لماذا نشرب القهوة

mainThumb
أصبحت القهوة... أكثر من مشروب

10-04-2025 09:33 PM

السوسنة - في عالمٍ يزداد تسارعًا وضغطًا يومًا بعد يوم، تحوّلت القهوة من مجرد مشروب صباحي إلى عادة يومية، وطقسٍ شخصي لا غنى عنه. فهي ليست فقط وسيلة للاستيقاظ، بل أصبحت مصدرًا للطاقة النفسية والجسدية، وملاذًا للكثيرين في بداية يومهم.
لكن يبقى السؤال: لماذا نشرب القهوة فعليًا؟ وهل يعود ارتباطنا بها إلى تأثير فعّال في أجسامنا وعقولنا، أم هو مجرد "إدمان لذيذ" يخفي خلفه تأثيرات أعمق؟
الكافيين... المنبه السري للعقل
تحتوي القهوة على مادة الكافيين، وهي منبّه قوي للجهاز العصبي المركزي. يبدأ تأثير الكافيين عندما يمنع مستقبلات مادة "الأدينوزين"، وهي مادة كيميائية مسؤولة عن الشعور بالنعاس، مما يؤدي إلى زيادة في اليقظة والانتباه.
وقد أثبتت دراسة نُشرت في مجلة Psychopharmacology أن الكافيين يحسّن من الأداء المعرفي ويعزز القدرة على تنفيذ المهام التي تتطلب تركيزًا عاليًا، مثل القيادة أو أداء الاختبارات، كما يساهم في تقليل الشعور بالتعب الذهني.
مشروب السعادة والرضا النفسي
ترتبط القهوة كذلك بتحفيز إفراز مادة الدوبامين، وهي ناقل عصبي يعرف باسم "هرمون السعادة". هذا التأثير يجعل من كوب القهوة سببًا مباشرًا في تحسين المزاج والشعور بالرضا، وهو ما يفسر الحماسة التي يشعر بها الكثيرون عند بدء يومهم بفنجان قهوتهم المعتاد.
وعلاوة على ذلك، أظهرت بعض الدراسات أن القهوة تساهم في تقليل خطر الإصابة بالاكتئاب، بفضل تأثيرها على نواقل عصبية أخرى مثل السيروتونين، والذي يُعد عنصرًا أساسيًا في تحقيق التوازن النفسي وتحسين الحالة المزاجية.
القهوة والتوتر: علاقة معقّدة
على عكس الاعتقاد السائد، فإن القهوة لا تزيد من مستويات التوتر دائمًا. في بعض الحالات، وخصوصًا عند تناولها باعتدال، يمكن أن تساعد في الحد من التوتر والقلق، عبر تعزيز التركيز والانتباه في المواقف التي تتطلب اليقظة الذهنية.
وتشير دراسات نُشرت في Journal of Psychopharmacology إلى أن الكافيين ومركبات أخرى موجودة في القهوة مثل الأحماض الكلوروجينية – وهي مركبات مضادة للأكسدة – تلعب دورًا في تقليل الالتهابات العصبية المرتبطة بالتوتر، مما يساهم في تحسين الحالة العامة للدماغ.
عادة يومية وثقافة عالمية
تُعد القهوة اليوم واحدة من أكثر المشروبات استهلاكًا حول العالم، لما لها من ارتباط وثيق بالحالة المزاجية والروتين اليومي. في مصر والعالم العربي، ترافق القهوة جلسات الصباح، وفي الثقافات الغربية، تحتل مكانتها في الاجتماعات واللقاءات الاجتماعية.
ومع كل رشفة، تولد لحظة استرخاء وسط ضغوط الحياة اليومية، ما يجعل من القهوة أكثر من مجرد مشروب… بل تجربة نفسية واجتماعية متكاملة.
الاعتدال هو الأساس
رغم ما تقدمه القهوة من فوائد نفسية ومعنوية، يبقى الاعتدال في استهلاكها ضرورة، حيث إن الإفراط في تناولها قد يؤدي إلى زيادة التوتر أو القلق. وينصح الخبراء بأن لا يتجاوز استهلاك القهوة كوبًا أو كوبين يوميًا لتحقيق الفائدة المرجوة دون آثار جانبية.
في النهاية، قد لا يكون تعلقنا بالقهوة مجرد عادة عابرة، بل توازن دقيق بين الاحتياج البيولوجي والارتباط العاطفي.
هي "الإدمان الجميل"... الذي يرافقنا كل صباح.

أقرأ أيضًا:



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد