العدوان الصهيوني يدفع نحو حرب أهلية مدمرة في سوريا .. تحليل

mainThumb
وحدة عسكرية من الجيش الإسرائيلي على الجانب السوري من قمة جبل الشيخ جنوبي سوريا- 9 من كانون الأول 2024 (أفيخاي أدرعي/ إكس)

10-12-2024 04:58 PM

عمان ــ السوسنة

كتب محرر الشؤون العربية - العدوان الإسرائيلي الحالي على سوريا يعد من أعنف العمليات العسكرية في التاريخ الحديث للكيان الصهيوني، ويأتي في ظروف استثنائية تشهدها سوريا. استهدف القصف تدمير القدرات العسكرية السورية بشكل شبه كامل، بما يشمل الطائرات والبنى التحتية الاستراتيجية. هذا التوغل العسكري، الذي وصل إلى 25 كيلومتراً جنوب غرب دمشق، يعكس نية إسرائيلية واضحة لاستغلال الفوضى السياسية والأمنية في سوريا لتحقيق أهدافها الاستراتيجية.

استراتيجية إسرائيل: تهدف إسرائيل إلى منع إعادة بناء القدرات العسكرية السورية التي قد تشكل تهديدًا مستقبليًا، خاصة مع احتمالية تسريب الأسلحة إلى الفصائل المسلحة أو الأطراف المعادية الأخرى.
التوقيت الحساس: العملية تزامنت مع انهيار النظام السياسي وغياب الاستقرار الأمني، مما يجعل سوريا ساحة مكشوفة أمام التدخلات الإقليمية والدولية.

الموقف الدولي والإقليمي

أحد أبرز الجوانب المثيرة للجدل في هذا العدوان هو الصمت الدولي شبه الكامل، إذ لم تصدر أي إدانة قوية من القوى العالمية أو المؤسسات الدولية الكبرى. هذا الصمت يعكس تغييرات جيوسياسية كبرى في المنطقة، منها:
الدور الأمريكي: يُلاحظ تواطؤ أمريكي ضمني، حيث تسعى الولايات المتحدة لتفتيت النفوذ السوري بالتعاون مع إسرائيل، مما يعزز من أجندة واشنطن في المنطقة.
تركيا وإيران: تلعب كلتا الدولتين أدوارًا مزدوجة، حيث تسعى إيران وتركيا لتأجيج الصراعات بين الفصائل المسلحة لتعزيز نفوذهما والبحث عن موطئ قدم.

التداعيات المحتملة على الداخل السوري
فراغ أمني ودستوري: الوضع الداخلي في سوريا هش للغاية، ما يجعل البلاد عرضة لحرب أهلية طويلة الأمد، تدفع ثمنها الفصائل المسلحة والمدنيون على حد سواء.
انفجار الصراعات الداخلية: دعم قوى دولية للفصائل المتصارعة (داعش، قسد، وغيرها) قد يحول سوريا إلى "أرض محروقة"، حيث لن تكون هناك سلطة مركزية قادرة على فرض النظام.
المخاوف الإنسانية: عمليات القصف والتوغل الإسرائيلي ستؤدي بلا شك إلى أزمات إنسانية جديدة، مع زيادة أعداد النازحين وتعقيد الوضع الإنساني في البلاد.
الرسائل السياسية الإسرائيلية
إعادة رسم خطوط النفوذ: إسرائيل تسعى لتغيير قواعد اللعبة في سوريا، وتوجيه رسائل واضحة لدول المنطقة بأنها قادرة على شن عمليات واسعة النطاق دون مواجهة عواقب.
تحييد المنافسين: يهدف القصف إلى تحييد أي تهديد محتمل من جانب سوريا أو الجماعات المدعومة إيرانيًا، مع فرض حالة من الهيمنة العسكرية المطلقة.
السيناريوهات المستقبلية
تصعيد إقليمي: قد يؤدي هذا العدوان إلى رد فعل من إيران أو الميليشيات الموالية لها، مما يزيد من احتمال نشوب صراع إقليمي أوسع.
حرب استنزاف داخلية: استمرار التنافس بين الفصائل المسلحة قد يطيل أمد الأزمة السورية، مما يضعف أي محاولة لإعادة الإعمار أو تحقيق الاستقرار.
تدخل أممي متأخر: قد تتحرك الأمم المتحدة لاحقًا لدعوة الأطراف الدولية إلى احتواء الصراع، لكن هذا التدخل غالبًا سيكون متأخرًا وغير فعال.

العدوان الإسرائيلي على سوريا يعكس واقعًا مريرًا في المنطقة، حيث تتشابك المصالح الدولية والإقليمية على حساب استقرار الدول والشعوب. يتطلب الوضع الراهن تحركًا دوليًا عاجلًا لتفادي كارثة إنسانية وسياسية أكبر، لكن الصمت الدولي الحالي يشير إلى غياب الإرادة الحقيقية للتدخل الإيجابي.

على المدى القريب، سوريا تواجه تحديًا وجوديًا يهدد وحدتها كدولة، مما يتطلب من القوى الوطنية الفاعلة السعي نحو توافق داخلي لمواجهة المخاطر المحدقة.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد