زائر متحف يأكل عملًا فنياً بـ6 ملايين دولار

mainThumb
امرأة تشاهد عملا فنيا بعنوان "كوميديان"

20-07-2025 10:39 PM

السوسنة - أفادت إدارة متحف "بومبيدو ميتز" في شرق فرنسا بأن أحد الزوار أقدم، نهاية الأسبوع الماضي، على تناول ثمرة موز كانت جزءًا من عمل فني شهير للفنان الإيطالي ماوريتسيو كاتيلان، وذلك خلال معرض "Dimanche sans fin" المُقام في المتحف.
وذكر المتحف أن الحادثة وقعت يوم السبت، حيث تدخّل موظفو الأمن "بسرعة وهدوء" بعد أن أكل الزائر الموزة، والتي كانت مثبتة على الحائط باستخدام شريط لاصق فضّي، ضمن العمل المعروف باسم "كوميديان". وأكدت إدارة المعرض أن إعادة تركيب العمل تمت خلال دقائق، وذلك استنادًا إلى تعليمات الفنان التي تنص على استبدال الموزة باستمرار نظرًا لطبيعتها القابلة للتلف.
الفنان الإيطالي ماوريتسيو كاتيلان، الذي بيع عمله الفني العام الماضي مقابل 6.2 ملايين دولار في نيويورك، أعرب عن خيبة أمله، وقال تعليقًا على الحادثة: "تناول الزائر الفاكهة فقط، ولم يأكل القشرة أو الشريط اللاصق".
يُشار إلى أن هذا العمل الفني أثار جدلًا عالميًا منذ عرضه الأول في معرض "آرت بازل" بمدينة ميامي بيتش عام 2019، حيث شكّلت فكرة لصق موزة على الحائط بلغة ساخرة تناقضًا صارخًا يعكس واقعًا باتت فيه موزة واحدة تُباع بثمن خيالي، بينما يواجه ملايين الأشخاص حول العالم الفقر والجوع.
وجذبت الحادثة اهتمامًا واسعًا لدى المهتمين بالفن المعاصر، لا سيما أن العمل يُصنّف ضمن ما يُعرف بـ "الفن المفاهيمي"، الذي يطرح تساؤلات حول ماهية الفن وقيمته، ويسخر من سوق الفن والنخب الثرية. وكان الفنان كاتيلان قد صرّح سابقًا أن "كوميديان" يُعد تعليقًا ساخرًا على سوق الفن الذي يتعامل مع الأعمال كسلع استثمارية تتضخم أسعارها بصورة خيالية دون أن تخدم الفنان فعليًا.
وسبق أن قام الفنان ديفيد داتونا عام 2019 بتناول "كوميديان" في معرض ميامي قائلًا: "كنت أشعر بالجوع"، فيما أثارت الحادثة الحالية تساؤلات مشابهة حول حدود التفاعل مع العمل الفني ومكانة الجمهور فيه.
وقد حاول بعض النقّاد إضفاء رمزية على الموزة المثبتة على الجدار، حيث رأى مالك معرض بيروتين (ممثل كاتيلان) أنها تُعبّر عن التجارة العالمية، بينما رأى آخرون أنها ترمز إلى الاتحاد السوفياتي القديم من خلال تشبيه الشريط اللاصق بالمطرقة والموزة بالمنجل، أو حتى إلى اضطهاد "جمهوريات الموز".
لكن الفنان كاتيلان استقبل هذه التفسيرات بسخرية، وقال: "الموزة ليست سوى موزة"، في إشارة إلى بساطة الفكرة وخلوها من أي ادّعاء رمزي مباشر. واعتبر مراقبون أن تفاهة المظهر هي بحد ذاتها رسالة فنية، فجوهر العمل يتمثل في تحويل شيء اعتيادي إلى رمز يفتح باب الأسئلة حول الفن والابتكار والمعايير.
منذ ظهوره الأول، تجاوز العمل الفني حدود قاعات العرض ليتحول إلى ظاهرة إعلامية، حيث انتشرت صوره عبر الإنترنت وأصبحت مادة ساخرة وميمز على نطاق واسع. ووصفت صحيفة نيويورك بوست الحدث بعبارة ساخرة: "الأمر صار موزًا... عالم الفن فقد عقله"، في إشارة إلى تجاوز العمل للمنطق التجاري التقليدي.
ومع ذلك، دافع عدد من المختصين عن "كوميديان"، مؤكدين أن بساطته تمثل استفزازًا متعمّدًا يفتح النقاش حول مفهوم الفن، وأن الضحالة الظاهرية تكتسب عمقًا فنيًا خاصًا، حيث تتحول الفكاهة إلى أداة نقدية تكشف هشاشة السوق والاهتمام بالمظاهر.

اقرأ ايضاً:



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد