لواء البراء بن مالك وفداحة التهم

mainThumb

27-05-2025 02:17 AM

كتائب البراء بن مالك التي تمتلئ يداها بالمال العام، والتي عادت إلى المعارك بفؤاد مفعم بالحب، ونفس ملتاعة كلها شوق وتوق لأن تتحرك جحافلها إلى أعلى وإلى أسفل، وأن تتدفف دخولاً في "المدينة الرياضية" التي انطلقت منها الشرارة الأولى في الحرب وخروجاً منها، قد تداعت جموعها على تخوم هذه المدينة المأهولة "بقوات الدعم السريع"، حتى اكتظت بهم الأماكن على سعتها، لتمطر تلك القوات البريئة التي شيدت المساجد والمدارس والمستشفيات، وحفرت المجاري والجداول، وعمرت القناطر والقنوات، وخلفت الكثير من الآثار والأبنية، التي تشهد بأن قوات "الفريق أول حميدتي" تتهالك على الحداثة والتطور، وأنها تبتغي أن تكون عاصمة السودان مجارية ومطابقة لمقتضيات العصر الذي نعيش فيه، ولكن كتائب البراء التي طوعت لها فلسفتها هذا النحو من التصرف، أزهقت تلك الأرواح التي بذلت هذا الجهد، واحتملت هذا العناء، من أجل أن يعيش السودان نامياً ووادعاً ومستقرا.
وحتى نقول كلاماً صحيحاً خالياً من العبث والمصانعة والمداجاة، نزعم أن هذه الكتائب التي تجد وتغلو في الجد، وتذعن في حياتها لنظم تكرهها المليشيا، ويكرهها كذلك الحادب على أمر هذه المليشيا في الخليج العربي، و تبغضها تلك الطائفة التي تطوي سيئاتها، وتزخرف حسناتها، وتسعى لتغيير نواميس هذا الكون، تلك الطائفة التي لا حظ لها من عزة النفس، وطهارة القلب، وسماحة اليد، ونقاء الضمير، أهل"الاتفاق الإطاري" الذين يريدون أن ينزلوا الناس على حكمهم في جهالاتهم، وفساد تصوراتهم.
وفي الحق أن الجهاد عند كتائب البراء، عقيدة راسخة لا سبيل إلى التخلص منها، أو النزوع عنها، هذه الكتائب التي تغتبط بصخب المعارك، وهجير الشمس، ووعث الطريق، والتعثر بين أغوار الفلوات وأنجادها كما يقول أحد أدباء العربية، بذلت في سبيل هذا الوطن ما ضنّ الناس به جميعا، فقائدها الشاب الذي تبدو عليه مخايل المهابة والهدوء، يبتسم ابتسامته الهازئة، كلما طاف بسمعه أن سلطة الجيش على كتائب البراء التي توصم بأشنع التهم، مجرد سلطة اسمية، وأن هذه الكتائب التي ما زالت تنقب عن أسباب سقوط نظامها الإسلامي، وتستظهر آثاره، كان لزاماً عليها أن تستعد لتأخذ مكانها بين سائر الحركات المسلحة التي تعج بها الميادين والساحات، وأن معاركها التي تخوضها آلان، اقتحتمت حلباتها بوسائلها الخاصة، وأن" المصباح أبو زيد طلحة" زعيم هذه القوات هو رجل رفيع الخلال والكرامة، لأجل ذلك زاره "الفريق أول البرهان" في مدينة عطبرة، بعد خروج البرهان من "معمعة" القيادة العامة، ولهذا أنعم قائد القوات المسلحة ورئيس المجلس السيادي على"المصباح" برتبة "رائد" لأن البرهان يريد أن ينصف كتائب البراء التي صخدتها الشمس، وصهرتها الهواجر، ويوفيها حقها، ولأن سائسها رغم مرضه، أقبل على رياحين الفناء يشمها ويلثمها و ينعم بشذاها، هذه الحفاوة، وهذا التقدير، هو الذي جعل شذاذ الآفاق، الفئة التي لا تعرف إلا الركض في مضمار العمالة، صاحبة المواقف المخزية الشاخصة للعيان، تتحفنا بلسانها الطويل، ورأيها القصير، فقد خاضت هذه الثلة الطامعة العاجزة، في الكوكبة التي لا يقع فيها التغيير والتبديل، متهمة إياها في إفاضة ومنطق مائل، عن علاقتها الآثمة بالبربرية والغلظة والوحشية التي اغترفتها في ساحات الوغى، موضحة أن جرائمها الدموية، وثيقة حقيقية تمثل نهج الحركة الإسلامية في الشراسة والعدوانية، معربة عن تغول هذه الكتائب التي "باتت تبتز القوات المسلحة، وتتناسل يوماً بعد يوم، مكونة جيشاً بعد جيش، مما يشكل خطراً حقيقياً ويطيل أمد الحرب كما جاء في استطلاعات موقع رصيف 22". تلك الإفادات تصور هذه الكتائب بأنها جماعات تدفقت في الشر بعد أن أعمتها الشهوات، ولوثتها المطامع، وهي لعمري على النقيض من كل هذا، هي ناجمة لاح عليها وعثاء السفر، وعلق الثرى بأسمالها البالية، بعد أن انخرطت في جبهات القتال منذ نشوب الحرب، فالكتائب التي أهملت جسدها أن تتعهده بالعناية لأنها أمضت زهاء العام ونصف تذب عن "سلاح المدرعات" وغيرها من وحدات الجيش ومعسكراته، هذه الزمرة التي لها أثر متراكماً مزدحماً، لا ينهض به شكر، أو يستوفيه ثناء، لا أدري كيف نِجْدُ عليها، ونتنكر لها، وهي التي تصدت للمدافع الماحقة، والبنادق الساحقة، التي صوبتها مليشيات الدعم السريع تجاه جيشاً تترصده الأنظار، وتتسقطه العقول، وعلى شعب ما زال غير قادر على استظهار مفردات الغدر وتراكيبه.
أما بعد، فإن كتائب البراء بن مالك التي استشهد جمعاً غفيراً من أفرادها، وفارق هذه الحياة، لا نكاد نمضي في قراءة سيرة هذه النخبة المختارة حتى يأخذنا الإعجاب، فكل شهيد منها كان ملتاعاً مرتاعاً مشفقاً، ألا يعرف السودان نظاماً ولا استقراراً في ظل هذه المليشيا التي لا تعرف حقوق هذا الشعب الكريم، ولا تعرف واجباته، لأجل ذلك سلكت هذه النخبة ما تستطيع من سبل، رفقة بنا، واشفاقاً علينا، من أن تبسط هذه القوات المارقة سلطانها علينا، فتسومنا الخسف والهوان.
كتائب البراء، التي نطمع أن نسير في إثرها، ازداد عددها حتى أوشك أن يفوق "الفيلق" لأنها أشد الكتائب المجاهدة نشاطاً، وأكثرها فداءً، وأعظمها
تأثيراً في حياتنا الحافلة بالبلايا والمحن.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد