخرى ولا نكبة جديدة بعد الآن؛ لأنني في عز انكساري أرى الأمل في عيونهم أرى النصر في كل كلمة يقولونها أرى الطفل الذي يبحث عن عائلته تحت الردم مجاهدا يحمل سلاحا في وجه المغتصبين.

أطفالهم كطير الأبابيل ونسائهم عن ألف رجل ورجالهم اقوى من المدرّعات والدبابات وصبرهم كصبر أيوب ساروا بظل الله فأحب أن يصطفيهم عن البشرية أجمعين عن أي بلد أحدثكم؟! عن فلسطين مملكة الأحرار






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد