كيف تُحوّل انتخاباتٍ إلى لاـــ انتخابات
بعد هيوم، وفي الحقبة الزمنيّة ذاتها، أحدث إدموند بيرك (1729-1797)، السياسيّ والكاتب الإنكليزيّ – الإيرلنديّ، نقلة أخرى. فقد دافع، هو الموصوف بأنّه مؤسّس المحافَظَة السياسيّة، عن دور أحزاب سياسيّة يستحيل من دونها اشتغال المجلس التشريعيّ. هكذا حاول تطوير نظريّة تعكس الممارسة البرلمانيّة التي مارسها هو نفسه كنائب قرابة ثلاثين عاماً. وكان ما يضاعف إلحاحه على ضرورة المعارضة أنّ إنكلترا القرن الثامن عشر لا تعيش حرباً أهليّة، ولا خوف عليها من حرب أهليّة بعد الحرب التي عرفتها في القرن السابع عشر، وهذا ناهيك عن أنّ أيّاً من الحزبين، «التوريز» (أجداد المحافظين) و«الويغز» (أجداد الليبراليّين) لا يحرّض عليها.
لكنْ لماذا تأخّر ظهور مواقف كهذه حتّى القرن الثامن عشر؟ سبب ذلك أنّ السلطة السياسيّة، قبل التنوير، كانت موصولة بالمقدّس، وكان الحاكم يتمتّع بـ «حقّ إلهيّ» يصوّر حُكمه بوصفه امتداداً لرغبة الله. هكذا وُصمت معارضة الحاكم معارضةً للإله ذاته، ما يجعلها كفراً ومروقاً، ويجعل المعارضين أقرب إلى نسل شيطانيّ.
ففكرة المعارضة إذاً لم تغدُ شرعيّةً إلاّ مع علمنة السياسة، وفصل حيّزها عن حيّز الدين والقداسة. فهنا تراجعت صورة المعارض بوصفه كافراً آثماً وحلّت محلّها صورته كصاحب رأي مغاير أو مصلحة مغايرة.
لكنْ مع الأزمنة الحديثة، لم يعد الدين المصدر الوحيد للتشكيك بالمعارضة وبشرعيّتها، إذ أضيفت إليه الإيديولوجيّات التي استعاضت عن الدين بالإلحاد أو اللاأدريّة، إلاّ أنّها كانت تعلمن الدين عبر زعمها التعبير عن حقائق مطلقة كحقائق الدين تماماً. وهي، بالتالي، مارست التحريم على من يعارض حقائقها تلك أو رمته بالخيانة. وإنّما بالمعنى هذا، كانت أنظمة شيوعيّة وقوميّة تُجري انتخابات لا معارضة فيها، تتنافس خلالها أحزاب وأشخاص يتّفقون كلّهم على دعم النظام القائم وتنزيهه، إلاّ أنّهم يحتفظون بخلافات طفيفة حول طريقة توفير الدعم هذا. كذلك بات من المألوف، في البيئة هذه، نفي الانتخابات وإبطال المعارضة من خلال نسبة تصويت فلكيّة للحاكم ومرشحّيه. والحال أنّ دلالة الحصول على ما يتجاوز الـ99 بالمئة من الأصوات تتعدّى التضخيم الخرافيّ لمحبّة الحاكم إلى اعتبار معارضيه الذين يقلّون عن 1 بالمئة مجرّد زمرة معزولة لا تضمّ إلاّ خونة وضالّين ومجانين.
مع إيران لا حاجة إلى هذه الطرق الالتفافيّة في علمنة الدين أو منح موقعه لفكرة غير دينيّة. فهنا ثمّة عَود على البدء الأوّل حيث يُقدّم النظام بوصفه موصولاً بالله من دون وسيط أو تأويل. لهذا فإنّ النظام الذي أجرى مؤخّراً انتخابات عامّة، وهو كثيراً ما يُجري انتخابات، يستحقّ أن يمثّل الحالة الأصيلة المثلى في جعل الانتخابات لا-انتخابات. فالإطلاقيّة الدينيّة الصافية التي تجد تعبيرها الأوضح في «ولاية الفقيه»، تجعل ذاك النظام الضدّ المطلق لفكرة المعارضة التي لم تكتسب شرعيّتها إلاّ بعد علمنة السياسة. وضدّيّته هذه إنّما تتجاوز الموقف المبدئيّ إلى الخطى العمليّة والإجرائيّة جميعاً التي تعلن عن التناقض الصريح بين الانتخابات، كما تُجرى بإصرار ومواظبة، واللا-انتخابات.
هنا لا تُعتمد صيغة الـ99 في المئة، بل يُعمل بصيغ أخرى أشدّ ثقة بالنفس تبعاً للمصدر الغيبيّ المزعوم، من غير أن يكون الأمر أقلّ افتضاحاً وإثارة للسخرية. فهناك، كما نعرف جميعاً، ذاك التزوير الشهير الذي يسبق التزوير، وهو ما تمثّله عمليّة تصفية المرشّحين «غير المؤهّلين». وفي الانتخابات الأخيرة، اقتصر عدد الذين أتيح لهم الترشّح على 15200 مرشّح يتنافسون على 290 مقعداً، فيما بلغ عدد الذين تقدّموا بترشيحاتهم 15 ألفاً. وإذا كان الهمّان الأساسيّان للشعب وضعه الاقتصاديّ وانكشاف شرعيّة النظام بعد قتل مهسا أميني والانتفاضة التي أعقبته، فإنّ النظام، وفق الناطقين بلسانه، أراد من الانتخابات «مخاطبة الخارج»، لا الداخل. ولئن نيط بالانتخابات إحداث تغيير ما، وهو ما يناط بكلّ انتخابات، ففي إيران لا تغيّر الانتخابات شيئاً يُذكر، فتبقى «إرادة الشعب» مدعوسة بإرادة أعلى لا يُدرَك كُنهها.
كذلك يغدو المطلوب «تجنّبَ المقاطعة الشاملة»، بحيث لا يكتشف الخارج عزلة النظام في الداخل ولا ينقضّ على ضعفه. فالانتخابات التي يُراد منها تفادي الحروب، هي في إيران حرب، بدليل القول البليغ لخامنئي في مخاطبة شعبه: «إذا شعر العدوّ بأنّنا لسنا قادرين (...) وأنّ الأمّة الإيرانيّة بلا قوّة، فإنّهم سيهدّدون أمنكم بكلّ الطرق الممكنة». وهكذا يتحوّل الإقبال على الاقتراع إلى «واجب دينيّ»، بما يخالف فكرة الاقتراع من أساسها.
وهذا النموذج مطروح اليوم بقوّة على منطقتنا بوصفها البديل لـ «الديمقراطيّة على الطريقة الغربيّة». أمّا الميليشيات المسلّحة المنتشرة في المشرق فعلى أتمّ الاستعداد لفرضها، «تصويباً» لنا وللديمقراطيّة في وقت واحد.
درجات الحرارة في مختلف مناطق المملكة اليوم
أمريكا تقصف عشرات الأهداف وسط سوريا .. التفاصيل
العثور على جثة شخص مفقود منذ ثمانية أيام بالكرك
الاحتلال يقصف مدرسة للنازحين خلال حفل زفاف بغزة
الشرع يشكر ترامب وقادة تركيا والسعودية وقطر لرفع العقوبات
الأمن يحذر من مدافئ الشموسة عبر رسائل نصية
مباحثات مصرية فرنسية تبحث تطورات غزة ولبنان والسودان
أمانة عمان تبدأ أعمال تعبيد بمساحة نصف مليون متر
المنطقة الشمالية تحبط محاولة تسلل على إحدى واجهاتها الحدودية
الجيش يحبط تهريب مواد مخدرة بواسطة طائرة مسيرة
واشنطن تستعد لإصدار إعلانات بشأن جماعة الإخوان المسلمين
مؤشرات الأسهم الأوروبية ترتفع وتسجل مكاسب أسبوعية
روسيا تخفض أسعار الفائدة للمرة الخامسة إلى 16%
انطلاق فعاليات أولمبياد اللغة الإنجليزية العالمي للجامعات 2025
ارتفاع جنوني في أسعار الذهب محلياً اليوم
اعلان توظيف صادر عن المحكمة الدستورية
الحكومة تعلن عن وظيفة قيادية شاغرة
ماسك ينشر قائمة الدول الأكثر توقيفا لمعلقين على الإنترنت
مدعوون للتعيين وفاقدون لوظائفهم في الحكومة .. أسماء
عندما تصبح الشهادة المزورة بوابة للجامعة
كتلة هوائية شديدة البرودة تضرب المملكة بدءاً من الاثنين
الضمان: تعديلات تشريعية مرتقبة للمنتسبين الجدد وتعديل سن التقاعد مطلع 2026
إحالة مدير عام التَّدريب المهني الغرايبة للتقاعد
وظائف شاغرة في الضمان الاجتماعي والبحرية الأردنية .. تفاصيل
المملكة على موعد مع منخفض جوي جديد .. أمطار وزخات ثلجية وصقيع واسع ليلاً
مهم بشأن الرسوم المدرسية للطلبة غير الأردنيين

