من ضمير الشعوب العربية إلى بناء المستقبل
لنسأل أنفسنا بصراحة: ماذا حصدنا من الثورات؟ الاقتصاد يترنح، المجتمعات منهكة بالانقسام، والقرار العربي عاجز أمام التحديات الكبرى. هذه الأسئلة ليست ترفًا فكريًا، بل جرح مفتوح في جسد الأمة، يفرض مراجعة الطريق. فقد خلفت الثورات وراءها اقتصادًا منهارًا، بطالة متصاعدة وصلت في تونس بعد الثورة إلى نحو 15%، موازنات خاوية، وعملات فقدت قيمتها، كما حدث في السودان حيث انهارت الجنيه السوداني بنسبة تجاوزت 80% منذ 2018، وازدادت معاناة المواطن اليومية.
حتى في مواجهة العدوان الإسرائيلي على بعض أراضينا، ظهر العجز وانكشفت هشاشة القرار العربي، كما في الحالة السورية، وهكذا وجد المواطن نفسه محاصرًا بين الإحباط واليأس واضطراب الهوية.
تزيد المرحلة صعوبة تداخلها بالفتن والأزمات وضيق هامش المناورة؛ فلا تحتمل مزيدًا من الانقسام أو صدمات عنيفة تُلقي بالمنطقة في الفوضى. الطريق الآمن ليس في الانفجار العاطفي، بل في إصلاح متدرج يحافظ على الاستقرار ويفتح الباب لتغيير عميق ومستدام.
الشعوب العربية ليست متفرجة على مسرح التاريخ، بل هي قادرة على أن تكون مخرجة لمستقبلها. المطلوب اليوم استنهاض الضمير الوطني والهوية العريقة لطاقة البناء والإصلاح، بعيدًا عن التجارب العنيفة التي لم تخلّف سوى الخراب. فالمسار الأجدى هو إعادة بناء الداخل، بخطوات عملية تردّ للدولة قوتها، وللمواطن كرامته.
أساس الإصلاح يكمن في تعديل السياسات الاقتصادية والاجتماعية والقانونية بعقلانية وتدرج، بما يضمن الاستقرار ويحول دون الانهيار أو الانزلاق نحو الفوضى. المشاركة المدنية والسياسية ضرورية؛ فتمكين المواطن من القرار والمساهمة الفاعلة في المجالس المحلية والوطنية يجعل الدولة مرآة لضمير الأمة ويعيد الثقة المفقودة بين الشعب والحكم.
ولا قيام لإصلاح حقيقي دون التعليم والوعي. فتنمية فكر الشباب وثقافتهم تصنع جيلًا رشيدًا قادرًا على قيادة التحول بشكل سلمي ومستدام. أما الضغط السلمي، من حملات توعية إلى مبادرات قانونية واحتجاجات منظمة، فهو الضمانة لإحداث التغيير دون دماء أو تعطيل للمؤسسات، ويذكّر بأن أي اندفاع عنيف لن يقود إلا إلى خسائر مضاعفة.
الاقتصاد هو العمود الفقري للسيادة. الفرص العادلة، تحسين المعيشة، وتنمية الموارد الداخلية كلها تعزز قدرة الدولة على الصمود وتقلل التبعية للخارج. وفي عصر التكنولوجيا، باتت المنصات الرقمية ساحة للحوار وصناعة الحلول، وهي دليل على قدرة الشعوب على التنظيم الذكي والتحرك الجماعي.
النموذج الأردني في التحديث الاقتصادي أظهر كيف يمكن الجمع بين إصلاح مالي وإداري، تطوير البنية التحتية، وجذب الاستثمارات، دون المساس بالاستقرار السياسي والاجتماعي. بينما تونس قدّمت مثالًا على انتقال سياسي واجتماعي شاق، حيث بلغ وعي المجتمع ذروته، لكنه تعثر أمام الأزمات الاقتصادية والسياسية.
التجربة السودانية تكشف الوجه الأكثر مأساوية عند غياب التوافق الوطني، فثورة الأمل تحولت إلى صراع مسلح أطاح بأحلام الاستقرار، وأدخل البلاد في انقسام دموي يعصف بالاقتصاد والمجتمع معًا. وفي ليبيا، ترك إسقاط النظام فراغًا سياسيًا وأمنيًا تحوّل إلى صراع بين مراكز قوة متناحرة، لتبقى البلاد رهينة التدخلات الخارجية وانعدام المؤسسات. ولا يقل الوضع في اليمن سوءًا، حيث الحرب المستمرة منذ 2014 أدت إلى أزمة إنسانية حادة، ونزوح ملايين المدنيين، واقتصاد متدهور بنسبة تضخم تجاوزت 50%، ما جعل المواطن اليمني يعيش حالة حرجة من الفقر والجوع المستمر. هذه النماذج تؤكد أن التغيير الفوضوي لا يبني أوطانًا، بل يتركها أكثر ضعفًا أمام التحديات.
آن للشعوب العربية أن تلتفت إلى ذاتها، تاريخها العريق وضميرها المتجذر، لتستعيد قوتها بالإصلاح الذاتي والبناء المؤسسي. فالطريق نحو الكرامة والحرية لا يُشق إلا من الداخل: وعي متجدد، تعليم متين، مشاركة واعية، واقتصاد مستقل.
إنها رحلة طويلة لكنها ليست مستحيلة، رحلة تسترد للعربي مكانته وكرامته، وتفتح أمام الأجيال القادمة أفقًا مضيئًا، يروي لهم أننا لم نكن ضحايا عابرة للأزمات، بل بناة للغد وحراسًا للحياة.
فلسطين تهزم قطر في افتتاح مشوارها بكأس العرب 2025
المالية النيابية تناقش موازنة وزارة الطاقة والثروة المعدنية والدوائر التابعة لها
الفيفا يكشف جدول مباريات كأس العالم 2026 في بث مباشر السبت
معالي الأخ جمال حديثه الخريشة .. وداعاً
وزير العمل: التدريب المهني يعادل الدبلوم الصناعي
جلالة الملك يعود إلى أرض الوطن بعد زيارة خاصة
البعد الانساني لحق المواطن في رصيف أمن
اتفاقية تعاون بين الكلية الجامعية وأكاديمية أجيال الغد
من "اقتصاد الوعود" إلى "اقتصاد التنمية الحقيقية", المدن الوهمية مثالا
البحث العلمي والابتعاث… دوائر لا تزدهر إلا بالحوكمة
ترامب: من المهم جدا أن تحافظ إسرائيل على حوار مع سوريا
الإنفلونزا تهديد صامت في الأردن بلا بيانات دقيقة
8 مقاعد لصحفيي الأردن في بعثة حج 2026
مدعوون لاستكمال إجراءات التعيين .. أسماء
الحكومة تدعو مئات المرشحين لحضور الامتحان التنافسي .. أسماء
الأردن يستورد زيت زيتون لسد النقص المحلي
رقابة إلكترونية على إنتاج وتوزيع الدخان
شغل الأردنيين .. معلومات عن الروبوت الذي شارك بمداهمات الرمثا
ألفابت تنافس إنفيديا وأبل ومايكروسوفت في سباق القيم السوقية العملاقة
ترامب يطلق مبادرة جينيسيس ميشن لتسريع الأبحاث بالذكاء الاصطناعي
بيان تفصيلي حول عملية المداهمة في الرمثا .. قتلى واصابات
زين تتفوق في تبني قيمة البيانات المؤسسية
تواصل الهطولات المطرية خلال الساعات القادمة بهذه المناطق
العقبة للتكنولوجيا تستضيف وفد هيئة الاعتماد وضمان الجودة خلال زيارة ميدانية
الجزائر .. 122 فناناً يشاركون بالمهرجان الدولي للفن التشكيلي
البلقاء التطبيقية تبحث التعاون الأكاديمي والتقني مع بيرسون العالمية


