.. عن أولئك المستوطنين الدينيّين!
ليس كلّ المستوطنين في الضفّة الغربيّة والقدس الشرقيّة من المؤمنين. فهناك أيضاً المستوطنون الوظيفيّون، بالباحثين منهم عن إيجارات منخفضة للمنازل، ومُحبّي العيش في الطبيعة، والمتخفّفين من أعباء العالم، والساعين وراء شروط يرونها مثلى لتربية أبنائهم...، وهؤلاء يشاطرون المؤمنين سرقة الأرض وقهر الفلسطينيّين.
مع هذا، فالمؤمنون منهم يملكون «القضيّة» التي لا يملكها الأوّلون ممّن تحرّكهم أنانيّة سينيكيّة عديمة الأخلاق، وإن كانت نتائج أفعالهم لا تقلّ فداحة عن نتائج الأفعال التي يقدم عليها الدينيّون.
فالأخيرون يخوضون في الضفّة حرباً أخرى. وهي، وإن استظلّت بالحرب على غزّة، وباتت تستمدّ منها ما يؤجّجها، تحتفظ لنفسها بعناصر تستقلّ بها. ذاك أنّها بالأصل سابقة زمناً على حرب غزّة، كما تستقي مبرّرها شبه الوحيد من مقدّمات دينيّة مُلزمة.
وإلى هذا لا تشكّل السياسة أيّاً من اعتبارات الحرب الدينيّة، فهي غير معنيّة بانعكاس الاستيطان على علاقات إسرائيل بداعميها الغربيّين، أو على صورتها في عالمٍ بات يُراد لصوره أن تنسجم مع رفض الاستيطان، وغير معنيّة كذلك بانعكاس أفعالها على موقع دولتها في الشرق الأوسط، وعلى بناء السلام أو هدم كلّ سلام مع دوله. وإذا كان الاستيطان الصهيونيّ القديم محكوماً بإقامة الدولة، فالدولة، وفق الاستيطان الراهن، ينبغي أن تكون هي المحكومة بحماية الاستيطان. أمّا أن تختلط، بنتيجة التهجير، أوراق الخرائط في المنطقة انطلاقاً من الأردن، مع ما ينطوي عليه ذلك من حمولة دمويّة، فهذا لا يندرج في حسابات المستوطنين. وهم غير معنيّين حتّى بانفجار في الضفّة لا تتوفّر قوات إسرائيليّة كافية للتعامل معه. أمّا أحداث كعمليّة جسر أللنبي، التي استُنفرت لها أعصاب العالم، فتدخل عندهم في العاديّات، تماماً كعاديّة أنْ يتعرّض قادتهم وناشطوهم لعقوبات دوليّة.
هكذا فالعُته، أو الخبَل، الذي كثيراً ما يوصف به المستوطنون الدينيّون، لا يقتصر على حمل معتقدات بالية مصدرها الغيب، بل يشمل التعامل مع العالم المعاصر كما لو أنّه لم يصر ما صاره. ذاك أنّ الصحيح والصائب، في عرفهم، هو بالضبط ما لم يُتَح له أن يحصل، وليس ما حصل. أمّا الحرب فتغدو قياميّة، لا تضع أوزارها إلاّ في الفناء والعدم. فهي تجمع قواها من وراء ظهر التاريخ، ما يُجيز إطلاق النعت الذي كثيراً ما يُطلق على المستوطنين، أي الأسراب والقطعان التي تمثّل شطراً من الطبيعة الأولى مَنسيّاً في الحضارة المعاصرة. وما يزكّي «غرابتهم» وضعهم الملتبس بمعايير الدول والحدود. فهم مواطنون إسرائيليّون يعيشون في الضفّة الغربيّة التي يُفترض أنّها ليست إسرائيليّة، إلاّ أنّها، مع هذا، «خطّ أخضر» لوقف إطلاق النار وليست حدوداً دوليّة.
لكنّ المفارقة أنّ خروج المستوطنين عمّا يُفترض أنّه دولتيّ وسياسيّ ومحسوب ديبلوماسيّاً محميٌّ بالدولة الإسرائيليّة، وإن تظاهرت أحياناً بامتعاض حيالهم. ففضلاً عن تمثيلهم في الحكومة الحاليّة بالوزيرين بن غفير وسموتريتش، فإنّ الجيش يمدّهم بالسلاح، وتُمنح لهم تراخيص البناء كما يُغضّ النظر عن انتهاكاتهم.
وهنا يظهر الفضائحيّ في سلوك الدولة، بل الفضائحيّ في أحد مصادر الصهيونيّة ذاتها. فممّا يفعله المستوطنون أنّهم يعيدون إلى الأذهان ما يُستحسن نسيانه، من أنّ المشروع الصهيونيّ الأصليّ بدأ استيطانيّاً. لكنْ بينما لم يكن الاستيطان القديم مَرعيّاً بدولة، رغم التعاطف البريطانيّ الجزئيّ والمشروط، فالاستيطان الحاليّ يحظى بالرعاية هذه. وعلى عكس حركات الاستيطان والتوسّع القديمة في سائر العالم، والتي خاطبت الآخر ولو كذباً، فكان مثلاً ما سمّته قصيدة كيبلنغ «عبء الرجل الأبيض»، فإنّ هذا الاستيطان مونولوغ بحت. أمّا «الانتساب الإسرائيليّ إلى الغرب الديمقراطيّ» ففضيحته كامنة أيضاً في هذا الاستيطان، بما يتعدّى نهب الأرض وامتهان السكّان. ذاك أنّ الصهيونيّة جهدت في برهان أولويّة القوميّ على الدينيّ يوم كانت القوميّة واحداً من المفاهيم الصاعدة، وهاهم المستوطنون يقولون العكس، ويذكّروننا بأنّ مؤمنين مثلهم من روسيا هم الذين حسموا في جعل فلسطين، لا الأرجنتين أو أوغندا، المكان المرشّح للدولة المرتجاة.
وقد تفيد الإشارة إلى أنّ نتنياهو والتقليد الجابوتنسكيّ يشغلان موقعاً وسيطاً بين الصهيونيّة العلمانيّة والدينيّين، ليس لأنّهما دينيّان، وهما ليسا كذلك، بل لأنّهما أصوليّان سياسيّان وقوميّان، يعيدان الصراع إلى جذور تكوينيّة مفترضة أفقُها العنف المحض.
فهم، إذاً، الروح الخفيّة للصهيونيّة، تستلحقها وتكمّلها، بما يجعل الماضي شيئاً لا يمضي. وبوقاحة لا يملكها إلاّ الثوريّون، تتحوّل معهم سرقة الأرض التي يُفترض أنّها عيب وجريمة إلى أمر إلهيّ.
وهذه الظاهرة التي وُلدت بُعيد حرب 1967 من جمجمة صدئة، ولّدت مجتمعاً راح يكبر مع كلّ حرب ويكبر ما فيه من صدأ. ذاك أنّ تربيتها تعهّدها مُحبّو الحروب وكارهو السياسة الذين يشاطرونها خرافاتها وإن على نحو مقلوب. وبين هؤلاء مَن قالوا لنا بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023: هلّموا إلى تحرير فلسطين، فيما يحذّروننا اليوم من تهجير أهل الضفّة!
مصرف سوريا يكشف حقيقة الصور المتداولة للعملة الجديدة
محافظ عجلون يهنئ الطوائف المسيحية بعيد الميلاد المجيد
درجات الحرارة تصل 45 تحت الصفر .. ما هي أبرد مدينة بالعالم
ثلاثة شهداء في غارات إسرائيلية على لبنان الخميس
بعد تسريب صورة خادشة لرهام عبدالغفور .. تفريغ الكاميرات لمعرفة الفاعل
تراجع غير مسبوق لصورة إسرائيل في مؤشر براند الدول 2025
المرحلة الذهبية لدوري المحترفات تنطلق الجمعة
ديوان المحاسبة: تأخر حل بعض الملاحظات الرقابية يتعلق بمسائل قانونية وجدلية
مندوبا عن الملك وولي العهد… العيسوي يعزي آل شكوكاني
التربية تعدل رسوم الطلبة غير الأردنيين ابتداءً من شباط 2026
الأردن استورد من العراق قرابة 300 ألف برميل نفط
نقيب المحامين: رفع رسوم التأمين الصحي بسبب لائحة أجور الأطباء
القضاء على داعش .. مسؤولية جماعية
الطب الشرعي يكشف سبب وفاة شاب مفقود في الكرك
جماهير الأرجنتين تنحني للنشامى بعد نهائي كأس العرب
يوتيوب يعود للعمل بعد تعطله لآلاف المستخدمين
اعلان مقابلات صادر عن وزارة التنمية الاجتماعية - أسماء
استيطان جديد في الضفة الغربية يفاقم الصراع
حوارية في اليرموك بعنوان المدارس اللسانية المعاصرة
اعلان توظيف صادر عن صندوق المعونة الوطنية .. تفاصيل
انطلاق فعاليات أولمبياد اللغة الإنجليزية العالمي للجامعات 2025
تحذير .. أدوية يُمنع تناولها مع هذه الفواكه
ماسكات طبيعية لبشرة أكثر إشراقا
علي علوان يفوز بجائزة هداف بطولة كأس العرب
بث مباشر حفل افتتاح كأس أمم إفريقيا اليوم .. القنوات والتوقيت
