لماذا أخفقت العقلانية العربية
هل هناك عقلانية توصف بمحليتها «عربية» أم أن العقلانية حالة لا أرض لها إلا المناخ الذي تنشأ فيه وتتسم ببعض سماته العامة التي لا تشكل إلا خصوصية مظهرية، لكن الجوهر يظل هو نفسه؛ أي الخروج من العقلية الخرافية والأسطورية التي تثبِّت الأشياء في أمكنتها وترفض أي تحريك لها، وكأن التاريخ البشري تم إنجازه وانتهى؟
العقلانية هي التي سمحت لأوروبا بالتقدم بعد أن حجمت هيمنة الكنيسة ووضعت الدين في مكانه الطبيعي؛ إلى الخانة الذاتية والفردية، وأخرجته من دائرة الحسابات السياسوية والسلطوية.
كيف نتحدث عن هوية عربية للعقلانية وهي ما تزال محكومة بنقيض العقلانية، أي الدين، لا كقناعة ذاتية ولكن كنظام سياسي مجتمعي في الكثير من قوانينها وضوابطها؟ لم توجد في العالم العربي عقلية أتاتوركية تهز الثابت بعنف، وترجع للدين صفته النقية الروحية المتجلية في داخل الإنسان وفي أعماقه الغنوسية Agnostique، أي تلك التي تدرك سلفاً أن قضية إثبات وجود الله أو غيرها من السجالات الفلسفية لم تعد انشغالاً فلسفياً أو حياتياً بالنسبة لها. إن سؤال الفصل بين الحكمة؛ أي المعرفة البشرية والشريعة- المشروع الذي نادى به ابن رشد في وقته في كتابه «فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال»، لم يطرح عربياً ولا إسلامياً حتى للتفكير منذ ذلك الوقت. طبيعي أن تفشل أية تجربة عقلانية في التسيير أو في أنماط التفكير، لأنه يصبح من مهامها تحقيق وظيفتين صعبتي المنال: تحقيق علمانية لم تتم في فصل الدين عن الدولة من حيث الوظائف وليس القناعات الذاتية؛ يمكنني أن أكون مسلماً في مجتمع علماني لا يحارب الدين، لكن يضعه في دائرته الطبيعية ويمنع من استغلاله سياسياً أو أيديولوجياً من طرف سماسرة التسلط والحكم. في اللحظة التي تمنع فيها هذه العلمانية المواطن من الذهاب إلى المسجد لأداء صلواته أو مصادرة احتفالاته الدينية، تصبح رديفاً لدكتاتورية تجب محاربتها. لكن من حق العلماني أيضاً، الذي اختار أن يعيش خارج الدين مع احترامه لمن يختلف عنه، أن يعتبر كائناً طبيعياً. قد يبدو الأمر مثالياً وربما صعباً في مجتمعات تشكلت على الرؤية الأحادية المفرطة في غياب أي تأمل أو نقد. المشكلة أننا منذ أكثر من 15 قرناً، نكرر نفس الخطابات اعتماداً على مقولات «السلف الصالح» الذي ملأ عصره ثقافياً وفكرياً، وحل معضلات وجوده وصنع حضارته. نعالج مشكلات العصر بخطابات الماضي، بما في ذلك الجانب الديني والفقهي، وكأن عصرنا عاجز عن إنتاج معارفه بمعناها الشمولي بما في ذلك الدينية. المعضلة أن «عقليتنا» أصيبت بالعمى الكلي واختارت تعليق مشكلات الحاضر على خطابات لم تنجز لها. عصرنا معقد جداً؛ عصر الهيمنة الغربية الشمولية بمعناها الاستعماري، الصهيوني بامتياز. عصر التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي اللذين يسخران اليوم لتكميم الأصوات الحية وقتل أية مقاومة، وتصيد البشر في حميمياتهم، والإجهاز عليهم خارج أي أطر دولية تحكم البشر (حرب الاحتلال الصهيوني في غزة، إيران، لبنان، سوريا…) عصر النفط العربي ونهب خيراته، المعتمد على الترعيب والقوة، وتجفيف العالم العربي من أي بذرة يمكن أن تقود إلى الحياة مستقبلاً.
رهان الصهيونية قد نشرته مراكز أبحاث الاحتلال: تدمير العالم العربي كلياً La destruction totale du monde arabe. وكل ذلك يمر عبر الهيمنة على الخيرات العربية وعلى تأويل الدين بالشكل الذي يخدمهم؟ هناك مراكز صهيونية تخرج سنوياً عشرات الأئمة والفقهاء المسخرين لتدمير روحانية الدين وتحويله إلى أداة إبادة ذاتية من خلال إرهاب صنّعوه ووطنوه في العالم العربي مستغلين الضعف الثقافي العربي وهيمنة الوازع الديني على الغالبية العظمى من العرب والمسلمين.
نعلم اليوم بشكل دقيق ومن خلال الوثائق أن «القاعدة» التي سمحت بتدمير الاتحاد السوفياتي وقدمت خدمة جليلة للإمبريالية والصهيونية قبل أن توجه سهامها للداخل؛ للعالم العربي، ثم تخريبه وتمزيقه في العمق، بحجة دين راديكالي لا علاقة له بإسلام التسامح الذي عرفه العالم العربي. و»داعش» التي تم اختبار نجاعتها التدميرية في سوريا والعراق وليبيا، بينت أنها الوجه الأكثر ظلمة في سياسة الصهيونية التدميرية، فأغرقت العالم العربي في برك لا حد لها من الدم بشكل مجاني وأرجعته إلى الوراء، وأوقفت أية تنمية ممكنة. مست أوروبا، لكن ذلك يكاد يكون من قبيل «الضربات الصديقة» لتبرير صفة الإرهاب لوحش ساهمت في صنعه وتركيبه.
الوثائق والدراسات تبين أن ما كان ينسب لنظرية المؤامرة أصبح حقيقة مرة. ماذا بقي اليوم من مشرق العالم العربي؟ لا شيء. لا قوة رادعة. سماء مسروقة وأرض تقضم لإنجاز وهم الشرق الجديد بالمعنى الديني الخرافي. كيف نواجه هذا كله؟ كيف نواجه عصراً لا نفهم مطلقاً مرتكزاته. نحن خارج التكنولوجيا وخارج مراكز الأبحاث التي تنتج لنا الوحوش المناسبة لتدميرنا. اليوم، من يغذي الذكاء الاصطناعي الذي سيقودنا حتماً نحو نظمه وتفكيره؟ أي تفكير بديل نغذي به هذا القِدر العملاق الذي يغلي بأطعمة ومواد لا نعرفها مطلقاً ومضطرون لالتهامها جاهزة؟
الذكاء الاصطناعي لا ينطق إلا بما منحنا له من معارف؛ أي أنّ المجتمع العربي، وربما أمم أخرى، ستجد نفسها خارج مدارات هذا العصر والعصر القادم. حالة العجز التي يعاني منها العالم العربي لها أسباب ظاهرة وخفية إذا لم يتوجه لها ستظل عائقاً حقيقياً لأي تطور.
الدين أمر أساسي في المعادلة ويجب عدم تركه للآخرين يعبثون به للمزيد من التجهيل. عندما يخرج الدين من المعادلة السياسية والسلطوية ويعود إلى خصوصيته الروحية، ستخسر الصهيونية وسيلة مهمة للتدمير الداخلي للعالم العربي. ولا غرابة إذا قلنا إن الزمن العربي لا يتحرك، وإذا تحرك لا يفعل ذلك إلا لمزيد من التقهقر إلى الوراء، لأنه يتفادى طرح أسئلته المعقدة، ومنها المسألة الدينية. فكل ما يحدث فيه يؤكد ذلك. لنتخيل معاً مقدار الغرابة التي قد تصل أحياناً إلى أقاصيها التي لا تطاق، وإذا تحملناها فهذا يعني أن شيئاً مهماً فينا قد مات. ننزعج طبعاً عندما نتحدّث عن تخلفنا الصعب، وكنا نعرف بشكل صارم وجدي أن الخروج منه يقتضي بالضّرورة استنفاراً حقيقياً لكل الوسائل العقلية وتأملها عن قرب وتحديد الخيارات الاستراتيجية. فالتخلف ليس مرتبطاً دائماً بالفقر أو الحاجة بالمعني المادي للدول. الكثير من الأمم الغنية فقيرة في حياتها اليومية، وشعوبها تموت يومياً بالمئات وربما بالآلاف بسبب الإهمال والأمراض والجريمة الموصوفة. المشكلة الجوهرية ليست في الغني والفقر، على قيمتها، ولكن في الخيارات الاستراتيجية. لنا أن نتساءل اليوم كيف خرجت تركيا من تخلفها المدقع؟ وبعض دول جنوب شرق آسيا: ماليزيا واندونيسيا وبروناي…؟ ربما حصلنا على بعض جواب.
سبتمبر يشهد سباقًا تقنيًا بين سامسونغ وهواوي وآبل
سلطة منطقة العقبة الخاصة تتفقد مشروع واحة أيلة
شهيد برصاص الاحتلال في مخيم بلاطة في نابلس
استمرار دوام أسواق المؤسسة المدنية يومي الخميس والجمعة
البرلمان الأردني حصن الإرادة الوطنية وركيزة النظام السياسي
منصّة زين للإبداع تعقد ورشة عمل حول صناعة المحتوى المؤثر
جاكوار لاند روفر تتعرض لهجوم إلكتروني يربك إنتاجها
دعم نقدي للعودة الطوعية للاجئين السوريين من مخيمي الزعتري والأزرق
الاردنية: مجموعة بحثيّة دّوليّة التّواصل بين الثّقافات
شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة الخلاف مع محاميها
المولد النبوي: وهج الرحمن الذي أضاء دروب الإنسانية
مُعدل ترخيص السوَّاقين يُلزم سائقي النقل العام والطلاب بتصريح سنوي
أمازون تطلق ميزة جديدة لتعزيز تجربة التسوق الذكي
دعوة لمواطنين بتسديد مستحقات مالية مترتبة عليهم
مثول عدد من الأشخاص بينهم النائب اربيحات أمام مدعي عام عمان
أول رد من البيت الأبيض على أنباء وفاة ترامب
عمّان: انفجار يتسبب بانهيار أجزاء من منزل وتضرر مركبات .. بيان أمني
رسمياً .. قبول 38131 طالباً وطالبة بالجامعات الرسمية
قبل صدور نتائج التوجيهي اليوم .. تعرّف على كيفية حساب المعدل
ادعاءات باطلة من لندن في قضية إربيحات
ترقيات وتعيين مدراء جدد في التربية .. أسماء
مهم لمالكي العقارات بشأن اشتراط وضع سارية علم
الاحتلال يزعم اغتيال أبو عبيدة
وظائف شاغرة ومدعوون لإجراء المقابلات الشخصية .. أسماء
تقدم مشروع الناقل الوطني وإنجازات جديدة بقطاع المياه
عطا الشمايلة … عفوية تقهر قسوة الحياة .. فيديو