صحيفة السوسنة الأردنية

أخيرا اعترف بيب غوارديولا للصحفيين بأنه “لا يجد الحل” لتجاوز الوضع الصعب الذي يعيشه فريقه هذا الموسم، خاصة بعد الخسارة على ميدانه أمام الريال في ذهاب الملحق المؤهل لثمن نهائي مسابقة دوري أبطال أوروبا بالثلاثة بعد أن كان متفوقا بثنائية الى غاية الخمس دقائق الأخيرة من المباراة، وهي المرة الأولى التي يقر فيها المدرب الاسباني بالعجز، ويعترف أن الأمور لم تعد تعمل كما ينبغي، في اشارة الى تعطل الآلة التي كانت تدهس الجميع في طريقها، قبل أن تصبح عاجزة عن الحفاظ على التفوق أمام الريال في الخمس دقائق الأخيرة، وفي ذلك إقرار بالفشل يفترض أن يؤدي الى رحيله كما هو الحال في عالم الكرة مع مدربين آخرين استقالوا وأقيلوا بسبب استمرار تراجع النتائج، وهي القاعدة التي لم يخضع لها المدرب الاسباني لحد الان.
ما حدث للسيتي أمام الريال هو تكرار لسيناريو حدث خمس مرات في دوري الأبطال هذا الموسم كان فيها الفريق متفوقا وخرج خاسرا أو متعادلا على غرار ما وقع في مواجهة باريس سان جيرمان التي خسرها بالأربعة بعد أن كان متفوقا بهدفين لصفر، ومواجهة فينورد التي تعادل فيها بثلاثة مقابل ثلاثة، اضافة الى الخسارة من سبورتينغ لشبونة بالأربعة، وأمام يوفنتوس بهدفين لصفر، قبل أن يختمها بخسارة أمام الريال في عقر الديار بعد أن كان متفوقا بثنائية في الخمس دقائق الأخيرة التي انهار فيها كليا للمرة الأولى على ميدانه في دوري الأبطال منذ 2018، ويتعرض للخسارة الرابعة في آخر ست مباريات في المسابقة الأوروبية هذا الموسم، والتي يقترب من الخروج منها مبكرا على غير العادة، والخروج من دون أي تتويج لأول مرة في مشواره التدريبي.
صحيح أن تراجع مردود اللاعبين والغيابات الكثيرة بسبب الإصابات اثرت على مردود السيتي ونتائجه، لكن المدرب غوارديولا يتحمل مسؤولية الوضع، وقد أقر بذلك عندما اعترف بعجزه عن “إيجاد الحل”، وبأنه “ليس جيدا بما يكفي لتقديم الإضافة”، وأخفق في تدارك الأمر منذ بداية الموسم حيث خسر 12 مباراة في جميع المسابقات، وتلقى 57 هدفا في 38 مباراة خاضها لحد الان، وهو الذي تلقى 54 هدفا في كل مباريات الموسم الماضي التي بلغت 59، وهي أرقام تدل على التراجع والإخفاق المتواصل الذي يقتضي من غوارديولا الرحيل بعد أن قال صراحة “أنا محبط”، ويفرض على الإدارة البحث عن البديل الذي سيكون من الصعب ايجاده في الوقت الراهن، مثلما سيكون من الصعب التخلي عن مدرب من حجم غوارديولا بكل الرصيد يملكه.
في المقابل لم نسمع كارلو أنشيلوتي يشتكي من الغيابات بسبب الإصابات العديدة في صفوف فريقه، رغم أنه ذهب الى مانشستر بدون أي مدافع، ومع ذلك تمكن من قلب الطاولة على غوارديولا وتحقيق الريمونتادا في الخمس دقائق الأخيرة بفضل الثقة في النفس والشخصية القوية للفريق على حد تعبيره في تصريحات نهاية المباراة، وهي نفس الشخصية التي فقدها السيتي مع الوقت، والثقة في النفس التي فقدها غوارديولا ، فبدأ يستسلم، وبدأت تقسو عليه نفس كرة القدم التي ابتسمت له لسنوات قبل أن تقسو عليه وتجعله يعيش أسوأ مرحلة في مسيرته الكروية، بعد أن رفع السقف عاليا لسنوات طويلة، تعودت فيها الإدارة والجماهير على التميز المستمر لمدرب لم يكن يعرف سوى الفوز بالمباريات والتتويج بالبطولات.
سيكون من الصعب على غوارديولا تدارك الوضع في مدريد بعد أسبوع، وسيكون من الصعب عليه الاستمرار مع السيتي في ظل الوضع الحالي، بعد أن اعترف بمسؤوليته، لكن الأصعب من ذلك هو الرحيل في أقرب وقت مكسورا و​ مهزوما، غير قادر على إيجاد الحل رغم توفره على أحسن اللاعبين في العالم، يتحملون بدورهم جزءا من مسؤولية التراجع والإخفاق الذي صار من الصعب تفسيره مع الوقت بعد أن طال أمده، وانعكس بالسلب على المعنويات والنفوس، فهل يبقى غوارديولا خطا أحمر في السيتي؟ وهل يستقيل أم يقال؟ أو يستفيق ويتدارك الوضع ويفعلها في مدريد، أم أنه استسلم للأمر الواقع بعد اعترافه بالفشل والعجز عن إيجاد الحل؟
رغم اقراره بالعجز والفشل لكن غوارديولا ليس مدربا فاشلا، ومع ذلك سيكون رحيله مفيدا له وللسيتي في الظرف الراهن رغم أن لا أحد طالبه بذلك لحد الأن تقديرا واحتراما له.

إعلامي جزائري